أين_مجلس_النقابة_من_تحديد_راتب_لائق_لشباب_المحاميـن؟

أين_مجلس_النقابة_من_تحديد_راتب_لائق_لشباب_المحاميـن؟

تذكروا_حال_شباب_المحاميـن_بقدر_ما_تتذكورن_حكم_النقيب

أين_مجلس_النقابة_من_تحديد_راتب_لائق_لشباب_المحاميـن_و_المتدربيـن؟

بقلم /  محمد الشاهر

تموج الصفحات المهتمة بشئون مهنة المحاماة على مواقع التواصل الإجتماعي هذه الأيام بأنباء الحكم الصادر ضد نقيب المحامين وتباينت ردود الأفعال ما بين مؤيد أو معارض، وأكثر ما أثار الإنتباه في هذه المشاحنات إنها لم تتطرق من قريب أو بعيد للقضايا الأهم التي يجب أن تشغل بال المحامي.

فإعتقادي أن الأولى بالزملاء المحامين وخاصة الشباب منهم أن ينشغل بالهم بتقاعس مجالس النقابة المتعاقبة عن تحديد حد أدنى لمكافأة المحامي المتدرب عملاً بما نصت عليه المادة التاسعة والعشرين من قانون المحاماة.

كيف لشباب المحامين أن ينشغل بالهم بحكم صادر ضد فرد من أفراد النقابة، بينما يعانون كل يوم لتحصيل الفتات من الأجر الذي لا يسد الرمق ولا يضمن لهم أدنى مستوى من الحياة اللائقة بمهنة من أسمى المهن؟

فمنذ صدور قانون المحاماة عام 1983 وحتى الآن لم نسمع عن مجلس من مجالس النقابة يجتمع لوضع حد أدنى ملزم لأصحاب مكاتب المحاماة يكونون مجبرين بموجبه على إعطاء المحامي المتدرب حقه اللائق والمناسب لما يبذله من مجهود بدني ونفسي في أروقة المحاكم، ففي ظل غياب الآلية المنظمة المقرونة بالجزاءات المناسبة لتنظيم التعامل بين المحامي المتدرب وبين صاحب العمل، سيظل حال المحاماة كما هو دون أمل في التطوير.

فكيف نطلب الإحترام من غيرنا ونحن ندرب المحامي على أن يبدأ حياته المهنية راضياً بأقل مما يستحق؟ كيف نطلب الكرامة لمهنتنا ونحن نقتل غريزة العدل في نفس المحامي المتدرب؟ ويأبى المنطق ما يدافع به أصحاب المكاتب من أن المحامي المتدرب جاء ليتعلم وأن تعليم أصول المهنة هو المقابل لجهد المحامي الشاب في المحاكم وأقسام الشرطة.

فهذا المنطق الكريه ليس سوى كلمة حق أريد بها باطل، لأن الجهد والضغط النفسي العصبي الذي يتحمله المحامي الشاب في سبيل إنجاز مهام العمل يستحق مقابل أعلى من أي مهنة أخرى، وما يزعمه الزملاء القدامى في المهنة من أن المتدرب يتعلم أصول القانون هو قول مردود، لأن أكثر من تسعون بالمائة من مكاتب المحاماة لا تهتم بتعليم المتدرب سوى إجراءات العمل الإداري بالمحاكم والنيابات دون أي تثقيف قانوني حقيقي.

وفي خضم هذه المعاناة لا نجد متهماً بالتقصير سوى النقيب العام ذاته ومجالسه المتعاقبة الذي تولت مقدرات نقابة من اعظم النقابات المهنية وأقدمها، فهذه المجالس المتعاقبة لم تسعى في يوم من الأيام إلى إخضاع علاقة العمل بين المحامي المتدرب وصاحب مكتب المحاماة إلى قانون العمل حتى يتمكن المحامي المتدرب من الحصول على حقوقه المالية، مما ادى لتأثيرات سلبية على الاداء المهني وإضطرار شباب المحامين إلى قبول راتب لا يكفي لمعيشة لائقة بالمهنة التي يمتهنوها، ولذلك فقد فشل النقيب العام ومجلسه بإمتياز في تحقيق الأمان الإجتماعي لأعضاء النقابة من شباب المحامين.

ولا أعلم سبب مقنع لما كانت تقيمه هذه المجالس من مؤتمرات تناقش فيها قضايا إقليمية وعالمية تنفق عليها الملايين ولا يصل تأثيرها لأبعد من القاعة التي يتم عقد المؤتمر بها، بينما تترك شبابها يعانون وسط ظروف إقتصادية أكثر من السيئة، فمن يفرط في تحقيق الكرامة الإجتماعية لأبنائه لا يحق له الحديث في قضايا تمس الوطن!

سيدي النقيب، إن الحكم الصادر بحقك سواء تم تأييده أو تم إلغائه ليس مهماً على الإطلاق، فسبق أن تسببت بسياساتك في إصدار احكام بالشقاء الإجتماعي على الآلاف من شباب المهنة التي تتولى دفة إدارتها، ولولا سياساتك التحزبية الضيقة وصفقاتك الإنتخابية التي حولت النقابة من منبر وطني وقومي إلى منبر لمتطرفي اليسارية وشراذم الإخوان على مدار عشرين عام، ما كانت الامر قد آلت لما هي عليه الآن.

إن نقابة المحامين المصرية أكبر وأعظم من أن تكون مسرحاً لممارسات تحزبية وإقصائية قد تصلح لمن تختمر عقولهم بأفكار اليسار أو عقائد الرايكالية المتطرفة، لكن هذه الممارسات لا يجب أن تجد لنفسها موطئاً في نقابتنا العتيدة التي حان الوقت لأن يتولى دفتها من يؤمونون ببعدها القومي والوطني حقاً.

إن الحزن يعتصر القلب عندما أرى كيان مثل نقابة المحامين يدار بمثل هذه الشعبوية، وأن يتم مجابهة أحكام القضاء الباتة التي تعكس هيبة الدولة بإستخدام سياسة الترهيب وتجميع الأنصار أمام أبواب النقابة، وكأننا نرى مشهداً مكرراً من فيلم الجزيرة.

عزيزي النقيب العام، أعلم ضعف خبرتك القانونية، ولكني أعلم أيضاً مقدار مهارتك السياسية، وأرجو ان تسعفك هذه المهارة في تدارك أخطاء الماضي والبدء بتصحيح أوضاع شباب المهنة مادياً وإجتماعياً ومعرفياً كخطوة اولى، ثم إلغاء قراراتك التعسفية والقبول بحكم القضاء حتى يصدر نص قانوني فاصل بينك وبين من أصدرت قراراتك ضدهم.

وأخيراً، نعود للتأكيد على أن الحكم الصادر بحبس نقيب المحامين هو حكم إبتدائي قابل للطعن فيه وقد يتم تأييده أو إلغائه، وأرى بوضوح أنه لا يوجد مبرر لتحويل حكم جنائي إلى معركة نقابية، لأن الحكم لم يصدر بسبب الإمتناع عن قيد خريجي التعليم المفتوح، بل إنه صدر كما يبين من حيثياته بسبب إتباع وسائل غير مشروعة في تنفيذ هذا القرار الضمني تجاه حالة فردية، فالإمتناع عن تنفيذ احكام قضائية باتة من قبل نقابة مهنية يعتبر إعتداءاً على هيبة الدولة ونفاذ سلطتها، وهو ما لا يليق بنقابة تدير شئون أحد جناحي العدالة.

m.elshahir1@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى