لا لليأس .. للقاصة التونسية آلاء كركر

لا لليأس .. للقاصة التونسية آلاء كركر

القاصة: آلاء كركر (تونس)

عمر شاب محب للرّحلات، دائم الترحال بين القارات، ذات يوم، كان عمر على متن باخرة عملاقة وكأنّها قلعة تتوّسط كبد المحيط وكان النّسيم يبعث فيه الانشراح، فوقف عمر متأمّلاً البحر وقد غمرته الأفكار :

“إنّ البحر الذي يحمل المراكب والسفن، قادرٌ أيضاً على أن يحملَ كلّ ما في القلب من أسرار، وعلى الرغم من منظره الذي يوحي بالهدوء العميق أحيانًا، إلّا أنه يُخفي في أعماقه الكثير من الصخب، ففي أعماقه عالمٌ متكاملٌ من الأحياء، فيه الأسماك الوديعة والحيوانات البحرية فائقة الجمال، وفي الوقت نفسِه يحمل الكثير من الغموض في أعماقه وظلمته.”، ثم استلقى عمر على ظهره يتأمل السّماء وإذا به يغفو، فجأة ، واجه صعوبة في التنفس، وعندما استيقظ، بحث عن رفاق السفر، ونادى بصوت عالٍ. لكن لا أحد يجيب، فقط زفيرالرياح يحيط به من كل مكان، وقف واجماً فرأى نقطة صغيرة في الأفق، كان وحيداً وممّا لا شك فيه أنه على جزيرة مهجورة، لم يدرك الأمر جيّداً في البداية، لكن ودون تردد، تسلق قمّة الشجرة على أمل اكتشاف هذا المكان الغريب. ثم فهم عمر بأن السفينة قد تحطّمت وأنّ أمواج البحر رمت به في هذا المكان.

جلس عمر القرفصاء على صخرة كبيرة وقد شحب لونه، إلاّ أنّه سمع صوتاً من أعماقه يحثّه على الإرادة وعدم اليأس، قرّر حينها البحث عن مأوى أوّلاً بالرغم من أنّه منهك القوى، وسرعان ما عمّ الظّلام المكان وتلألأت النجوم في السّماء الحالكة، وإذا بحيوان ضخم وغريب، ذيله يشبه التمساح و لديه سبعة رؤوس تصطف بجانب بعضها البعض، لكلّ رأس ثلاث عيون مشرقة وقرن صغير.

شعر عمر بالخوف وكاد قلبه الصّغير يسقط بين ضلوعه، لكنه استجمع قوّته عندما سمع صوت أنين الحيوان ولمح حالته الضعيفة رغم كبر حجمه، اقترب الشاب الشجاع منه في حذر، فبادره الحيوان قائلاً:

“لا تخف أيّها الشاب، فأنا أمير واسمي سليم وكل هذا هو فعل ساحرة قبيحة تقطن هذه الجزيرة وتحوّل كل شاب بعصاها السّحرية إلى وحش على هواها، فاحذر من أن تراك.”

إذاك قرّر عمر مساعدة الأمير وحثه على عدم اليأس، ومن الغد، وبينما كانت الساحرة الشريرة تغط في نوم عميق، تسلل عمر إلى كهفها المظلم وأخذ العصا السّحريّة خلسة ثم ابتعد عن الكهف مهرولاً، وما إن وصل عمر الشاطئ مع الأمير الوحش حتّى لمس جسده بالعصى فتحوّل على الفور إلى شاب جميل ذو وجه لطيف ومليء بالحياة.

وفي النّهاية، ولحسن حظّهما، مر قارب بالقرب منهما فطلبا من صاحبه الرّحيل معه.

وتلك هي عاقبة الإصرار والإرادة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى