عميد كلية أصول الدين بالأزهر: الذهاب إلى السَّحَرة إثم ومُحَرَّم شرعا

أكد الدكتور عبدالفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين ب جامعة الأزهر أن مصر الآن تدخل عصر بناء الدولة الحديثة وهو ما يتعارض مع بقاء أى أثر من مظاهر الخرافات و الدجل والشعوذة التى يمارسها السحرة والدجالون والمنجمون والعرافون فى بعض قرانا ومدننا، ويؤكد أن هؤلاء جميعا فاسقون وكذابون وخطرهم على مصر أشد من خطر الإرهابيين وتجار المخدرات ومرتكبى الجرائم المنظمة، ويطالب الدكتور العوارى المشرعين المصريين بضرورة استصدار قوانين جديدة رادعة لهؤلاء للتخلص من نشر مظاهر الخرافة و الدجل فى المجتمع كما يهيب بالمواطنين سرعة الإبلاغ عن أماكن هؤلاء الدجالين والسحرة والعرافين لتقديمهم إلى المحاكمة فورا.
لا مكان للخرافة
وحول تفسيره لبقاء بعض مظاهر ممارسة أعمال الدجل والخرافات فى مصر رغم دخول الدولة عصر العلم بقوة حاليا يؤكد الدكتور العوارى أنه لا يخفى على أحد فى هذه الفترة أن هناك اهتمامًا بالعلم والتعليم وقد أخذت على عاتقها بأسباب العلم لبناء قدرات شباب الوطن وقد دفعت بالسير قدما للنهوض بالتعليم بدءا من مرحلة الروضة مرورا بمراحل التعليم كافة حتى التعليم الجامعى وما بعد الجامعى، كما أن هناك احتفاء بقيمة العلم الذى نهدف من ورائه إلى إنشاء الدولة المصرية الحديثة.
ويستطرد: وإنشاء العديد من الجامعات التقنية فضلا عن المشروعات العلمية العملاقة التى تعنى بالتقدم العلمى والتقنى دليل على عناية الدولة بالعلم والتعليم للأخذ بأسباب التقدم العلمى وهذا أمر دعت إليه الشريعة الإسلام ية وأكدت وجوبه، فلا مكانة للخرافة و الدجل والشعوذة فى بلد ينشد كل سبل العلم والتقدم مثل مصر، ويستطرد الدكتور العوارى: للعلم والدين دور فعال فى محاربة الجهل والخرافات فى المجتمعات التى تلجأ فى حل مشكلاتها الاجتماعية إلى أعمال لا تقبلها العقول السليمة مثل الدجل والشعوذة والسحر وهذه المجتمعات الجاهلة التى تدير حياتها من خلال الخرافات ستصبح مجتمعات راكدة فى جوانب الحياة كافة ولا مكانة لأمة تمارس الخرافة، وأمتنا المصرية تملك من القيم والأخلاق ما لا يوجد له مثيل فى أمة أخرى، وحرى بها أن تتقدم على الأمم كافة وتسير فى قمة ركب التقدم والناظر فى آيات القرآن الكريم يرى حديثا مستفيضا عن أهمية العلم الذى تأخذ به مصر حاليا ودور هذا الدين فى محاربة الجهالات بشتى أنواعها، و الإسلام يحث الإنسان أن ينظر فيمن حوله وفى نفسه ليأخذ بأسباب العلم فى قوله تعالى (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) كما يحثه على النظر فى الكون الذى يعيش فيه (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التى تبين قدر العلم والشريعة فى محاربة الجهالات لينتصر الإنسان به على شياطين الجن والإنس.
الساحر فاجر كذَّاب
وعن موقف الشريعة الإسلام ية من أعمال الدجل والخرافة وممارسات السَّحرة والدجَّالين يقول الدكتور العوارى: حذرنا الله من اتباع الشيطان ووسوسته وعداوته للإنسان فى قوله تعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) وقوله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث قاطعة الدلالة التى تبين لنا دور العلم والدين فى محاربة الجهالات والخرافات.
