اخبار عربية

بالجمعية المصرية للقانون الدولي

محاضرة بعنوان " حرية الملاحة البحرية في المضايق الدولية "

بالجمعية المصرية للقانون الدولي
محاضرة بعنوان ” حرية الملاحة البحرية في المضايق الدولية ”
كتبت نجوى رجب

أكد د مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي ورئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي – أن مشاكل البحار وقانونها كانت تعتبر البداية لظهور القانون الدولي كله ، وتعتبر الباعث الأول على قيامه ، مشيرا إلى أنه منذ ثلاثة قرون بدأت منازعات المنافسة على البحار بين من ينادون ببحار مفتوحة لكل الشعوب ، وبين من ينادون بتقسيمها وتوزيع السيطرة عليها بين الدول .

ونوه ” شهاب ” خلال فعاليات الندوة التي عقدت مساء أمس السبت بمقر الجمعية المصرية للقانون الدولي بعنوان ” حرية الملاحة البحرية في المضايق الدولية ” أن المضايق دائما كانت تمثل حجر الزاوية في أي نظام قانوني للبحار ، وذلك بسبب التعارض في المصالح بين الدول الملاحية الكبري التي تود أن تري هذه المضايق مفتوحة للملاحة الدولية بدون أي قيد ولا شرط ، وبين الدول الساحلية المطلة على المضايق التي تريد لإعتبارات أمنية وإقتصادية وتقنية ، أن تكون هناك بعض القيود والضمانات عند مرور السفن الأجنبية بهذه المناطق الحيوية .

وأشار – أن كفالة حرية الملاحة في المضايق المستخدمة للملاحة الدولية مبدأ مستقر في العلاقات الدولية والقضاء الدولي ، لافتا إلى أن محكمة العدل الدولية في قضية مضيق ” كورفو ” عام ١٩٤٩ بشأن النزاع بين إنجلترا وألبانيا حول نظام المرور في المضيق ، أكدت أن المضيق يعتبر مضيقا دوليا ، إذا كان يصل بين جزئين من أعالي البحار ، ومستخدما في الملاحة الدولية ، وأن مثل هذا المضيق يكون في وقت السلم ، مفتوحا لكافة السفن ، بما فيها السفن الحربية ، دون ما حاجة إلى إذن مسبق بالمرور من الدولة الساحلية ، مؤكدا أن هذه السفن تلتزم بأحكام نظام المرور البرئ عند مرورها المضيق .

وتابع – شهاب من خلال ورقة بحثية – أن هناك عدد كبير من المضايق قد تم تنظيم آمور الملاحة فيها بمقتضي اتفاقيات دولية خاصة ، نظرا لأهميتها للملاحة الدولية ، أو مواقعها الإستراتيجية ، مثل مضيق ماجلان ، ومضيق جبل طارق ، ومضيق البوسفور، والدردنيل ، إلا أن قضية التنظيم القانوني العام للملاحة في المضايق أحتل أولوية في مناقشات مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار ، وكان محل مساومات طويلة بين مجموعة الدول المشاطئة للمضايق ومنها ” أسبانيا ، المغرب ، مصر ، اليمن ، اليونان ، إيران ” ومجموعة الدول الملاحية الكبرى المستخدمة للمضايق ” الولايات المتحدة الأمريكية ، الإتحاد السوفيتي ، كندا ، إنجلترا ، اليابان ”

وقال – قد وضع منذ بداية أعمال المؤتمر حرص المجموعة الثانية على إقرار نظام يكفل الحرية الكاملة للملاحة في المضايق المستخدمة للملاحة الدولية ، بإعتبار أن نظام المرور البرئ للملاحة في هذه المضايق الذي أخذت به إتفاقية عام ١٩٥٨ ، لم يعد – من وجهة نظر هذه المجموعة – كافيا أو مناسبا ، خاصة بعد إقرار مبدأ إتساع البحر الإقليمي إلى ١٢ ميل بحري ، وقد ذكرت دول هذه المجموعة أن أعمال نظام المرور البرئ في هذه المضايق ، أدي إلى إعاقة الملاحة ، مشيرا إلى أن الدول المطلة على المضايق كانت تسمح لنفسها بحجة الدفاع عن أمنها وسلامتها ، بمراقبة مرور السفن الأجنبية والتفرقة بين هذه السفن ، على أساس العلم الذي ترفعه أو وجهتها أو طبيعة السفينة وحمولتها كما أضافت هذه الدول أن نظام المرور البرئ لا يتضمن حقا لممارسة الملاحة الجوية فوق البحر الإقليمي ، منوها إلى أن هذه المجموعة ظلت تضغط على الدول المشاطئة للمضايق ، وتعمل على إستقطاب دول نامية أخرى إلى جانبها ، لافتا إلى ان الدول المتضررة قامت بتقديم عدة مقترحات تدور كلها حول ضرورة كفالة ” المرور الحر ” لكافة السفن التجارية أو الحربية ، في الوقت الذي جاهدت فيه الدول المطلة على المضايق للإبقاء على نظام ” المرور البرئ ”

وأوضح أن مجموعة الدول العربية كانت منقسمة أثناء أعمال المؤتمر بشأن النظام القانوني للملاحة في المضايق نظرا لإختلاف ظروفها الجغرافية ، فبينما كانت تدافع بعض الدول بشده على نظام المرور الحر مثل العراق والسعودية ودول الخليج العربي بصفة عامة ، وذلك ضمانا لحرية مرور ناقلات البترول وخشية تحكم إيران في الدخول في مضيق هرمز أو الخروج منه ، خاصة بعد إحتلالها لجزر طنب الكبري وطنب الصغري وأبو موسي ، كانت دول عربية أخرى مشاطئة لمضايق مثل مصر والمغرب واليمن تدافع عن نظام المرور البرئ ، خاصة فيما يتعلق بمرور السفن والطائرات الحربية حماية لأمنها ودفاعا عن سلامتها .

وبين – أنه على السفن والطائرات أثناء ممارستها حق المرور العابر – أن تمضي دون إبطاء خلال المضيق أو فوقه ، وأن تمتنع عن أي تهديد بالقوة أو أي إستعمال لها ضد سيادة الدولة المشاطئة للمضيق ، وأن تمتنع عن أي نشاط لا يتصل بالعبور المتواصل السريع ، لافتا إلى أن يجب على السفن المارة مرورا عابرا أن تمتثل للآنظمة والإجراءات والممارسات الدولية الخاصة بالسلامة في البحر ، وأن تمتثل للإجراءات والممارسات الخاصة بمنع التلوث من السفن وخفضه والسيطرة عليه ، مؤكدا أنه على الطائرات المارة مرورا عابرا – أن تراعي قواعد الجو الموضوعة من قبل منظمة الطيران المدني الدولية والمنطبقة على الطائرات المدنية ، وتتمثل الطائرات الحكومية بصورة إعتيادية لتدابير السلامة هذه ، وتقوم بنشاطها في جميع الأوقات مع إيلاء المراعاة الواجبة لسلامة الملاحة ، موضحا انه على الطائرات المارة مرورا عابرا أيضا أن ترصد في جميع الأوقات الذبذبة اللاسلكية المحددة من قبل السلطة المختصة المعنية دوليا لمراقبة الحركة الجوية ، او الذبذبة اللاسلكية الدولية المخصصة لحالات الشدة .

وأضاف – أن هناك حقوق للدول المشاطئة للمضيق – ومنها الحق في أن تعين للملاحة في المضيق ممرات بحرية وأن تقرر لتقسيم حركة المرور حين يكون لازما لتعزيز سلامة مرور السفن ، وأن تحل عندما تقتضي الظروف ذلك ، ممرات بحرية محل ممرات بحرية كانت قد عينتها في السابق ، بشرط أن تقوم بالإعلان عن ذلك .

وقال – أن للدول المشاطئة الحق أن تضع من القوانين والأنظمة ما يكفل سلامة الملاحة ، وتنظيم حركة المرور البحري ، ويكفل حماية المصالح الجمركية أو الفدائية أو المتعلقة بشئون الهجرة أو الصحة ، ويكفل أيضا منع التلوث وخفضه والسيطرة عليه وما يكفل منع الصيد .

ولفت شهاب – إلى أن هناك بعض المضايق المستثناة من تطبيق نظام المرور العابر ، وهي المضايق التي تصل بين أجزاء من أعالي البحار أو منطقة إقتصادية خالصة ، وبين البحر الإقليمي لدولة أجنبية ، والمضايق التي تكون مشكلة بجزيرة للدولة المشاطئة وببر هذه الدولة ، ووجد في إتجاه البحر من الجزيرة طريق في أعلي البحار ، أو طريق في منطقة إقتصادية خالصة ، يكون ملائما بقدر مماثل من حيث الخصائص الملاحية والهيدروغرافية ، مؤكدا أن مثل هذه المضايق يخضع وفقا لأحكام المادة ٤٥ من الإتفاقية – لنظام المرور البرئ إلا أنه مرور لا يجوز إيقافه ، مؤكدا أنه بذلك يختلف هذا النظام عن نظام المرور البرئ الذي تمارسه الدولة في بحرها الإقليمي الذي لا يشكل مضيقا حيث يمكنها أيقاف هذا المرور في أحوال وبشروط معينة .

أما بالنسبة للغواصات فلابد وهي تمارس المرور البرئ في تلك المضايق أن تعبر وهي طافية ورافعه أعلامها ، مؤكدا أن الطائرات لا يمكنها أن تمارس التحليق ، وفقا للرأي الغالب في الفقه والعمل الدوليين – إلا بإذن من الدولة المشاطئة للمضيق .

ونوه – أن النظام القانوني للمضايق والممرات البحرية جاء على سبيل الصفقة بين الدول المتقدمة والنامية ، إذ سمح لإقرار المنطقة الاقتصادية الخالصة ب ٢٠٠ ميل بحري ، بما يخدم مصالح الدول النامية ، وذلك مقابل حق المرور العابر في المضايق والممرات البحرية الذي يحقق مصالح الدول المتقدمة والكبرى ، لافتا إلى أن الوضع الحالي في مضيق باب المندب يمثل تهديد للأمن القومي المصري ، بسبب سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على مضيق باب المندب ، مؤكدا أن مصر تراقب الوضع في جنوب البحر الأحمر عن كثب ، لافتا إلى أن ما تقوم به جماعة الحوثي من منع سفن محدد من العبور من ضيق باب المندب يخالف ويعاقب عليه القانون الدولي ، موضحا أن هناك التزامات وحقوق قانونية على الدول المطلة على المضايق جاءت بها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى