رسالة لمن بعدي .. للشاعرة سعاد زكى البصمجى
رسالة لمن بعدي .. للشاعرة سعاد زكى البصمجى

الشاعرة: سعاد زكي (المغرب)
لكل حي فوق تراب الأوطان ..
بلابل الأمل.. رسل الإنسانية والسلام ..
إلى من جملت لهم قصائدي ..بقوافي المجد ..
وأكاليل الياسمين ..
حروف تتحدى الأقدار والآلام.. تنحث في الصخر أجمل الأحلام
..وتنشد ترانيم الحرية..
أنا اليدُ البيضاء..وقلمي سِلم ووفاء..كرامة وسخاء..يتراءى كالبرق والوميض ..في العٙلٙن والخفاء ..أنا السلام .. محبةٌووِآم .
أنا المواطنة المهاجرة ..هجرت أرض الأجداد ..حاملة معي حفنة تراب مقبرتي ..وجدائل، وضفائر، وشتائل حديقة حينا ..
أقحوان وياسمين وقطاف التين ..ونخيل الواحات..
وأسى تندوف..
أنا الاميرة اليتيمة..عانيت أوهام الشقاق ..ونفاق الرفاق..
هاجرت ودموع الفراق سيل يهمي على خدي.. من عيون غجرية لا ترى سوى شمس بلادي لوحة الغروب ..لوحة الكون الكبرى ..
آه.. آه يا وطني ..شوق وطيش الكبرياء حملني لبلاد الاغتراب ..أسراب وطيور نادرة
هجرت أرض أجدادي ..أحمل حفنة تراب..ساقني القدر ..لرغيف أبيض، وشوكة ألمانية، وسكين حلالي ..كان حلم طفولتي رفاهية ورغد..عند الرشد انتهى المسير..
كهولة ومستقبل ..أحزان !! أفراح !! من كل شيء الكثير .
علمتني التجارب.. أن السعادة لحظات قصيرة.. لحظات نسرقها في غفلة من الحياة ، لحظات لا نعي لجماليتها لا نشعر بملذاتها إلا بعد الفوات ..
إلى من بعدي أخبركم..
أنا الآن من بعيد أرى واحتي ..ألاهي..وطني ..أهلي ..
أفديهم بدمي..لا ولن أدون اسمي مع ” مارك ” و ” جيني “..ولن أغير خصالي وقيمي .
إلى من بعدي اليوم أكتب لكم رسالتي ..
وكياننا شبحاً قبيح الملامح.. فاقد الهوية.. منعدم الطعم بلا روح .. بلا لون .. بلا حياة ..المسخ يجوب شوارعنا ..أبوابنا كسرت ..ونوافذنا دون زجاج ..والغبار يعزف ألحاناً على شاشات زمننا.. ونحن صخور على الثرى نائمة ..والخراب حولنا …يحوم على أطلال الأزقة.. ينتابنا اليأس، يغشانا الخوف من غد مبهم ، نشعر بالوحدة، والوجع، وتساؤلات لا جواب لها سوى الأمل في مالك الكون رب السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما..
رفعت مآذن الجوامع ببلاد الغرب.. دقت أجراس الكنائس .. تضرع المريض الحازن البائس .. فقدنا الثقة في كل شيء حولنا ..حتى العولمة لم تعد سوى قرية إلكترونيّة صغيرة تترابط أجزاؤها..وهيمنة الأمم خذلتنا وقت المحن..
إلى من بعدي ..سوف لن نستسلم ..سنصارع الزمن..
ثغور في أوصالنا ..واقدام لا تمشي ..في زحمة الأمكنة أقدامنا تأبى المسير .. لكن سنتحدي اليوم العسير ..سنغني أغية الأمل ..فالليل قصير ..والفجر قريب.. وعلى ضفاف الفصول سننتظر أمنية ..سننتظر الصواب..ونستفسر سر الغياب.
نحن في محاكمة قاسية للذات البشرية، نحن في وقفة زمنية لترتيب الأوراق المبعثرة ..لنرتق أرواح ممزقة ..لنتعتذر لكل ابتسامة وهبها لنا الزمن ..رسمناها على شفاة العتاب.. واستغنينا عليها..نعتذر لكل من أحبابناهم وابتعدنا عنهم يوم ضلوا الطريق..
إلى من بعدي ..سأدون لكم عباراتي من رحيق دمي ..
لأعيش الدهر..كفراشة تبحث عن غصن ..تبحث عن زهرة نادرة ..وسيف الأمل لا يؤذيني..أطير لأكسب مجداً.. والدموع تنصهر على خدي ..
وابتسامات الأطفال البريئة ..تجيب عن السؤال..
زغاريد التوسل والحنين ..ونداء إلى السلام ..
وصمتي أنا ..أمام المشهد الرهيب ..ذنب !!!
في نهاري وليلي ..أبوح :
هل قلمي سلاح..؟
يغير مجرى الحياة ..؟


الشاعرة المهاجرة