لم يترك اللّصوص لي شيئا لآكله ! للقاصة التونسية نعيمة قربع (الأديبة الحائزة على المرتبة الأولى فى مسابقة عليسة فى الأدب القصصى)

لم يترك اللّصوص لي شيئا لآكله ! للقاصة التونسية نعيمة قربع (الأديبة الحائزة على المرتبة الأولى فى مسابقة عليسة فى الأدب القصصى)

تأليف : الأديبة القاصة / نعيمة قربع (تونس الخضراء عاصمة الفنون والثقافة)
 
عرض : د. حاتم العنانى (المستشار الإعلامى للوكالة)”مصر – أم الدنيا”

لى عظيم الشرف ووسام على صدرى أن أعرض سرد قصصى للأديبة التونسية / نعيمة قربع (قصة قصيرة “لم يترك اللّصوص لي شيئا لآكله !”) حيث يتميز سردها القصصى بحرفية إبداعية ترسم لوحة بأسلوب رمزى تجريدى وإليكم السرد :
مفاجأة… تكلّمتْ اليوم سمكة السردين بين يديّ وأنا أستعد لأسُدّ فراغ معدتي… نعم تكلّمتْ وسمعتها… ليست مجنونا أقسم لكم… لم تفقدني الحادثات شيئا من إدراكي وجوعي مذ وعيت وجدته صديقا لم يتلاعب ولو مرّة بأعصابي ولا لمس شيئا من ذاكرتي…
أذكر أنّي قبل أيّام فقط حمَلت حُلمي وحُزني وكلّ حمقي… كان الحمل ثقيلا ولكنّي وزّعته بين قلبي وعقلي ووضعت بعضه في صرّة كبيرة ربطتها بإحكام على ظهري وجعلت البعض في صناديق حزمتها حول وسطي وعزمت على السّفر.. ركبت البحر يهزّني الشّوق إلى ضفّة أخرى أريد بقوّة أن أبلغها كي أبيع شيئا ممّا عندي أو حتّى أبيع نفسي وأشتري أشياء أحتاجها هي بسيطة ولكنّي أحتاجها كثيرا.. عُلبة سجائر فاخرة.. هاتفا.. حاسوبا..حذاء.. دواء وأشياء أخرى… كان حملي ثقيلا ولم يغفر البحر لي تعبي..لم يتسامح خاصّة مع حمقي وسخرتْ منّي الضّفّة الأخرى… ضحكتْ من أحلامي… بصقتْ في وجهي رغم أنّي أحببتها كثيرا وهِمت بها عروسا تدلّلني وأتعلّم أن أدلّلها… سخرتْ منّي أكثر ممّا سخرتُ أنا من ابنة الجيران التي عشقتني، مدّ أهلي أيديهم لمساعدتي، وبعثوا إليّ بأيد كثيرة… كثرت حولي الأيدي … أيد كثيرة بعضها كان بلا صاحب بلا جسم ووجه.. مجرّد أيد فقط… وبعضها كان مجرّد أصابع.. أصابع فقط.. تقفز فوق الماء..أدور حولي..ترسم دوائر وخطوطا..تزقزق لترشدني توجهني…تدلّني…فعلتْ الأيدي والأصابع ما بوسعها … كانت ترفعني تنتشلني تدفعني تجذبني تُخفيني بين ثنايا الموج تخبّئني عن العاصفة…
شكَّلتُ في الأخير مركبا ..لكنّه غرق..فاستسلمت وسلّمتني للموج بعد أن لوّحت لي وودّعتني… اختفت… وجدتني وحدي لا أثر حولي ليد واحدة أو حتى إصبع.. لا أعرف السباحة ..لم تردّني الضّفّة الأخرى وضفّتي بعيدة ..غرقت..ندمت.. ضعت ندما..لم أجدني..حاولت جمعي…تناثرت كبذور ..قبائل البحر أهدرت دمي ..وشربني الماء حتى ارتوى..توزّعتُ في جسده..ما أكثَرَني! لقد وصلتُ إلى كلّ قطرة منه.. إلى أصغر سمكة فيه…
ما زلت في عنفوان شبابي..قاومت..تمالكت نفسي..جمعت بعضي..وعُدْتُ على متن سمكة سردين..
 
أنا الآن لا آكلُ سمكا..أنا الآن أُحدّثني وآكلني…آكل نفسي إذ لم يترك اللّصوص لي شيئا لآكله..وأيضا يأكلني أهلي…

بروفيل الأديبة القاصة / نعيمة قربع :

الاسم : نعيمة قربع

الجنسية : تونسية

الإقامة : أصيلة مدينة المحرس من ولاية صفاقس –  تونس

المهنة : أستاذة لغة عربية

النشاط الأدبى : أديبة (قاصة)

1- المجموعة الأولى : (فى القاع حكايات أخرى)

2- المجموعة الثانية : (ذات غفوة)”توج بجائزة عليسة للإبداع الأدبى للقصة”{المرتبة الأولة}

            “تجمع بين حضارتين التونسية والجزائرية” (أب تونسى وأم جزائرية)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى