أحداث ساقية سيدي يوسف.. عندما امتزج الدم التونسي والجزائري
يحيي التونسيون والجزائريون اليوم السبت، الذكرى الـ62 لأحداث ساقية سيدي يوسف التي اختلطت فيها دماء الشعبين في القرية الحدودية في الثامن من فبراير سنة 1958، إثر قصف فرنسي استمر نحو ساعة وحولها إلى ركام وخراب وخلف نحو 79 قتيلا بينهم 20 طفلا وعشرات الجرحى.واستهدف المستعمر الفرنسي سوقًا أسبوعية يتوافد عليها التونسيون والجزائريون في قرية سيدي يوسف التي تقع على حدود البلدين التي كانت آنذاك نقطة إستراتيجية لقوات جيش التحرير الجزائري المتواجد على الحدود من أجل العلاج واستلام بعض المساعدات من الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي.
وتصادف الذكرى السنوية هذا العام في يوم السبت وهو اليوم ذاته الذي شهد هذه الجريمة التي جاءت بحسب مؤرخين كانتقام مباشر للجيش الفرنسي عن الانتصار الكبير الذي حققه جيش التحرير الجزائري في معركة “جبل الواسطة”، في 11 يناير عام 1958 بعد تمكنهم من قتل 17 جنديا فرنسيا، إلى جانب أسر 4 جنود آخرين.
واستخدمت فرنسا في الهجوم 25 طائرة حربية (11 طائرة من نوع بـ 26/ 6 من نوع كورسيل/ 8 من نوع ميسترال)، بحجة متابعة الثوار الجزائريين الذين كانوا يتخذون من المنطقة كقاعدة خلفية في مواجهة العدو، وهو ما تسبب في موجة غضب عالمية وعربية وتعاطف الرأي العام الدولي مع القضية.
وأعربت مصر وقتها عن تضامنها مع الشعبين التونسي والجزائري لتجاوز محنتهما، فيما أرجع الاتحاد السوفيتي آنذاك سبب الغارة إلى يأس فرنسا من كبح جماح شعب ثائر.
وقال الأستاذ عثمان منادي، من جامعة سوق أهراس الجزائرية، إن “تلك الأحداث التي امتزجت فيها دماء الشعبين الجزائري والتونسي وأسفرت وقتها عن استشهاد 79 شخصا من بينهم 20 طفلا أغلبهم من تلاميذ مرحلة الابتدائي و11 امرأة و جرح 130 شخصا، أدت إلى اتساع نطاق طرح القضية الجزائرية دوليا ومتنت أواصر الأخوة بين الشعبين الجزائري والتونسي”.
وأضاف في ندوة بمناسبة إحياء الذكرى الـ62 لهذه الأحداث، أن “فرنسا الاستعمارية حاولت تبرير عدوانها بحجة حق ملاحقة وحدات جيش التحرير الوطني، متحججة بأنها استهدفت مناطق عسكرية” لكن “سرعان ما انهارت تلك التبريرات الواهية بفعل كشف وسائل الإعلام حقيقة ما حدث وتنديدها بذلك العدوان الغاشم الذي لاقى استنكار المجتمع الدولي”.
ويستلهم الجزائريون والتونسيون من هذه الذكرى السنوية روح التضامن، ويتم استغلال هذه ذكرى هذه الملحمة المشتركة في تعميق الترابط بين البلدين من خلال وقوف وفود رسمية من البلدين عند النصب التذكاري للترحم على أرواح الشهداء، وعقد الجلسات والاجتماعات إحياء واحتفاء بذكرى اختلاط الدم التونسي بالدم الجزائري.
كما يتم في هذه الذكرى إبرام اتفاقيات أو إنجاز مشروعات مشتركة بين البلدين، وهو ما يتجسد هذا العام في إبرام اتفاقية توأمة بين الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الشغل الجزائري، وستشمل الاتفاقية عدة قطاعات وأنشطة، وستبرم عقب اجتماع نقابي تونسي جزائري موسع بالمركب الثقافي بمدينة ساقية سيدي يوسف.