يا عمري الندي .. للشاعرة سعاد زكى البصمجى

يا عمري الندي .. للشاعرة سعاد زكى البصمجى

الشاعرة المهاجرة: سعاد زكي البصمجي
حكايتي الليلة ..عن امرأة
تتسابق مع الزمن.. حكاية
معتقة بشذى قلب يحن
لنسمات الربيع ..
حكاية امرأة تحتضن فراشات
الأمل .. تصافح أوراق
الأحلام التي تتراقص تحت
زخات الأمنيات.. لتبتسم لغد
أفضل 
كل الحياة قد تختزل عندها
في ” ياعمري الندي ” !!!
هكذا يناديها خليل الروح كل صباح ..كل
الوطن يختزل في
عينيه ..يمنحها مساحات
الأمان الكافية كي تطمئن أن
العالم بخير حقاً ..وأن هذه
الحياة تستحق أن تعاش حقاً ..
وأن القادم أجمل يقيناً ..
جاء يوم الموعد..يوم انتظرته
طويلاً ..
ببطئ الأيام والأحداث..وحنين
الأشواق ..
واقفة على رصيف الحب
تنتظر متهجدة تراتيل اسمه..
تنتظرته مقتفية عطر أنواره..
تنتظره متبتلة مقامات هيامه.. تنتظره ، تنتظره ..
يا سر الرب في روحها وهي
تعلن ايمائي بوحها ..عشقه
برجفة الإحساس في حضرة
قديس .. معلنة لا معشوق
سواه تعشفه ..
حكاية انتظار بمحطة الأمل ..
عبر حروفها لحون الزمن..
ومواويل الشجن ..
بكت روحها بصمت .. من
حر الاشتياق … قصيدة كتبتها
بين سفر وسفر .. وعودة
لماضي حلمه اندثر … تناثرت
العبارات فداستها أقدام البشر . ‏
في غياب الحبيب ملتمسة
امتصاص روح العفة، تحاول
أن ترسم صورة لطيفة من
باقي النور الذي يعم حياتها ..
بينما كانت تنتظر القطار
وضجيج المسافرين يملأ
المكان حتي لا تكاد تسمع
مخاطبك، كانت متجملة تسير
بغنج أنثى، فهي كائن
سحري، لا تنحته سوى
الذكريات ولا ترسمه سوى
التفاصيل .. أجل تلك
التفاصيل الصغيرة التي تنفذ
إليها كما بداية الموت أو بقايا
الحريق..
بغثة ، وفي غفلة من الزمان
والمكان، وفي خضم هذا
الضجيج والزحام، وجدت
نفسها، تُعَبر دون لسان، قلبها
مشتاق لذكرى إنسان،
لباقي النور الذي أنار حياتها
بين الأطياف الجامدة،
والأرواح الهامدة، نبض
ينزف الحنين شكو هجر
الحبيب، فكان سؤالها في
الملئ:
أين هو موطن العشق
ياعشاق ؟؟..
أين نسمة الحب ؟؟ …أكاد
أُخنق ..
أشتهي أن أخلع عني عباءة
الأنثي المشرقية وأعترف
أن قلبي خفق !!!
فالبذور إن لم ترع تفسد،
وتربثها تتفتت وتنشق.
شحبت أغصانها بنار الفراق،
كل ليلة تنتظر رحمة
الاستسقاء بقطرات الأمل
لتنعم بطعم الحياة …
أصبح حلمها يضايقها في
كل مكانٍ حلت به .. في كل
مدينة، في الكتب، في حقول
الطريق الطويل ،وأشجار
الشوارع، في الوجوه
العابسة والمرحة، في كل
العيون، وفي الزحام ..
اليأس ينافس حلمها ويحجب
الشمس عن الظهور، يجاور
القمر ويسدل ستاره بين
الغيوم، إذ تطل بسمةً
وتختفي فتبتسم ، وبعد
الصحو لم يكن سوى حلماً
ترى من نافذته عالماً حياً
يملأه الحب والنور، فتدرك
حينها أن الوهم يذبل الزهور،
وينتحر فيه الوجود ..
تصبح الروح كمن يسير إلى
نهايته من دون أن يستطيع
أن يغير شيئاً، رغم أنه
يعرف كل شيء، فيقرر أن
يغادر زحام عالم الأموات،
وليس في حقيبة الزمن سوى
أوجاع قلب مجروح ،وهي
ليست إلا ظلاً عابراً على
لحظات من السعادة ولذة
هنيهات قليلة عذبة وجميلة،
كانت نشوتها سدرة المنتهى.
أولها بداية حرف وآخرها
هزيمة عنقاء ..
قصة انتهى فيها العبور،
قتناثرت الخيبة بين السطور،
قطار آخر يغادر رصيف
الانتظار ،وقطارها تأخر
موعده، كلعبة الأقدار،
تصدر أحكاما بدون سابق
إنذار .. تعبت من الوقوف
فجلست على كرسي
الاستفسار برصيف
الانتظار، بزاوية الأمل،
وعادت تنتبه إلى تفاصيل
العالم وثقله، صارت تتأمل
الوجوه المعتادة، إنهم
الساهرون، الساخرون من
هذا الكون الجاثم على
الأرواح بتفاصيله المتكررة،
تطالع المدينة التي تتلألأ
أنوارها الباهتة وسكانها
المهرولون وسياراتِها
المسرعة ونسائها المتأنّقات،
فأحسست ذعراً ينتابها ،
والخوف من عالم يفتقد
الأمان ، ليس كعالمها الذي
فيه قمر يغازل النبض بين
الشريان، والكواكب تداعب
النجوم، والأرض جياشة
بغناء عذب، عالمها الآخر
تسكنه وحدها والهوى جارها،
عالم تحبه كثيراً وتهواه
جداً ..
فيه القلب يذوبُ ، ونعلمُ أن
البُعدَ ذنبٌ نتحمله ونحن عن
ذنوبنا لا نتوب عشقا وإن
أخفاه الجفن سرا، يفضحهُ
السُكوتُ، سيبقَى في حنايا
القلبِ حَيّا ..نرحل وهو لا
يموتُ، بزحمة الناس وضيق
الأنفاس، أخذت تقرأ
قصائداً كانت قد نظمتها في
الحبيب، محاولة أن ترسم
صوراً لطيفة من باقي النور
الذي أفل عن حياتها بعد
رحيله، فأخذت تخاطب
نفسها بصوت جهوري وهي
تقرأ: قرأت كل قصائدي أمتص
روح العفة من بقايا نورك
الواهية..
برهة تغيرت ملامح وجهها،
وبدا عليها حزن ، بدأت
تطوف برأسها ذات اليمين
وذات الشمال كمن يبحث
عن ضائع وسط الزحام، بعد
أن تسللت لهفة محمومة من
قصيدة إلى روحها،
فانهمرت دموع من عينيها،
راسمة صورة شمعة، ثم ما
لبثت أن بدأت تتبد لتحتل
ملامحها…
آمنت أن النسيان يدفن
الماضي، والخوف يكسو
الآتي، ‏والغرور يحتفل
بالفراق..
وحده القلب يبوح من مرارة
الأشواق…
هنا أدركت أني كنتُ فقط
أفضفض لكم حُزني ،
فمن سَيدفِن أحزان قلب
مشتاق ؟ من ؟؟.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى