رواية وراء الستار .. هجيرة بن الحرمة
رواية وراء الستار .. هجيرة بن الحرمة

الأديبة: هجيرة بن الحرمة (الجزائر)

مقطعين من رواية وراء الستار للأديبة الروائية القاصة الشاعرة الجزائرية / هجيرة بن الحرمة

سأتعلم أن لا أحتاجك…
سأخلعك من ذاتي…
كما فعلت بمعطفي ذات يوم، وأكررها بفستاني كل يوم، أنا إن لم تحفظني يا سيدي…
أنا أعشق وأمل…
فحتى عطوري أغيرها دائماً…
سأضمك لأنواع الموديلات التي أراها خلف زجاج المحلات، وتعجبني في كل مرة ألوانها الغريبة لكني في الأخير أقتني شيئاً غيرها.
ثق يا سيدي أنني لا أعرف للثبات نوع، فحتى في تلك المرات كنت أجهل أي لون أميل فكل الألوان عندي سيان.
سأتركك إن اعتبرتك ذلك المعطف الذي حماني من الصقيع ذات شتاء، سأتركك في سلة الملابس البالية ليأتي الشحاذ صبيحة منسية وأهديها له.
إن كنتَ يا سيدي ذات ليلة رومانسية عطري المفضل، فتأكد بأن القارورة في أحد رفوف حمامي العفن تزاحمت حبيبات الغبار عليها فغطت اسمها حتى نسيته، أو هي الآن في يد طفل مشرد يفكر أن يلعب بها وشلته فيرميها الواحد منهم للآخر.
لا تعتقد أنك يوم سرقت تلك القبلة السامة من شفاهي بأنك امتلكتهم، أو بالأحرى ستمتلكني..
لا تفكر للحظة أني ككل النساء ….
صحيح أرتدي بدلة رسمية، وأقتني ألبسة وعطوراً موسمية، لكن…
ثق وتأكد أنني في داخلي قد أكون وردة منسية…أو أصبح قنبلة ذرية. ولذلك فأسلوب التحذير لا أتقنه، ولم أستعمل صيغ المبالغة ولكني تعودت أن أبقى غامضة كعادتي، وتعودتَ أنت أن تفهم لغتي …
فلا داعي للمزيد….

وتعود لغة العيون التي لم أجد لها تفسير في معاجم الأحاسيس …
… تعود بقوة حزمك وعزمك على تعذيبي، كأنك تعقد صفقة مع آلهة الحب.حين رفضت أن أقدم لهم الحاسة الواحد والعشرين كقربان …
.. تعود.. لتفتح نفق الأسئلة المظلم، فأتيه أنا!
نعم، أتيه.ولا أع طريقاً للعودة، أتبع ذلك الصوت المجهول الذي يقودني داخلك .. داخلي .. داخل النفق ..، لأخرج منك … إليك .. فأجدك تنتظرني..
… يعود الصوت المبحوح..
مرة ثانية، ليفرق بيننا، ويختم الصفقة، لا بل اللحظة …… بابتسامة!
أدرك حينها أنها لم تكن إلا رحلة عابرة رسمتها، خططت لها … وأقفلت مفاتيح زنزانتي بإحكام.
رعشة قوية تعتريني..حين أطرق بابك، فأجدك فوق كرسي عرشك تنتظرني ..
ها أنت هناك بانتظاري مرة أخرى، ولكن كامرأة موؤودة منذ زمن تعدك!
” زنزانتك هذه المرة لا تكفيني، فدع نهاية الرحلة على يدي…”

أما عن الأديبة الروائية القاصة الشاعرة الجزائرية / هجيرة بن الحرمة، أصيلة ولاية الأغواط، معلمة بمرحلة التعليم المتوسط، وطالبة دكتوراة، لها قصائد شعر نثرى و رواية من وراء الستار و مجموعة قصصية.

والله ولى التوفيق
نشره: د. حاتم العنانى (المستشار الإعلامى للوكالة)