قصة فوائد الاسم المستعار .. للقاصة التونسية نعيمة قربع

قصة فوائد الاسم المستعار .. للقاصة التونسية نعيمة قربع

القاصة / نعيمة قربع (تونس)

باسم مستعار أستطيع أن أتخطّى جبني وأقفز فوق تردّدي القهريّ و أتخلّص من قفص الضّحيّة الذي حشرت فيه .. سأفرغ جعبة مخاوفي وأفضي بما أعرف وأشعر لأستعيد بعضاً من كرامتي علّني أحترم نفسي … سأطلق عنان القول للساني وأحلّ عقال التّعبير فقد اكتظّ داخلي وضجّ وخنقتني أفكاري ومشاعري المكبوتة حتّى لم أعد أنام

سأبدأ بحبيبتي أحدّثها عن حبّي المستحيل وأسكب لها على الورق كلّ تفاصيل يومي كي ترى كيف تسكن نبضي و تحتلّ فكري وتعرف أنّ صورتها تمسك بخناق كلّ الثّواني .. سأقول لها لا أروم شيئاً غير الحديث وأن تعرف بأمر حبّي سأقود قلبي الأعمى وأجلسه أمامها على كرسيّ يتلو اعترافه بالتّيه عشقاً علّها تنقّيه من شوك الحنين ثمّ تضمّد جرحه و تربّت على ظهره و تتركه على الرّصيف و تمضي تبقى حيث هي و أبقى حيث أنا .. لا داعي أن تعرفني .. لا داعي البتّة للأسماء فلن يتغيّر شيء بذكرها … وسأقول لها ابتسمي دائماً علّ ابتسامة تقع على وجهي قطراً يرمّم بعض تشقّقي …

وباسم مستعار أخر سأقفز فوق خوفي من مديري الفاسد وأضع حدّا لجبروته وأردّ على إهاناته وأكشف أوراقه دون أن يطالني كيده أو يصبّ عليّ براميل غضبه ويجعلني عبرة للموظّفين من بعدي .. لن يلصق بي تهمة من تلك التي يبرع في نسجها ضدّ خصومه أو من يقف في صفّهم تساعده في ذلك بطانته التي تتصيّد له كلمات الاحتجاج و تقرأ على مسامعه كلّ يوم نشرة أخبار الوفاء والولاء ونسب الصّمت وتقيس له منسوب الخوف …

باسم مستعار سأثأر لكلّ ضحاياه وسأتحدّث عن سرقاته .. عن الفواتير الوهميّة عن العطايا التي يسجّلها كمشتريات عن تشويهه سمعة من يكتشف سرّا من أسراره حتّى حوّلنا جميعا إلى حمقى و مغفّلين نتباهى بالبلاهة و الجهل و نطمس بأيدينا أدلّة إدانته ونساعده من حيث ندري ولا ندري … سأتكلّم بكلّ الأصوات التي تهمس في الزّوايا وتبلع تنهّداتها خوفا و جبنا …

سأعرّي أيضا أولئك الذين يتسلّلون و يتنافسون في ملاعب الوشاية و الكذب ويبنون جسورا من النّفاق و التّملّق .. سأثقب بالونهم فيضيع نفخهم أدراج الرّياح …

لن ينقذني من خرسي الموجع و معاناتي غير اسم مستعار و لن يعجزني الكلام فبداخلي غليان وانفجار غضب غير أنّي مازلت أبحث عن اسم …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى