الأرنب يزرع نقوداً .. للسفيرة القاصة سراى نور فرح

الأرنب يزرع نقوداً .. للسفيرة القاصة سراى نور فرح

 د. حاتم العنانى (المستشار الإعلامى للوكالة)

نور فرح قاصة واسعة الخيال مرهفة الحس تعرف كيف تكتب؟ حيث تنطلق فى الكتابة ويتميز السرد القصصى عندها بالتركيز على فكرة رئيسية تعتمد عليها فى طرح وبناء القصة وهى تمتلك نتاجاً أدبىاً رائعاً يحمل فكرة مؤثرة لكنها دائماً تتطلع وتطمح للأفضل .

قصة (الأرنب يزرع نقوداً)

بقلم: القاصة / سراى نور فرح (الجزائر)

الأرنب شهاب أرنب شقي، يهوى الاكتشاف والمغامرة فلا تخلو يومياته من المرح والنشاط ، كان دائماً يحب مساعدة أصدقائه الحيوانات فيهب مسرعاً لتلبية ندائهم حتى صاروا يلقبونه ببطل المساعدة.

استيقظ شهاب ذات نهاراً ورتب فراشه ، وتناول بعض الجزر ، وخرج يتأمل حوله، لقد خطرت بباله فكرة ، إذ قرر أن يزرع بستانه ، لكن لحظة .. بماذا سيزرعه؟ ، بدأ شهاب يدور حول نفسه وهو يفكر قائلاً:
– ماذا أزرع ؟..ماذا أزرع..؟

ذهب مسرعاً واجتمع مع أصدقائه الحيوانات فطرح عليهم فكرته وطلب منهم المساعدة ، استغربت الحيوانات فبطل المساعدة صار بحاجة إلى مساعدة !
بدأ شهاب يفكر عميقاً مع الحيوانات حتى قاطع تفكيرهم صوت الدجاجة وهي تقول:
– وجدتها وجدتها ! يمكنك أن تزرع القمح لآكل منه أنا وصيصان.

قال الأرنب باستغراب :
– مادا ..قمح..؟ أنا لا آكله ولا أظنه الخيار الصائب.

فجأة علا صوت الحصان قائلاً:
– صديقي شهاب، أغرس ورداً يسحر الأنظار.

رد شهاب بعد ما فكر عميقاً:
– ورد .. الكل هذه الأيام يغرس الورد.. أريد شيئا مميزاً واستثنائياً.

لم تقتصر المساعدة المقدمة لشهاب على الحيوانات فقط فقد فاجأته شجرة التين العريقة وهي تربت على فرائه قائلة:
– صديقي الأرنب ازرع شجرة تين تؤنسني فأنا وحيدة في هذه الغابة منذ أقدم السنين

رد شهاب:
– للأسف ليس هذا ما أريده، فأنا أرغب يا صديقتي العزيزة أن أغرس شيئاً بحديقتي وليس بالغابة.

فجأة ألهم شهاب من كل اقتراحات الحيوانات له فقال واللهفة تغمره:
– سأزرع النقود! أجل سأزرع النقود .. وانطلق راكضاً إلى بيته.

استخرج شهاب من حصالته عملة نقدية وذهب إلى حديقة منزله حفر حفرة صغيرة ووضع بها العملة، تملكته اللهفة لرؤية النتائج غداً وجلس في بيته وكلما مرت دقيقة يلقي نظرة على حديقته حتى شعر بالملل وخرج يبحث عن الحيوانات مجدداً … لكنهم قالوا له لا يمكن زرع النقود فهي لا تنموا كالنبات …. لم يصدقهم شهاب لأنه كان يوقن بأن النقود ستنمو وسيفاجئ أصدقائه منها.

راح شهاب يجول الغابة وبدأت هواجس أصدقائه تراوده بأن النقود لن تنموا فتملكه الخوف والحيرة وذهب مسرعاً لصديقته السمكة، رحبت به وسألته لما يبدوا حزيناً فقال شهاب:
– لقد زرعت نقوداً وأنا أخشي أن لا تنموا كما ذكرت الحيوانات.

حاولت السمكة أن تعيد وجهه الباسم فقالت له:
– لا تقلق يا صديقي شهاب ، أنا متأكدة من أنها ستنمو وهذا لا شك فيه ..ما عليك إلا الصبر ، فبتأني تدرك الفرص.

كانت السمكة تعلم أن النقود لا تنموا لكنها حاولت التخفيف من حزن صديقها فهو ساعدها العديد من المرات وحان الوقت لتساعده.
عاد صديقنا شهاب إلى بيته يسترق النظر من الشرفة إلى التربة التي زرع فيها العملة وهو يقول متوسلاً:
– أيتها العملة انبتي .. تحولي إلى شجرة نقود..ماذا تنتظرين ؟

حل المساء ونام شهاب نومة هنيئة وعندما أشرقت الشمس بخيوطها الذهبية استيقظ متلهفاً لرؤية شجرة النقود لكن للأسف لم يتغير في التربة شيء .. حزن شهاب وخاف أن تسخر منه الحيوانات فانعزل في زاوية بيته.

مرت الأيام وأحست الحيوانات بغياب الأرنب، فأرادت تقفى الأمر لكن كلما دق أحد الباب شهاب لا يستجيب أو يفتح .. لقد افتقدوا بطل المساعدة ولا يوجد من يحل محله ويسد الفراغ الذي أحدثه، فقرروا زيارته معاً ولما مروا من حديقة منزله بهروا بشجرة النقود، فطرقوا الباب عدة مرات لكن لا جدوى من محاولاتهم .. فتحوا الباب ببطء.. ووجدوا شهاباً منزوياً غارقاً في الدموع ، هبوا ليعيدوا البهجة إلى قلبه الطيب ويبشروه بشجرة النقود.

ساعدته الحيوانات على تخطي محنته وأكدوا له أنهم ما كانوا سيسخرون منه، حينها استعاد شهاب بهجته وروحه المرحة وخرج ليرى حديقته ، فتفاجأ بشجرة أغصانها متفرعة تتدلى منها عملات نقدية، فرح شهاب بشدة وصار يقفز ويهرول كالمجنون قائلاً:
– ألم أقل لكم أن النقود تنمو؟

منذ ذلك الحين وشهاب يعتني بالشجرة، يسقيها ويشارك الحيوانات ثمرة جهده، وهكذا اكتشف صديقنا شهاب أنه لم يكن عليه التسرع والحزن من الوهلة الأولى بل كان عليه الصبر لتظهر النتائج شيئاً فشيئاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى