عدنان الشواشي يكتب : ظاهرة ” الرّاب” في بلادنا دون مجاملة أو إستخفاف أو حرج

تونس: حبيب بن صالح
لنتكلّم بصراحة عن ظاهرة ” الرّاب” في بلادنا دون مجاملة أو إستخفاف أو حرج….
فهذا التّعبير الفنّي العالمي إنطلق منذ عشرات السّنين من أحياء أمريكا الشّمالية المعروفة بمناطق السّود ك”هرلام” و غيرها من التّجمّعات المهمَّشة الخطرة و شبه المعزولة….إبتكر سود أمريكا إذن هذا النّوع المميّز من الخطاب الموسيقي المغنَّى لتنفيس غيضهم المكبوت و محاولة التّحرّر من الحصار المفروض عليهم والظّلم المسلّط على عرقهم بالذّات ، منذ زمن إباحة العبودية و تكريس الرّقّ لأهداف مصلحية إستكراشية خسيسة في مجال صناعة القطن و خدمة جميع شؤون “الأسياد البِيض”… بدأ الرّاب ينبت في حقول جمع القطن من الفجر إلى الغروب تحت الشّمس الحارقة و سيّاط المشرفين على فرض الإنضباط ….و في الستّينات عندما فرض الرّئيس”كِيندي” دخول السّود إلى تلك الجامعة الجنوبية المشهورة ، إغتاضت الأغلبية البيضاء هناك و في أماكن عدّة من أمريكا و لم تهضم التّفويت في حقّها اللّا إنسانيّ المزعوم الذي كان يبيح لها إستعباد البشر و عزلهم في مناطق محدّدة كما فعلوا سابقا مع “الهنود الحمر” أصحاب الأرض الشّرعيين و بيعهم و شرائهم كالدّوابّ والبضائع و الأنعام !!
نجح سود أمريكا الأحرار في نيل إعجاب العالم بأسره بفنّهم المُحْدث الجريئ الصّادق الجميل هذا ، حتّى ألهموا المبدعين من كلّ الأجناس و الثّقافات و الأمصار .
فأصبح “الرّاب” رمزا لحرّية التّعبير و منبرَ التّوّاقين إلى نيل حقّهم في العيش الكريم… أصبح هذا الفنّ الصّارخ المزعج الصّريح ، الزّناد الأمثل السّلمي المتاح لإشعال فتيل الثّورات….و لكم في رائعة فنّاننا الشّجاع الجريئ ال”général ” أحسن و أبرز مثال على سرعة و قوّة مفعول “الرّاب” في عتق المحظور و تغيير الأمور………
بعد الثّورة وقع توظيفه في طرح شتّى المشاكل الإجتماعية الحارقة ووضع الأصابع على بعض مراكز الأدواء .. و هذا طبعا إتّجاه صائب و معقول…..لكن ، و بكلّ أسف ، أصبحنا نُباغَت ،اليوم، و بإسم حرّيّة التّعبير ، ببعض محترفي هذا الفنّ المناضل الصّادق العريق ، فى الأصل، وهُم يتفوّهون في أعمالهم بكلام جدّ بذيئ و أصوات لا تحسن الغناء أصلا و تصرّفات ركحية و”مَنْبرية” مخجلة لا أدب فيها و لا ذوق ولا أدنى إحترام ! أشباه مبدعين يعتبرون ، جهلا و تنطّعا، أنّ ال”casquette ” المقلوبة والزّنود الموشّمة و الآذان المنقوبة و السّراويل المقطّعة عمدا و التّصريحات المخجلة العنيفة و التّزيّن بالخواتم و القلادات المرصّعة بالألماس المشعشعة المضروبة ، يكفي ليتبجّحوا في المنابر الإعلامية بأنّهم سلاطين زمانهم في عوالم ” الرّاب” الشّاسعة الثّرية الكَونية !
أعلم ، مسبقا، أنّ كلامي هذا سوف يُغضب هؤلاء المسيئين إلى تاريخ و فكر أهل “الرّاب” الحقيقيين…
أعلم ذلك جيّدا…و لكنّ صمتي قد طال و لم أعد أتحمّل مثل تلك التّرّاهات شبه الفنّية الهابطة التي إنتشرت “بفعل فاعل” في كلّ مكان و غزت حتّى رياض الأطفال!!!!!!
#عدنان