ضَباب الزُجاج الخلفِي

ضَباب الزُجاج الخلفِي

الشاعرة / عائشة كمون (تونس)

يَا مرتعَ الظباءِ

أَيْنَ رَنِين شُققي ؟

قد انْتَحَبَ لَفظِي مَشْنُوقاً

فأيْنَ مَزَامِيري ؟

و قَدْ ضَاعَ رَحِيقِي هَدراً

يدري بي شَوْقٌ صَامدٌ

بسَحَابِ المَدَاخِنِ صَاعِداً

و يَنْبضُ شرياني الخَامِدُ

الثلجُ يَتَرَاكَمُ علَى مِعْطَفِي

والألَمُ يومضُ كَالنِّسرِ

يكادُ أن يُقلِّبَ كُلَ الجُيوبِ

فجبهتي قِطْعَةُ شمعٍ بلا دخان

تَحْمِلُ حَبَاتَ الخَصْبِ المُختبئة

لَقَدْ زَارَني حُزْنِي الغَرِيبُ ليلتين

ثم رثيتهُ ..!

ماذا عَنْ نَفخةِ النهاية ؟

و الجَسَدُ على النهرِ يَنْسَكِبُ

لِمَا كلُ أمْوَاجِ الصخبِ الممتلأة؟

و مَوْكِبٌ مِن الخطبِ مُفْتَرَأَة

كَزَوْرَقٍ يَلْتَهمُ بَطْناً يشرقُ

و يجرفُ الزبدَ كبَحرٍ يَشْتعلُ

ما فتئتُ أبحرُ في مُسْتَنْقَعِ الظلام

أقدامُ المَارةِ مِنْ تَحْتِ الرُفُوفِ تَدمع

تُلوحُ مِن الشرفةِ حبلاً في نصفِ النغم

نَغَمٌ قاسٍ رتيبَ الضرب

يقتلُ الطرب

كلسعةِ قنديلِ البحرِ

ضَمَّدْتُ جبيني بقصيدةِ التثاؤب

ناديتُ من الشطِ البعيدِ

يا أخطبوطَ الحلقاتِ الزرقاء

سَفْرَتي لَمْ تَأتَدِمْ إلا دموعاً صفراء

وضعتُ النقاطَ على السككِ البيضاءَ

الموالُ في الأغوارِ

كقسعاءَ بلا جحرٍ و لا أحجار

و العتمةُ في الأزقةِ السوداءَ

تطرقُ كلَ الأبوابِ

أذوبُ كالقصبِ

هل هي سحبٌ عابرة في الأفق

أم هي سُحُبٌ من حجرِ سماءِ الأمس؟

 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى