التّقنيات الصّوتية الحديثة

مكتب تونس: حبيب بن صالح
بقلم : عدنان الشواشي
أعترف بأنّني ألتجئ أحيانا إلى تلك التّقنيات الصّوتية الحديثة لتصليح بعض الأخطاء الخفيفة التي تحدث أثناء التّسجيل سواء كانت من طرفي كمغنّي أو من طرف العازفين أو المجموعة الصّوتية.. وعادة ما تكون هذه الأخطاء طفيفة و مقبولة نسبيا لدى عامّة المستمعين ، ولكنّها ، بالنّسبة لي و للموسيقيّين المحترفين و جمهور السّمّيعين ، تُعتَبر أخطاء لا يجوز التّغاضي عنها و تركها هكذا تمرّ دون إصلاح شامل و دقيق و تامّ…
لكن عندما يكون المغنّي أو العازف سيّئ الأداء و بالتّالي كثير الأخطاء فتصبح عملية التّصليح في هذه الحالة جدّ شاقّة تتطلّب وقتا طويلا و مجهودا كبيرا و عملا دقيقا عسيرا يجعل المُصلِّح يندم على قبوله القيام بهذه المهمّة الثّقيلة المُمِلّة…
بفضل هذه التّقنيات التّصليحية التّرقيعية التّجميلية تتحوّل الأصوات الضّعيفة المنشزّة السّيّئة التي لا تصلح أصلا للغناء إلى أخرى ملائكية طربيّة لا عيوب فيها و لا نواقص و لا أدنى خلل … صدّقوني إن قلت لكم أنّ السّاحة إمتلأت ، بسبب هذه الحيل التّقنيّة ، بعدد لا يُستهان به من الأصوات
” الهزيلة المضروبة الإصطناعية الملفَّقة المُعدَّلة المرقَّقة” أصحابها اليوم يُنعَتون ب”النّجوم” ولهم مستمعون و مدعِّمون و معجَبون…. !!!
كلّ ما أطلبه منكم هو أن تنصتوا لهم بإنتباه وهم على مسارحنا يصولون و يجولون و في منوّعاتنا يتسردكون وينظّرون و يغنّون مباشرة دون ” مساحيق و لا عقاقير و لا تدخّلات” ، أنصتوا جيّدا و سوف تكتشفون مدى الفرق الشّاسع بين جمال أصواتهم المعروضة في “الكليبات” و تعاستها المفضوحة في المباشر على منصّات المهرجانات و المنوّعات !!!
يا ناس… الفنّ موهبة ربّانية لا يمكن إمتلاكها غصبا لا بالمال ولا بالحيلة و لا بالألقاب الملفّقة “السّلطانية” و لا بالمعلّقات العملاقة الإشهارية..
على كلّ حال ، التّاريخ سوف يغربل هذه الخَلطة الفنّية الملوّثة ولن يسمح بالنّواة الفاسدة من البقاء في حديقة الذّاكرة..