ذات صيف للشاعرة المغربية سعاد زكي

ذات صيف للشاعرة المغربية سعاد زكي

 كانت الشمس حارقة والسماء صافية، حتى من الطيور التي توقفت عن التحليق لشدة الحر، فجأة تلبدت السماء بالغيوم السوداء، وكانها ارتدت ثوب الغضب، بعد ان امتلأت عينوها بالدموع، فانهمرت أمطار غزيرة، كأفواه النوافير، ولا يزيل السواء الذي تلحفته السماء الا وميض برق بين الفينة والأخرى، فتصدر أصوات رعدية، كصراخ رضيع توقا لثدي أمه…
اصوات قوية تثير الرهبة واليأس في النفوس البشرية، انها اللحظة الابدية، التي تجعل الذكريات المتراكمة تطفو مستحضرة كل أمراض العصر في شريان الحياة….
ذاك المشهد الراسخ ونوارس الحفل تؤدي رقصة الغروب، زفة الموكب الكئيب عروسه توارت خلف الضباب، امطار تنعي سر الغياب ،الوان فستانها ضاعت ووشاح رمادي رحيل خيوط ضوء بائسة …
احباط اللحظة ، امواج ثائرة تنحني عند الاقدام ، تحية ليست كالتحيات، شرسة على الشاطئ مندهشة ، غروب وافق بائس حزين …
تسارعت الأمواج الهائجة، متصارعة بشراهة لا متناهية، ومتسابقة متلاطمة، لتصل الى الشاطئ الهادئ، القريب…البعيد، لتمحي أثار وأحلام وردية، نقشها العشاق على الرمال الساخنة، تحولها الى ركام من الطين، فتتسرب عبر ثقوب الذاكرة المنهكة، تلك اللوحة المعلقة لتتحول الى نافذة يطل منها على عالم غمرته أمواج التذكر ،وكأن زناد الماضي قد قدح في غفلة من الكل، هم بالتقدم، فتسمرت قدماه، تراجع في حركة لا إرادية، فانتابه شعور بالوحدة والغربة، تملكه حنين إلى هناك، إلى تلك الأشجار الباسقة، وخرير المياه الجارية، وزقزقة العصافير حين تختلط بطنين النحل ورفارف الفراشات، فتصدر همسات تهدهد وجهه وتحمله إلى أفياء أمل مفقود، فيجتح فؤاده سيل جارف من المشاعر المتضاربة، حيرة وتساؤلات …
أستنبث الحياة غدا ؟؟ …
صفحة الأمس تنطوي ،يموت الشعاع، والخوف من صبح دون شروق، دون أمل،دون شمس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى