متاهة عشق
متاهة عشق

الأديبة: إبتسام الخميرى (تونس)
منذ خمسين عاما أو ما يزيد..
كلّما أشتاقُكِ أركنُ إلى جدران
المنزل أترشّفُ منها بعض
السّكينة و الهدوء. هكذا منذ
خمسين عاما… أغلقُ الأبواب
دوني و أجالس رسوما خططتها
من وهج عشقي اللّامتناهي إليكِ.
أمضي أياما و ليال أتلبّسني مع
أثاث البيت روحا جذلى تشتاقُكِ..
فأُعلن ذاتا متشبّعة بكِ، أهرعُ
إلى الأواني و الكراسي و حتّى
الجدران و الأسقف فأطيل
تنظيفها بعد أن كنتُ قد أطلت
تأمّلها أشهر و سنوات مضت…
وحده الحنينُ يركض بين خبايا
الرّوح و لا يستكين إلّا و قد تهدّم
صرحُ هذا الجسد… تجتاحني
حرارة لا مثيل لها و ارتعاشة
جدّ فاضحة كلّما ارتشف الفؤاد
همساتكِ خلسةً…
ما بكَ لا تتزوّج و تمنحني
الإحساس بأن أكون جدّة
لأبنائك؟؟
أمّاه، لن أقبل أن يشاركني حبّكِ
أحدا حتّى و إن كانوا أبنائي.
ههههه، يا لكَ من مخادع،
اعترف أنّكَ على عهد حبّها.
ربّما..؟؟!!
و تصرّ اليدان على التّنظيف بكلّ
عنف، هكذا كشفه قلب أمّه، كما
المعتاد. بيد أنّ المخادع الماثل
أمام أمّه يحمل بين قضبان
ضلوعه وفاء لا مثيل له، نعم.
لقد خفق قلبه لعدّة نساء التقاهنّ
في حياته لكنّ الخفقان كان
يختفي حالما يلج جدران بيته
فيتيبّسُ و يتحوّل إلى كتلة من
جليد و تصير كلّ مسارب روحه
قفرا.. يدمي جسده و روحه أيّام و
ساعات طوال ثمّ يجلس على
ذلك الكرسيّ الفاخر وسط
مكتبه.. ذلك الكرسيّ الأحمر
الّذي اقتناه لأنّها وحدها كانت
تعشق الكراسي الفاخرة
المتأرجحة و اللّون الأحمر…
ها هو يجلس فوق كرسيّ
اختارته و ما كانت تدري بأنّه
نفس الكرسيّ الّذي سيجلسُ عليه
فوق جسدها المترع حياة و
حيويّة… عفوا، ذلك الجسد الّذي
تحوّل جثّة مكبّلة في غرفة
عاشق… و للعشق
غوايات أخرى…