يوم ماطر .. للسفيرة سراى نور فرح
يوم ماطر .. للسفيرة سراى نور فرح

د. حاتم العنانى (المستشار الإعلامى للوكالة)


السفيرة: سراى نور فرح .. موهبة متمكنة أسست رغم حداثة عمرها اسماً بدأ يتلألأ فى سماء الإبداع، وبنت قاعدة قراء تتزايد مع كل نتاج أدبى لها



قصة يوم ماطر
بقلم: السفيرة / سراي نور فرح (الجزائر)


أُفٍ…إنه اليوم الثالث على التوالي والأمطار لا تتوقف عن التهاطل ..لقد مللت الجلوس في البيت ومشاهدة الناس تروحوا وتجيء .
..ترى لو كانت هنا مرام أو لميس معي لتحدثنا طويلاً ولن أمَّـل رفقتهن .. وربما نقيم حفلاً مبيتاً هنا وننصب خيمة بالقرب من الخزانة…ونطفئ الأنوار ونشعل ضوءاً خافتاً من هاتف أمي ..ونحكي حكايات تارة للضحك وأخرى لنخاف..آآآه يا لني من حالمة ..أنا الآن وحدي أثرثر وأثرثر ..لا أدري إلى ما أريد الوصول ..
رفعت أميمة يدها و إعتدلت في جلستها وعلامة التذمر تكاد لا تفارق ملامح وجهها الطفولي ..وتوجهت بنظرها نحو الشارع تكمل مشاهدة الحركة مع تزايد غزارة الأمطار..وفجأة لاح على محياها المرح وراحت تضحك ..عجيب حتى القطة تموء متذمرة من حال الجو يالا المسكينة آراها مبللة مع أن القطط لا تحب الماء كثيراً ..لكن لا بأس ها هو عمي شوقي يفتح لها باب محله للدخول..إنه شخص طيب ..لن أقلق عليها لأنني واثقة سيعتني بها فهو صديق كل الحيوانات …
تستدير أميمة ترثي جلوسها المقيد بعد ما إكتفت من أحداث الشارع .. لكن سرعان ما عادت .. لقد لمحت شيء أثار فضولها الصغير ..إنها العمة أنوار ..تجلس في بيتها أمام المدفئة وحولها أطفال صغار ..وها هي لميس ومرام ..ترى ماذا ستروي لهم…فقصص العمة أنوار ممتعة وفيها عِـبَر قوية تعزز معاني الحياة عندنا..
ها هي تلوح لي داعية إياي للمجيء ..آهٍ يا عمه أنوار ليتني أستطيع..
راحت أميمة تروح و تجيء في الغرفة تتسأل وتجيب..
ـ لو طلبت من والديَّ أن أزورها هل يمانعان ؟
ـ طبعا لا يمانعان زيارة العمة بل يمانعان الخروج في مثل هذا الجو .
ـ لكن بيت العمة ليس ببعيد إنه بنفس الشارع..
ـ وإن يكن تعرفين الحرص الذي فيه والديَّ..
ـ ماذا أفعل ..ماذا أفعل ؟..لن أعرف ردهما إن لم أجرب ..سأذهب لسؤالهما ..و أمري لله .
نزلت أميمة إلى حيث يجلس والداها تقدم رجلاً وتُأخر أخرى يملأها التردد حتى وصلت قائلة بصوت المتذلل ّ:
ـ أمي ..أبي..هل تمانعان ذهابي عند العمة أنوار ..أرى الأطفال جميعهم هناك ..حتى لميس ومرام ..وأنا أريد كسر حاجز الملل الذي أشعر به ..بسماعي لقصة من قصصها …
حدَّق الوالدين في بعضهما ثم إبتسما وردا:
ـ لقد إتصلت بنا هاتفياً تطلب حضورك شخصياً ..وهذا بعد أن رأتك تنظرين من النافذة ..ونحن بنيتي لن نمانع ..فاستمتعي ..
شعرت أميمة بفرحة عارمة ..فحضنت والديها بقبلات حارة شاكرة إياهما
ولبست معطفها وحملت مظلتها وخرجت مهرولة ..فرحة قائلة ..
ـ لم يكن اليوم سيء إلى هذا الحد..ففي الاخير سأحضى بكل المتعة في هذا اليوم الماطر …

