الاستغلال المتبادل في ظل كورونا

قلم/عمر علاوي/المغرب
حينما قامت فرنسا بتجربة نووية في صحراء الجزائر، كان الدافع سياسي بمعناها الاستراتيجي( الحقير ). الهدف هو أن تتأكد فرنسا- علميا- من قدراتها النووية، مع ابعاد اثار ذلك عن مجال ” الاكزاكون” أو الوطن التاريخي و الامتداد القاري لفرنسا ( مع تجارب مماثلة في اعالى البحار أو ما يسمى ما وراء بحر فرنسا ). بعد التجربة النووية في جنوب الجزائر، قام علماء الحياة بمسح لمنطقة التجرة و وجدوا أن الحياة كلها ماتت هناك إلى من عقارب مسمومة بقيت تسعى. يقال أن احد العلماء هناك رأى عقربا يتحرك فتوجه لزميل له بسؤال: ما هذا ( c est quoi Ça؟) يقصد العقرب ، فأجابه الثاني: إنها السياسة( c est de la politique ) و هو يقصد التجربة. القصة لا تجد لها أي سند تاريخي أو مرجع يؤكد ذلك.
لكن الخلاصة هي أن السياسة مثل العقرب، تعيش ولو وسط الدمار الشامل الذي يخنق كل سبل الحياة. فكيف هي السياسة في ظل كورونا؟
كورونا الآن بزحفها تدمر كل أنماط التنظيم السياسي و التراتبية المؤسساتية المتعارف عليها في تصنيف موازن القوى داخل الدول الوطنية و ضمن هرم التنظيمات العالمية. توجه يدفع بالخبير المختبري و البيولوجي و كذا الإحصائي/ التوقعي ليعتلي المشهد الإعلامي. و في نفس الوقت يدفع بالسياسي ليكون تابعا فقط و يربك كل تدخلاته- التي كثيرا ما صارت قاتلة و ملزمة لمراجعات ثاوين فقط بعد النزول من منصات الخطابة.
لكن هل فعلا ” جاءحة كورونا ” و الفيروس الذي يتم تصوريه طائرا اسودا يحلق فوق رؤوس الجميع، هو الذي خلق مناطق الصراع حول النفود و السيطرة بين أطراف متعددة( منها الخبير و السياسي و اطراف تصطف في طوابير متوارية ) ، أم أن السياسي هو من يحاول إعادة تركيب لوحة مفاتيح تدبير عالم( محلي و معولم ) بدأت ملاميح فقدان السيطرة عليه تتضح من خلال الانفلاتات التي سببتها آخر أزمة إقتصادية عالمية؟ هل رقمنة الأزمة جعلت الذين وضعوا سيناريوهات السيطرة عليها في موضع ضعف رقمي، فتحايلوا عليها بالعودة إلى البحث عن التوازن الطبيعي من خلال ” وباء شبه طبعي ” قصد اعادة التوازن بين الرقمة و الطبيعة و لو بالتحايل الذي يخلط بين ” الطبيعي/الرقمي ” بشكل ممنهج؟.
صمت “الوباء” في الصين وتقريعه لأمريكا اللاثينة و روسيا ، و كثافة الحضور في مطاعم حي سان جيرمان الباريزي مع كل الإحتجاجات( دون وقاية أو تباعد اجتماعي ) ضد العنصرية في امريكا، ألتي تحتل سقف العالم في عدد الإصابة، يطرح سؤال : هل كورونا وباء عالمي يفترض بحثا عالميا للخلاص؟ أم هو مجال للاستغلال المتبادل بين استراتيجيات متناقضة للأطراف الدولية ؟ و هل لكل ذلك اسقاطات قطرية ممكنة؟
قد نرجع لذلك…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى