مقالات

فنزويلا البوليفارية واستمراء محاولات الاختراق

فنزويلا البوليفارية واستمراء محاولات الاختراق

  1. بقلم: رانية عبدالرحيم المدهون

أضحت جمهورية فنزويلا البوليفارية من جديد، مهدَّدة بمؤامرة امبريالية لاختراق اقتصادها واستقرار قواها الاجتماعية وأمنها، والنيل من استقلال قرارها السياسي، وسيادتها على كامل أراضيها ومقدَّراتها.

لقد بدأت الامبريالية بخط أولى خطوط خريطة جديدة للعالم بمجرد انهيار الاتحاد السوفييتي، في بدايات العقد التاسع من القرن المنصرم، حين قامت بتقسيم العالم إلى قطاعات حدَّدتها بحجم القوة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والعسكرية للدول المستهدَفة، وجدولت القضاء على دول كل قطاع من هذه القطاعات، بحيث يتم البدء بالقطاعات المحوريَّة التي تحتوي قواها الاجتماعية على تنوُّع إِثني بارز، تم تحويله إلى تناقض مؤثِّر في مراحل سابقة من مخطَّطات هذه الامبريالية.

وجاء دور أقطار وطننا العربي في المرحلة اﻷولى التي تلت انفراد القطب الواحد بالتنفُّذ في إدارة العالم، وذلك خلال تسعينيات القرن العشرين، والعقدين اﻷوليْن من القرن الواحد والعشرين، حيث وَقَعَت العراق تحت الاحتلال اﻷميركي، وانقسمت فلسطين سياسيًا فجغرافيًا، وهبَّت رياح الخريف العربي الذي أسموها إيهاما بـ “الربيع”، فتتالت اﻷزمات انتشارًا في سوريا، وليبيا، واليمن.

واليوم هبَّت رياح الخريف على قطاع جديد من دول العالم الثالث، لا سيما الجزائر العربيَّة، وجمهورية فنزويلا. والجدير باﻹشارة هنا، أن ما تتعرَّض له اﻷخيرة في الوقت الحالي من اختراق محلي وإقليمي ودولي، هو صورة منسوخة ومكرَّرة مما تعرَّضت له بعض الدول العربية خلال العقد الحالي، بل ولا زالت تتعرّض له إلى الآن.
نرى اليوم قوى محليَّة مضادة للتوجُّه الاشتراكي في فنزويلا، مدعومة من الغرب، تُحاول إيهام العالم بأن لها ظهير شعبي، عجزت عبر العقديْن الماضييْن عن تكوينُه.

كما نرى أيضًا قوى إقليمية وكيلة للولايات المتحدة، تحاول اختراق حدود فنزويلا، وأعني هنا كولومبيا التي حاولت إدخال شاحنتين أسمتهما بـ “المساعدات اﻹنسانية”، يوم 23 شباط/فبراير 2019، عبر جسر على الحدود الفنزويلية بطريقة غير مشروعة؛ ومعلومة المصدر وليست مساعدات إنسانية دولية في حقيقتها، بل أنها تخفي خلفها تدخُّل عسكري لِقُوى دولية امبريالية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

وصلتا الشاحنتان حتى منتصف الجسر الواقع بين كولومبيا وفنزويلا، وتمثَّلت حقيقة المؤامرة بوضوح في مشهد واضح؛ شعب مسالم يقف في آخر الجسر، يأبى هو وحكومته استلام هذه المساعدات التي بدت واهِية؛ وعلى النقيض يَقبَع على طرف الجسر اﻵخر عددًا من المخربين، الذين سارعوا بعد وصول الشاحنتيْن إلى منتصف الجسر وفشلتا في الدخول إلى الأراضي الفنزويلية بحرقها ! والسؤال هنا، لماذا قام هؤلاء المخربون بحرق الشاحنتيْن بعد فشل إدخلالهما؟!

المفاجأة أن الشاحنتين بعد حرقهما، تبقَّى منهما بعضًا قليلاً مما حملتا لم تقضي عليها النيران كاملةً؛ وحين تقصَّت قوات الأمن الفنزويلية اﻷمر، وجدت داخل الشاحنتيْن، بقلب الحطام الناتج عن حرقهما (ماسكات واقية من الغازات)، و (أدوات صلبة كالمسامير والمعدات المعدنية)؛ أي أنها لم تكن أطعمة أو أدوية أو غيرها من المواد التي تُعين شعبًا على احتياجاته؛ هكذا كانت حقيقة المساعدات التي ادَّعوا أنها (إنسانية)!

ما يحدث اليوم في فنزويلا، ما هو إلا حلقة من حلقات الاختراق التي استمرأت أميركا القيام به تجاه الدول التي أَبَت التبعية لقطب الشر الأوحد؛ وكما استطاعت القوى الشعبية أن تحمي قيادتها المتمثِّلة في زعيمها خالد الذِكر، هوجو تشافيز، خلال انقلاب العام 2002؛ ستحمي ذات القوى الشعبية زعيمها الحالي، المناضل نيكولاس مادورو، السائر على النهج التشافيزي النضالي المقاوم للامبريالية واسعباد الشعوب وكسر إرادتها الحُرَّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى