المؤامرة …
بقلم الكاتبة هيام حسن العماطوري /سورية
وبعد ان انقضى من الاعوام عام .. عشت خلالها نعمة الارتقاء والسلام ..فقد كانت أيدي خفية تحبك مؤامرة في الظلام. .
وليلة دهماؤها حالكة …من النجوم المرصعة رداؤها القاتم حابكة…غاب فيها قمري . .وانطفئت شمعة من مخدعي .. رحلت عني راحة البال ..واستولى علي ّ الإنشغال …حدثتني وجيدة عن منام .. عانيت من جرائه الويل …ضاق بي الدرب والسبيل …كأني أسقط من حالق …في حفرة ٍ من الهم …مضرجاً رأسي بالدم …ها قد ذهب نور الصباح.. . و عمت العتمة فهجع القوم واستراح.. إلا أنا وجدت بصدري خيول ٌ ترمح… و تساؤلات ٌ وتُهم ٍ طعانها تجرح ..وتراكمت برأسي الأحمال ..وحالي غير ما كان الحال ..سألتني وجيدة عما يضنيني وعلاما القلق في المقل قد لاح ….؟
وا وجيدة يبدو أن لي أعداء تبدوا اليوم في الساح …ينونون انكساري يتهكمون دون إفصاح .. و لشد ما يقلقني ينصت لقولهم الحاكم و يأذن لهم بالسماح. ..لا تجزع الحارثة با ابن عمي إن غابت عن الحاكم مآربهم بما يوشون فإن للغد صباح.. ويظهر الحق جلياً كما الفجر يطلع في المراح …توكل على الله فنم الآن … ولسوف يهديك الى الحل الرحمن …تفكرت بالأمر ملياً كيف يصدق الحاكم دعواهم ؟.. وتضرعت أناجي رب السماء ..أنشد بنجوى حرة .. وكيف أثبت برائتي دون ندامة … فالوزير السابق مسعود لف حبله حول عنقي بما يمس الكرامة …ماذا أقول ياويلتي قوم ٌ ابتليت بهم شيمتهم الخيانة.؟… رميت أحمالي المضنية على رب غفور … وحزمت أمري لمواجهة خصم ٍ جسور ..فأستأذنت بالدخول .. وطلبت من الحاكم أمامه المثول ..هيأت نفسي للأسوء من الاخبار ..فقد تكون أخر ايامي بالديار ..مولاي الحاكم لن أدفع عني البلاء …إن كنت لا ترى مني رجاء ..ردّ بمهابة المقهور ..لست أصدق عنك هذا الثبور ..هات ِ وأسمعني حقيقة الأمور ..مولاي أنا كنت دوما ً عند حسن ظنك ..وما أرتكبت معصية لله لأن أخافه قبل أن اخافك فإني مغدور ..سمعت أنك دخلت مخدعي … وتناولت بالسوء أهل بيتي وأعتليت مضجعي … فماذا تقول ؟ ..قبل ان أخرج عن طوري وحفيظتي تثور .. علمت بأمرك مولاي أن مولاتي المصون تطلب دواء وخشيت ان تنقطع ذربتك فنخرج من الدنيا بغير سند الأبناء … فدخلت مع بعض الجواري … وكشفت عن سبب التأخر بالإنجاب .. ثم وصفت لمولاتي خليطاً من الأعشاب ..
وتبدو الوشاية محاكة بإتقان حتى تبعد ثقتك عني والأمان .. لن أقسم إني ما فعلت الخطيئة ولا أرجو البراءة بالحلفان ..لكن سأثبت ذلك بالدليل القاطع والبرهان ..فما لبثت أن طلبت الجارية السوداء مرة . . وطلبت أن تحضر ثوب مولاتي المزخرف في الصرة ..فلا تنكر أنها تلفحت به بليلة حارة .. وكان أن وصلها بالود وزيرك الأسبق مسعود .. وأكال لها فضةً وذهباً ووعود …لتنام في مضجعك مولاي فتشهد الجواري بأن وزيرك الحارثة قد خان … وما وشى به بحقي كذب ٌ وبهتان … فأضمر لي الشر .. وكم مرة ٍ كشفت سره وأثنيته عن مزاعمه وسترته ..فتجاوز الحدود …لم يكترث وأبى مني النصح و الصدود ..إذاً أحضروا الجارية مرة بالحال .. وصلت و عينيها تشع كالجمرة ..تخفي فعلتها بدمعة حرة .. وتواري كذبتها بإفتراء تتوسم عفواً … وتقول : أعفو عني مولاي هذه المرة ..نطقت بالحق فظهرت برائتي ناصعة ثرة .. وتحت إلحاح الحاكم اعترفت بأن الوزير مسعود وراء هذا الإتهام ..فحكم عليها وعليه بالسجن أعوام وأيام ..فكان الحاكم مدين لي بالأعتذار .. وزوجه لا علم لها بما أضمرته لها يد الأشرار … ولكن من حكمة الله القدير حين استخرته للخلاص سخر لي الأقدار .. فقدمت القاعة عيونها بالمسرة تشع نار . وافته بخبر أن الاعشاب قد نفعت للحمل والدوار .. وولي العهد سيحل قريبا بعد سنوات إنتظار ..فلم يدري كيف يكافئني فقال: إن مافعلته لي ولزوجتي فاق كل مقدار .. أطلب ما تشاء ولك في قلبي أمانا ًوإختيار ..قلت ..وصلني حقي مولاي فلا أريد غير السلامة ..وتكفيني محبة ربي علامة ..وكنت أستأذن بالمغادرة فالديار اشتاقت لاهلها. . فأرجو أن تأذن لنا بالرحيل ..طاب بينكم المقام .. ولكن القلب ناره في اضطرام …حسناً وزيرنا الحارثة لك ما شئت .. على أن تعود قبل ولادة ابني دولامة .. و هكذا ودعت القصر بأهله على أمل العودة في الميعاد .. فماذا خبئت لي الأقدار غير النوى والبعاد .. شددنا أمتعتنا للرحيل .. وتزودنا بطعام ٍ وماءٍ لسفرٍ طويل …أمر الحاكم أن يرافقنا بعض الحراس .. خشية من أذية بعض الناس …فكان بإنتظاري أمر ٌ لا على البال ولا على الخاطر ..إلتقينا بطريقنا ما احتسبناه من السوء.. فكيف خرجنا من براثنهم و بما اليوم نخاطر ؟؟..كونوا معنا في الرحلة …فلم تنتهي بعد الحفلة ..أناشدكم الدعاء فقطاع الطرق توعدوا موتي علانية و بالخفاء ..القاكم بخير وسلام ..فعسى أن تدور لحظنا عجلة الأيام ..أستودعكم رب رحيم .. دعوة من قلب سقيم ..الى اللقاء…