في رمضان ٢٠٢٠.. الجمهور لن يرحم أحد.. وهؤلاء في مقدمة الرصد

مع حلول مغرب هذا اليوم، يبدأ الموسم الدرامي لشهر رمضان الكريم في عام لعله يعتبر عامًا حاسمًا نظرًا للظروف الخاصة التي يعيشها العالم بسبب أزمة وباء كورونا، فالجميع يجلس بالمنازل إجباريًا، الأمر الذي سيجعل من الموسم الدرامي للشهر الجاري شكلًا مختلفًا في المنافسة التي ستمنح الاستمرارية لأشخاص وتعطي آخرين كارتًا أحمر كإنذار لهم بضرورة التغيير والبحث عن منفذ آخر.
الكلمات السابقة تؤكد أمرًا مهما يتمثل في أن راية الحكم والنقد ستكون في إيدي الجمهور فقط فهو وحده سيكون صاحب الكلمة أولًا وأخيرًا وبناء عليه فإن الحكم هذه المرة لن يكون متهاونًا مثل كل عام والأسباب في ذلك كثيرة.
في مقدمة هذه الأسباب مقولة “تمثيلية الشارع” التي طال الاستماع لها على مدار سنوات طويلة في عمر الدراما المصرية منذ الثمانينيات وملحمة “ليالي الحلمية” وصولًا لثلاثية “كلبش” لن يكون لها تواجد هذا العام، فهذه المقولة خرجت من رحم المقاهي والأماكن العامة التي كان الجميع يجتمع بها لمشاهدة عملًا ما، وبسبب هذا الحشد يكسب العمل أسهمًا مع جمهور الشارع لكن هذا العام لن يصير الأمر بهذه الصورة حيث أن جميع هذه الأماكن مغلقة هذا العام، ما يعني أن نجاح أي مسلسل وبطله سيكون نابعا من قراءة ورؤية هادئة نابعة من الجمهور في المنازل بعيدًا عن صخب الاحتفاء الجماعي والتهليل لعمل أو نجم بعينه.
هذا العام أيضًا لن يتهاون الجمهور مع صناع الأعمال ولن يغفر لهم الاستسهال في تقديم أعمالهم حتى ولو كان السبب أزمة كورونا ومحاولة إرضائهم، فالفترة الماضية جعلت الجماهير أكثر احترافية في التعامل مع ما يشاهدونه من أعمال بعد أن أصبحت المنصات الإلكترونية هي المنفذ الوحيد الذي يتنفسون من خلاله بما يعرض في من أفلام ومسلسلات أجنبية متنوعة من مختلف الثقافات والبلدان وتحمل محتوى يمزج بين الترفيه والمشاكل الاجتماعية والأكشن وغيرها، ولا شك أن طريقة صناعة المحتوى الفني بالخارج تختلف تمامًا عن ما يقدم في إنتاجتها العربية، وهي في الأغلب تحمل إبهارًا كبيرًا من متابعيها لذلك فأن الجمهور هذه المرة سيشاهد الأعمال بعين ناقدة أكثر من كونها مشاهدة إلى حد كبير.
وليس هذا فقط بل إن الحلقات الأولى إن لم تكن جاذبة فإن نسبة ليست قليلة من الجمهور ستتصرف عن مشاهدتها لأنها ستضعها في حيّز المقارنة طوال الوقت مع ما تشاهده في أعمال على المنصات الآخرى العالمية.
هناك بعض الفنانين أيضًا سيكونون في مأزق كبير إن لم يكونوا على قدر الاختبار والمقارنات مع الآخر في مقدمتهم مسلسل “النهاية” لبطله يوسف الشريف الذي اعتاد أن يخرج على جمهوره بمحتوى مختلف، وهذا العام يخوض تجربة تقديم عمل ينتمي لدراما الخيال العلمي ما يعني أنه سيكون في مقارنة محسومة مع كثير من محتوى الدراما الأمريكية الشهيرة بذلك، وربما يطول صناعه باتهامات الاقتباس إن لم يكن هناك حبكة جيدة الصنع، وبالتالي فإن يوسف الشريف سيضع خطًا فاصلاً في مشواره الدرامي هذه المرة أما أن يكرر مثل هذه التجربة إذا لاقت نجاحها مع الجمهور وإما أن يذهب لتقديم شكل جديد ومختلف في نوعيات الدراما التي يقدمها وهو ما سيكون تحديًا أكبر من آخر سبق وخاضه في مشواره الفني.
مسلسل “ليالينا ٨٠” والذي يناقش المرحلة الاجتماعية في الثمانينيات من القرن المنصرم، سيكون أبطاله في مقارنات وتقييم من قبل الجمهور الذي سيضعهم في مقارنة مع واحد من أبرز الأعمال التي قدمت في العقد الثاني من الألفية الجديدة وناقشت المرحلة ذاتها وهو “بدون ذكر أسماء” للكاتب المخضرم وحيد حامد، ما يعني أنه إذا لم يكن العمل على نفس القدر من الأهمية والجدية سنصرف الجمهور عن متابعته.
هناك أيضًا مسلسل “١٠٠ وش” لبطلته نيللي كريم والتي تلتقي هذا العام مع آسر يس في تجديد لعودة الثنائي وعملهم معْا بعد انقطاع سنوات منذ ظهورهم في فيلم “احنا اتقابلنا قبل كده” فالاثنان يعودان لتقديم الكوميديا التي ابتعدوا عنها على مدار السنوات الماضية، وهم بالتأكيد في منافسة ومقارنة مع نجوم كوميديا باتوا متصدرين المشهد السنوات الأخيرة مثل أحمد فهمي وأكرم حسني وأبطال مسرح مصر مثل علي ربيع ومصطفى خاطر وغيرهم ولكن المقارنة الحقيقية ستكون مع نموذج المسلسلات والأفلام الأمريكية التي تناقش قضية النصب وتجمع بطولاتها رجل وامرأة.
أما مسلسلات ياسمين صبري “فرصة تانية”، “لما كنّا صغيرين” ل ريهام حجاج فالحكم على نجاحهم سيكون قاسيًا هذه المرة فالأولى طالها الانتقاد في رمضان الماضي من خلال مسلسل “حكايتي” وبالتالي هذا العمل هو بالفعل فرصة ثانية كنّا هو عنوان مسلسلها لاستعادة وهجها أما ريهام حجاج فهي فنانة ربما تكون معروفة لدى شريحة من المجتمع لكنها مجهولة لدى الأغلبية وبهذه الحالة سيكتب لها أما نجاح وتفرد بالبطولة المطلقة أو العودة للمشاركة في أعمال جماعية.
من بين الأسباب التي ستجعل من الجمهور ناقدًا لاذاعًا هذا العام أيضًا، أن فترة الحجر المنزلي وحظر التجول التي فرضت على مدار ما يقرب من شهرين حتى الآن جعلت للكثيرين مواهب ورؤى نحو المستقبل حتى وإن كانت غير واضحة المعالم لكنها بالأساس حركت البعض للبحث عن تطوير ذاته ومهاراته عبر القراءة والدراسة الأونلاين أو حتى تنمية مواهبه التي لم يكن يجد وقتًا لها، وباعتبار أن مشهد أزمة كورونا لا يزال مستمرًا لفترة لا يعلم أحد متى ستنتهي فإن الكثيرين سيحاولون استغلال الوقت الذي لربما لن يتكرر ثانية ما يعني أيضًا أنه إذا لم يكن هناك عمل يحترم أوقاتهم وأفكارهم فإنهم سوف ينصرفون عن متابعة الأعمال الدرامية.
مساء هذا اليوم سيكون الحسم مع حديث مواقع التواصل الاجتماعي وتريندات تويتر التي ستجعل الأعين تنصب نحو أعمال أو فنان بعينه، بخلاف منصة “تيك توك” التي ستجعل الكثيرين يأخذون اقتباسات من هذه الأعمال ويقلدون عليها النجوم بالمقاطع الصوتية، وربما يضع رمضان الحالي خريطة جديدة للدراما المصرية ستكون عنوانها السنوات المقبلة.