ويؤكد الدكتور العوارى أن الذين يتركون الذهاب إلى الطبيب للعلاج من الأمراض العضوية والنفسية ويذهبون إلى الدجالين والمشعوذين والسحرة آثمون، وهؤلاء السحرة والدجالون والمشعوذون كاذبون وفاسقون وفجرة ولا يرجى من ورائهم خير، وإنما يرتكبون الجهالات والمنكر وهم يعصون الله ويحاربون رسوله ويدعون العلم بالغيب وهم كاذبون ليستولوا على أموال المرضى المساكين، وقد يرتكبون جرائم بشعة فى حق المرضى كما تبين لنا دوما وسائل الإعلام أفعالهم القبيحة والذميمة.
ويضيف: لا يمكن أن يجرى الله على أيدى هؤلاء الجهلة شفاء لأن الله شرع وخلق الطب والدواء والذهاب إلى الطبيب واجب على المريض فى الشريعة، وأن أفعال هؤلاء السحرة الفجرة محرمة شرعا وقانونا وعلى المشرع أن يستصدر تشريعات تحمل عقوبات رادعة ضد هؤلاء الذين يتخذون لهم أوكارا للنصب والاحتيال على المرضى.
ويحذر الدكتور العوارى من التساهل فى التصدى لنشر الجهل والخرافات فى المجتمع لخطورته فى نشر التطرف والغلو والعنف بين أبناء المجتمع المصرى، فيصيرون متنطعين ويكون مصيرهم الهلاك كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤكد الدكتور العوارى أنه لا مكان للخرافة سواء كانت أعمال السحر أو الدجل فى مجتمعات أتقنت دينها وتعلمت شريعة ربها وأخذت بالعلم والتنوير كما هو فى مصر.
واجب شرعى
وعن دور المجتمع فى التصدى لأعمال السحر والسحرة ونشر الخرافة يقول الدكتور العوارى: إن سيطرة الخرافة وانتشار الدجالين والمشعوذين يسودان فى المجتمعات التى ابتعدت عن ربها وعن هدى رسولها، ونحن وهبنا الله فى مصر الأزهر الشريف كعبة العلم والعلماء، ووهبنا جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية التى يأوى إليها طلاب العلم والعلماء، ومن ثم ينبغى مواجهة هؤلاء السحرة والدجالين والمشعوذين الذين يصورون صورة المجتمع وهم مجرمون لا تقل خطورتهم على المجتمع عن خطورة الإرهابيين وتجار المخدرات.
وأضاف د. العوارى: أهيب بالوزارات والمسئولين والعلماء وخطباء المساجد والمربين وأولياء الأمور سرعة التصدى لأعمال السحر والسحرة والمشعوذين الذين يخربون عقول شبابنا بنشر الخرافة بيننا، وعلينا أن ننظف منهم المجتمع بأسره، فهم أخطر على بلادنا من الجريمة المنظمة نفسها.
وأضاف أن من يقوم بعمل السحر قلبه فارغ من الإيمان ويحمل فى نفسه روحا شريرة وسوف يعاقبه الله تعالى عقابا عسيرا على ما اقترفت يداه فى حق أبناء المجتمع، ويضيف: من يعتقد فى الساحر ويصدقه فقد كفر ب الإسلام والساحر الذى يمارس الدجل كما أجمع العلماء إنسان كافر ويحق لولى الأمر أن يطبق عليه أقصى العقوبات لأنه كائن يهدد المجتمع، والشريعة تحرم تلك الأعمال والعلماء حكموا على من يمارس هذه الأعمال ويعتقد بها فقد كفر وخرج من الملة (فمن أتى عرافا أو كاهنا وصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) ويهيب الدكتور العوارى بالمواطنين القيام بإبلاغ السلطات المعنية عن وجود أماكن هؤلاء الدجالين والعرافين على الفور حفاظا على مجتمعنا المصرى، واختتم الدكتور العوارى حديثه بقوله: إنه يحزننى ويأخذنى العجب أن يتأثر بعض أفراد الطبقات الراقية التى نالت قسطا وفيرا من التعليم والثقافة وينطلى عليهم مثل هذا الدجل ويسيرون فى درب هؤلاء الدجالين وينخدعون بمقولاتهم وينفقون عليهم أموالا طائلة ظنًّا منهم أنهم يطمئنونهم على مستقبلهم الأسرى أو الوظيفى والاقتصادى ويضيف: إن ديننا دين العقل جاءت تشريعاته تخاطب أولى الألباب وأصحاب العقول وليس فى ديننا ما نؤمن به دون تأمل لنرى الحق حقا فنتبعه ونرى الباطل باطلا فنجتنبه.