هي حكاية لا كالحكايات

هي حكاية لا كالحكايات

الشاعرة: عبير عزيم (المغرب)
هي حكاية لا كالحكايات
فرت منها كل العناوين
فظلت بلا عنوان
تحاكي غياهب النسيان
تصارع الأمواج
فتعزف في بحر بلا شطآن
هي سمفونية جميلة
تعزف فيها الحقيقة للخيال
على قيتارة قديمة
تلاشت أوتارها
فطالها الإهمال
هي رواية فيها امتزجت كل الألوان
واختلف بها الزمان مع المكان
تدور أحداثها
على كوكب جُنَّت بحبه كل الكواكب
وتاهت في عِشْقِه المجرات
في زمن تربّع على عرش الاوقات
في ذاتِ مساء
في بيت مهجور
تجمع الرفاق
جلست الطبيعة القرفصاء
تحكي قصتها الحزينة
ذابت حشاشتها
كادت تموت الحياة بداخلها
رئتاها تشتاقان إلى الهواء
وأحاسيسها تحاكي الفراغ
تناشد الوجود
وتئن من وطأة بلا حدود
تحن إلى نهر سلسبيل
وهواء بنكهة النسيم العليل
تقارع الضمائر
علّها تجد السبيل
إلى خلاص من حمل ثقيل
زهور ذابلة
وبساتين عطشى
وبحيرات امتدت لها يد الغدر
حزينة هي الطبيعة
تبكي على أطلال غابة خربها الإهمال
وأشجار التهمتها النيران
وطيور فرّت وعصافير
وبلابل كانت تشدو بالأمس
وهناك في الجانب الآخر
يجلس البحر كئيباً
تسللت الأحزان عبر ثناياه
يخشى على سمكه
من الهلاك
ترتطم أمواجه بحواجز الخوف
فيصيبه الهلع ويغرق في دهاليز أوجاعه
وهناك على الأريكة المهترئة
تجلس تلك التي ذاقت درعاً
هي الأسرة تندب حظها
تفرقة، تشتت،
لقاءات فارغة
ومحطات من غير استراحة
تشكو همها للرفاق
تكاد تكف عن الحياة
هي التي تشتهي كل المستقبل
تنصهر المشاعر فيها وتذبل
وتعبر جسرا
إلى اللامبالاة
تتألم حين ترى
أنامل مرهقة، عيون منهكة
وعقول جمدها السكون المزعج
وفوضى هنا وهناك
 
وعلى الجانب الأيسر
في مهد صغير
ترقد الطفولة
وقد طوقتها الأشباح
تصرخ بصوت عال
هي لا تحن إلى قطرة حليب
هي خائفة من المجهول
تغمض الجفون
وتخشى ان تتطلع إلى الصباح
وتخجل من الزمان
تستحيي من المكان
تخاف من غفوة قد تؤذيها
ومن شمس قد تبخل عليها بأشعتها
 
وفي ركن الغرفة هناك
ينزوي المستقبل وحيداً
يحارب الأفكار التي
تدلت من حوله كجيش عرمرم
يخاف من نفسه تارة
وعلى نفسه أخرى
يتضرع للوجود
ويتمنى نسمة هادئة
في لحظة غلبه الهجود
وراح السبات يعزف لأجفانه الحزينة
تهب نسمة أمل خفيفة
من على رموشه
وترسم بسمة على ثغره
فتستمر الحكاية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى