الراعى والذئب .. للسفيرة القاصة الجزائرية روان شرفى
الراعى والذئب .. للسفيرة القاصة الجزائرية روان شرفى

القاصة: روان شرفى (الجزائر)

في يوم من الأيام وبين هواء جبال الريف كان راع يرعى الغنم كعادته إذ به وجد ذئب حديث الولادة .
إبتعد الراعي قليلاً لعل أمه ليست بعيدة،لكن الأم لم تظهر وكاد الذئب أن يهلك من الجوع، حن قلب الراعي عليه فحمله وعاد به إلى الديار .
اعتنى الراعي بالذئب وأعطاه كل ما إحتاج من غذاء، وكان أينما ذهب الرعي أخذه معه .
مع مرور الوقت كبر الذئب قليلاً وأصبح يتبع الراعي أينما ذهب ،أصبح الراعي تعجبه طباعه لأنها تشبه أكثر طباع الكلاب، سماه الراعى (ميشو)،

مع مرور الوقت كبر (ميشو) وكبرت علاقته مع الراعي وكان لا يأكل إلا من يده ، حتى أنه كان لا يكاد ينام فالليل لحراسة الراعي وغنمه.

و ذات ليلة بينما كان الراعي في فراش نومه،سمع نباح وعوي فخرج الراعي مسرعاً فوجد الكلاب وكأنها كانت في شجار و لم يجد الذئب ( ميشو) فبحث عنه لكنه لم يجده، تفقد الراعي نعاجه فوجد أحد نعاجه ميتة والدم يسيل منها. بعد قليل ظهر (ميشو)، نظر الراعي له فوجد في فمه دماً، قال الراعي: أنت من قتلت نعجتي فالذئب يبقى ذئباً، وحمل عصا وبدأ يضربه، أصبح ميشو يهرب من ضربات العصا وينظر في عين الراعي وكأنه يريد أن يقول له شيئا، قام الراعي بطرد ميشو بالحجارة وابعاده عن المنزل والقطيع.
هرب ميشو إلى الجبل وغاب عن الأنظار. حزن الراعي حزناً كبيراً على نعجته وعلى ميشو . فخرج فى الصباح باكراً كعادته ،فوجد مكاناً وكأنه كان هناك شجار بين مفترسين فاتبع آثار الشجار حتى وصل إلى الوادي، نظر وسط الوادي فوجد ذئبان مقتولان حينها أدرك الراعي أن ميشو لم يكن هو من قتل نعجته بل هما الذئبان وكان ميشو هو من دافع عن نعاجه وهو من كان يتشجار مع الذئبان وقام بقتلهما والدم على فمه كان دمهما، تذكر الراعي نظرات ميشو له وهو يضربه وكأنه يريد أن يقول أنه بريء وأنه كان يدافع عن النعاج. فحزن الراعي لما فعله لميشو، ذهب إلى الجبل باحثاً عنه، بحث كثيراً لكنه لم يجده وكان الراعي كلما رعى الغنم لا يسلك مكاناً إلا ونادى فيه على ميشو لكن ميشو كان يراقبه من بعيد فقط .
أصبح ميشو ذئباً قوياً وخاصة بعد مكوثه فالجبل وأصبحت الذئاب تهابه أما الراعي فلم يكف يوماً عن مناداته، وذات يوم كان الراعي مع غنمه في الجبل كعادته فهاجمته الذئاب وحاصرته معها، خاف الراعي على غنمه وعلى نفسه، فأصبح يبعد الذئاب لكن دون جدوى كانت تريد افتراسه هو ونعاجه، وبينما هو يدافع على غنمه حتى ظهر ذئب قوي فتقدم الذئب فبدأ يتشاجر مع الذئاب ويبعدهم عن الغنم ويتقاتل معهم احتار الراعي من هذا الذئب الذي يدافع عنه، بعد ابعاده للذئاب نظر الذئب في عين الراعي، فتذكر الراعي نظرات ميشو الذي طرده لأنها نفس النظرات قال: كأنه ميشو، فتقدم منه وقال: هل أنت ميشو؟ فأصبح ميشو يمشي إلى الخلف ويبتعد . توقف ميشو عن الرجوع إلى الخلف فتقدم إليه الراعي منادياً له: ميشو .. ميشو فقفز إليه ميشو ووضع قدميه على صدر الراعي احتضنه الراعي وقال: لقد ظلمتك يا ميشو ولكنك كنت لي وفياً

أراد الراعي أن يأخذه إلى البيت ولكن ميشو اعتاد حياة الجبال وأصبح زعيم الذئاب، كان دائماً يزور الراعي ويحرص غنمه وحرم على الذئاب الأقتراب من الراعي وغنمه ومع أن الراعي طرد صديقه ميشو ولكن الصداقة الحقيقة تبقى إلى الأبد.