الخريف هو فصلنا
الخريف هو موعدنا.
ما بين خريف وخريف
أحاول أن أستعيد معك
لذّة البدايات
ولحظة انبهاري الأوّل
ودهشتي البكر،
كان ذلك في يوم من أيام الخريف الداكنة
وفي عشيّة من عشياته الساكنة.
وقد كان قلبي حينها
كالعتبات المعتّمة
لا يغري بالدخول ولا يحتفل بأحد
وكنت أظن أن شمس الصيف
قد أخذت وهج آخر انفاسي ورحلت….
لكن في الخريف
تستيقظ كثير من الأشياء الميّتة
على رائحة الأرض بعد المطر.
جئتني يومها غيمة زاخرة
لتمطر أرضاً صحراوية العطش
فاستفاق القلب وأينع
كما تينع العشبة الخضراء من قلب الحجر
هكذا الحب دائماً
يأتي عندما نحط رحالنا
ندخل خيمتنا
نتوسد يأسنا وننام…………
هكذا يباغتنا فجأة كما في الأحلام.
************************
أكتوبر الذي تبعثر رياحه كل شيء
قد جمّعنا هذه المرة.
وها هو يأتيني بهبوب حبّ عاصف
كأنه مقدمة لمقاومة ليالي الشتاء الباردة
وأيامه الموحشة
وها أنك تسبق شتاءً قادماً من بعيد
سوداوي الغيوم..
كالعلامة التي
تسبق ضوء المسافات..
تحت تلك الشجرة التي
فتحت لنا قلبها
وخلعت لنا عنها ثوبها
فتحت لي قلبك
وقاسمتك وزر البوح
ورجفة البدايات.
حرّضتني ألوان البساط الأرجوانية
إن ألعب معك
لعبة الحب الذي
يأتي دائما متأخراً بفصل.
ففي الصيف
يأخذ المرء أجازته..
يهيئ قلبه لاستقبال الحب..
في الصيف
تأتيك الشمس على طبق من ذهب
يأتيك البحر حتى قدميك..
يأتيك الوقت هدراً..
لكن قلما يأتي الحب
كان لا بد من انتظار الخريف
لتبدأ الحكاية.
أذكر أنك قلت لي حينها:
«أخاف أن يكون حبّك فصلا يجيء ويمضي..»
لكن ها هو الخريف يعود ثلاثاً
دون أن أجد قلبا أدفأ من قلبك.
فكل خريف وأنت حبيبي.