حوار مع الأديبة السورية المبدعة د. هيام العماطورى .. رئيسة مجلس إدارة مدرسة إحياء فن المقامات الأدبية فى العصر الحديث
حوار مع الأديبة السورية المبدعة د. هيام العماطورى .. رئيسة مجلس إدارة مدرسة إحياء فن المقامات الأدبية فى العصر الحديث

المحاور : د. حاتم العنانى (المستشار الإعلامى للوكالة)”مصر”

كقبلة عاشق ٍ طبعها فوق جبين الأيام
*ونجمة استحضرت الليل لتنير زوايا الظلام
*عبق حروفها نسمة صيف عليلة تهادت بين ضجيج الإبهام
*”هيام حسن العماطوري “جوهرة الأدب العتيق ..بصماتها وحسها الرقيق..
تنساب في القلوب كما العقيق ..حروفها أنغام وتر ..حضورها حكاية وسمر ..
تنشد الأشعار ..تحلو مقاماتها عند الأسحار..



نص الحوار :
س 1: احكي عن نفسك وعن بداياتك مع الحرف والقلم _ من ساعدك على تنمية موهبتك..وكيف أصبحت شاعرة ؟
ج 1: بدأت مشواري الأدبي بسن مبكرة .. كتبت بعض المذكرات ثم ما لبثت أن أصبحت خواطر كنت أحبو بعالم الأدب ،بقيت موهبتي طي الكتمان وما علمت أن هذه الخربشات هي بداية الطريق كتبت ما يجول بخاطري أشعاراً من غزل ومنها وطنية عن فلسطين ولبنان وسورية.. وخاطرة تهز كياني حين استباح الأغراب بلدي فكتبت : –
“طعنة غادر “..
أيها الساكن فينا شبح يهوى
النواح
جئت تحمل سكيناً تحصد فيها
الأرواح
وعلى كل المفارق تخطر معك
الرماح
ماذا جنيت ؟عثت بالبلد فساداً
فأمسى حضارة تذروها الرياح
إلخ …
س2: إلى أي حد تشبهك كتاباتك في أشعارك؟
ج2: أشعاري هي أنا طبق الأصل تحكي عني هي منولوج داخلي تعتمل في ذاتي كما ذكرت في : –
” أدراج الرياح ”
سأل مقلتيها عما يبكيها ؟
قالت ودمع العين مغداق .
ما همك تسأل عما يبكيني
وأنت أدرى بما أجرى دموع
أحداقي؟..
أردف السؤال بنظرة خجلى
وهل بطرف العين إشفاق
تخاطر مع الروح ؟ ومضات سناً
حين درى بأدق ما في القلب
إخفاق ..
إلخ…
“حوار مع الذات “… من مجموعتي القصصية ..
ثلاثون عاماً مرت كطرفة عين ..
دون فواصل ..أو مفترقات …
رباه إن أنت تخليت عني ..!!!
فماذا أفعل بهذا القلب . . .؟؟؟
أأمسكه على هون ٍ ..؟؟
أم أدسه في التراب .. ؟؟
فالحياة سلسلة من الأحداث …
وأنا حياتي سلسلة…
قد تقطعت حلقاتها ..
وتبعثرت …
س3: ما هي المواهب التي تمتلكينها غير كتابة الشعر والإلقاء؟
ج3: ارسم من أيام المدرسة ولي الكثير من اللوحات وأحب العزف لكني غير محترفة ولم أولي الموسيقى عناية ووقت، فأصبحت مستمعة جيدة لكني أكتب كل صنوف الأدب من قصص قصيرة و منها للأطفال .
س4: كيف تقضين وقتك ؟
ج4: أنا ككل النساء ربة منزل أهتم بعائلتي وعملي ، وأترك فسحات لموهبتي.
س5: من هو مثلك الأعلى في الكتابة وبمن تأثرتي في كتاباتك من الشعراء ؟
ج5: قرأت للأديب توفيق الحكيم وشدني أسلوبه الناصع .. ومن الكتاب كذلك المنفلوطي والعقاد بأسلوب الرواية فجذبني هذا النوع من السرد فكتبت السيناريو ..ومنها سيناريو (فراشة بلا أجنحة ) عن قصة حياة الرسامة التونسية د.نجاة بامرى .. أما الشاعر نزار قباني فهو أكثر ما أحببت وتأثرت بأسلوبه الراقي .. وأشد ما يلفتني أسلوب السجع والجناس والطباق فكتبت المقامات الأدبية ومنها كتابي” مقامات هيام في سالف العصر والآوان ” شبهها بعض الأدباء والنقاد بكتاب ألف ليلة وليلة فقد أخذ طابع الحداثة مع الحفاظ على صبغته الكلاسيكية، عالجت من خلاله بعض قضايا المجتمع .. وكان كتابي الذي صدر عام 2016 بعنوان المرأة التي يحبها الرجل بجزأيه يضيء على الحياة الأسرية والشراكة والأبناء .. وأوراق مشروع امرأة يدعو لخلق مجتمع مدني خالي من أمراض العصر والاهتمام بشرائح المجتمع العربي دون استثناء .
س6: لمن تكتبي ؟
ج 6: أكتب للإنسان ..للأرض .. للعصافير والشجر.. للعاشقين للوجد والشوق ..وكيف يطيب السهر ؟.. للطفل نواة الحياة للحصاد وما جناه العمر .. للحي والضيعة والريح للمرح… للقهر ..
“أشواق حرى”..
أنت صوت هامس في قلبي
يضج بي كصهيل خيل ..
وللعشاق أسراب أشواق
قمر وليل ..
ضحكة ثرة بالقلب تعالت
قهقهة ازدانت بثغر جميل .
س7: إهداء تودي تقديمه لشخص..من يكون الشخص ؟ وماهو الإهداء؟
ج 7: أهدي كلمات الشكر والتقدير لبعض معلمى الدراسة المدرسية الذين لم يصدقوا أن ما قرأته على مسامعهم من تأليفي فكان كلامهم حافزاً لي جعل مني أديبة وشاعرة عرفت ما بمكنوني من طاقة إبداعية وما أمتلك بالفطرة من ملكة الكتابة فأنا مدينة لهم بالشكر الجزيل وإلى روح والدي الذي أخذت عنه قرض الشعر وأخص بالشكر والإمتنان لشريك حياتي الذي دعمني وحفزني دون كلل ولك د. حاتم العنانى .. على الإضاءة الرائعة في متابعة أعمالي خالص التقدير والإحترام كلمات الشكر لاتفيكم حقكم غير أني أهديكم نتاج فكري ومحبتي الوارفة
س8: هل تكتبين الشعر لأنك تريدين إرسال رسالة من خلال قصائدك؟ أم هي طاقة نخرج منك على هيئة كلمات؟
ج8: في بداية مشواري الأدبي كنت أكتب بطاقة ذاتية ممزوجة بالمشاعر الخاصة ، ثم ما لبثت أفكاري تصقل بأحداث المحيط فأخذت تنصب على شكل قصائد نثرية ومنها موزونة وخواطر ضمخها حب الوطن من حس مرهف لما يدور من حولي فكان لي رسالة سامية تحقق وجودي وتثبته كإنسانة صاحبة قلم صادق أتعايش مع مشكلات مجتمعي فأضيء عليها وأطرح حلولاً كما في أوراق مشروع امراة أخاطبها وأشيد بدورها العظيم في تنشئة الأجيال وبما جاء في كتابي بجزأيه فأنا كما ذكرت بأكثر من لقاء لديّ إصرار لأنير الزاوية التي وجدت فيها وأترك بصمتي الخاصة في أرث ٍ أدبي لكل أعمالي .
س9: هناك مقولة تقول “من يقرأ جيداً يكتب جيداً ” هل هذا صحيح ؟
ج9: نعم صحيح وأزيد بالقول القراءة بتمعن وبما بين السطور تجعل لنا آفاقاً من الفهم العميق لفلسفة الكاتب والثقافة تأتي من القراءة والإطلاع على ثقافة الأمم فمن ْ يمتلك حساً جميلاً وذائقة مرهفة سيكتب جيداً .
س10: ما هي دواوينك التي تم نشرها حتى الآن ؟
ج10: نشرت الكثير من الأشعار عبر صفحتي الإلكترونية ولديّ ثلاثة دواوين قيد الطباعة عنوان أحدها “جمرٌ تحت الرماد ” في طريقها إلى النور قريباً بإذن الله . ومنها رباعيات هيام موحدة القافية .. تتسم بالحكمة والتجرية بأسلوب سلس يلقى الاستحسان والمتابعة.وهى محكاة لرباعيات الخيام الفارسية كمحاولة لإحيائها
س 11: هل حدثتنا عن أشعارك ؟
ج١١: كتبت في أشعاري عن حالة عشق خاصة عن الجوى .. هن قلب حائر عن النوى .. عن وطن مستباح ..جعل منه الأغراب لهم مراح ..عن شجرة زيتون كانت يوماً رمز السلام .. عن الحمام .. عن الأمان .. عن خيانة العربان .. تحكي اشعاري عن شهيد نحبه قضى ..وانسفح دمه فوق الثرى .. تحكي عن ياسمين دمشق لطخوا عفته بالأوحال .. فقلت في بداية قصيدة”: –
إليك يا دمشق”…
(كل العيون تبكي إلا عينيك يا دمشق) ..
وفي قصيدة لأب فقد ولده وأمسى شهيد في “رسالة إلى ولدي “قلت : –
أين أنت الآن يا ولدي؟ كم جمرة في القلب
أوقدتها جذوة البعد ؟..
تحرق أحلامي
ترميني بجحيم أبدي
أنتظرتك في كل الدروب
ترقبت كل غائب حتى يعود
سألت عنك الطير والشجر
البرق والرعود .. الليل والقمر
وكل عائد من الجنود
أناجي طيفك في الليالي
وعدك تلاشى بين الوعود
لا الفجر يعرف أرضك ولا
القمر
ضاع ولدي على الحدود
تسولت من أصحابك ..أترابك
خبراً
جوابهم ليس لك أثرٌ أو وجود
تدور فصول العام وأنت غائب
مفقود
وآنات أمك المفجوعة تدعو لك
في كل سجود..
وأرواحاً حائرة ..تنادي أين
ولدي
فلذة كبدي؟
أضعته ما بين أرض ٍ وسماء
الله يا ربّ المعبود ..
لم يخلف يوماً موعداً
مهذب الروح بصدقه المعهود
مرت الأيام تطويها الليالي
ويوماً . .مكفهراً قاطباً ..أتى
مسربلاً دماً …مسجى
تلفه ذرات ترابك
وبعلم الوطن مشدود ..
كانت أشعاري تحكي عن “وفاء هاجر مع الراحلين” .. كتبت كلماتي” لليل و القمر “..وكيف طاب للعتمة المقام؟ فأخذت تؤخر بزوغ الفجر ..حكاية يتيم ومشرد ومهاجر .. عن بيوت كانت مشادة باتت ركام وحطام .. عن الحرب الضروس على بلدي .. فكتبت عن القهر الساكن فينا عن عشق الشمس للضياء للغد الجميل من الذي يحمل الأمل المرتقب.
س12: ما الصفات الواجب توافرها في من يحمل الحقيبة الثقافية الأدبية برأيك ؟
ج١٢: الذي يحمل الحقيبة الثقافية ذلك الإنسان الذي يعيش في الوطن ولم يغادره رغم قسوة الظروف ويحمل على عاتقه رسالة إنسانية تعيد السلام والأمن في طياتها فكر ووعي ومبادرة جادة في ترك بصمة تغير وجه تاريخ المجتمع العربي ويكون مبدعاً ومبتكراً ذو إرادة صلبة قادرة على مواكبة العصر ومواصلة الطريق الوعرة والشائكة لتصل بر الأمان ونشر التسامح والإخاء والفضيلة والمساهمة الفعالة في وضع الأمور في نصابها و النقاط على الحروف بإيثار بعيد عن المصالح والأنانية
س13: ما هو أول قرار تصدرينه إذا أصبحت مسؤولة في الدولة؟وماذا سيكون برنامجك لتنمية العقول والمواهب ؟
ج١٣: القرار الذي أتمنى أن أصدره هو جمع العقول من علماء ومفكرين ومواهب وعمل منظومة تنموية تقوم على تخطيط سليم وإعطاء المبدعين أدوارهم وفرص لأثبات وجودهم على أرض الواقع . . والعمل على إنشاء جيل جديد مبني على أسس صلبة ومنح المناهج الدراسية القدر الكافي من الدراية متماشية مع العصر مستعينة بتجارب وخبرات مجتمعات ناجحة في بناء الإنسان قبل البنيان، وترسيخ النظام ونشر الثقافة ونشر المحبة والأخاء وتنمية المواهب ورعايتها منذ الصغر .
س14: ماذا يعني الوطن بالنسبة لك ؟
ج١٤: الوطن يعني لي الكثير فهو ليس فقط تراب نحيا عليه وندفن فيه ، وليس ببتاً نسكنه ويسكن فينا وليس أشجاراً وأرفة وعصافير غناءة و طفولة ترعرعنا فيه أو هو شباب ويفاعة وعمر هارب في غفلة منا ..بل هو كل هذا ..هو شريان ونبض وروح .. هو أولى زخات المطر جبلت بالثرى .. هو نحن مجتمعين غير متفرقين.. هو الأمان والسكينة والرقاد الأخير.. والانتماء لذراته الغالية ..فله أكتب وعنه أكتب ولأجله أموت .


لا يسعني في ختام هذا الحوار الممتع والمفيد إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للسفير الدكتور حاتم العناني .. على هذا الحوار الراقي الذي أضاء على بعض جوانب حياتي الأدبية مع وافر الشكر.