القرية كان لديها اكتفاء ذاتي أصبحت عبء استهلاكي
القرية كان لديها اكتفاء ذاتي أصبحت عبء استهلاكي

القرية كان لديها اكتفاء ذاتي أصبحت عبء استهلاكي
كتب/محمدالغنام
منذ فجر التاريخ كانت مصر أول دولة على وجه الأرض نظمت الزراعة بمواعيد، فهى دولة زراعية ارتبطت حضارتها منذ العصور القديمة بمهنة الزراعة، وابتكر شعبها الآلات الزراعية وآلات الرى، وحتى وقت قريب كانت الزراعة فى مصر هى العمود الرئيسى فى خيمة اقتصاد الدولة، إلا أنه مع التطورات الأخيرة تراجع الاعتماد على الزراعة كمصدر أساسى فى الاقتصاد القومى، مع الاتجاه نحو الصناعة منذ ستينات القرن الماضى، وهو الأمر الذى أثر على دور القرية المنتجة، وتحولت إلى مستهلكة، حتى فى الغذاء، وأصبحت عبئاً على المجتمع والمدينة فى كل شىء، نتيجة للتضخم السكانى وتزايد تيارات الهجرة من الريف إلى المدن وإلى خارج مصر بحثاً عن فرص عمل أفضل، بالإضافة إلى توغل سعار الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية.
الفرار من القرية والتخلى عن الأرض حالة سيطرت على الفلاح، مؤخراً فى ظل الأزمات المتكررة لتوزيع الأسمدة، ومعاناتهم مع التجار فى أسعار المحاصيل، ما ساهم بشكل واضح فى ترك كثير منهم مهنتهم الرئيسية نظراً لتراجع العائد من الزراعة، فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وعدم كفاية العائد المادى للأرض للحياة المعيشية، مع غياب دور الإرشاد الزراعى الذى كان عاملاً أساسياً للتوعية بأهمية الزراعة والتعامل مع أزماتها. كل هذه العوامل مجتمعة دفعت الدولة لاتخاذ عدة إجراءات من شأنها حماية الفلاح وإعادة الوجه الأخضر إلى القرية المصرية، كان على رأسها الاهتمام بالزراعة باعتبارها مقوماً أساسياً للاقتصاد القومى ، وتطبيق منظومة الكارت الذكى للفلاح لحفظ حقه فى الأسمدة ووضعه على أعتاب الثورة التكنولوجية، وقيادة مؤسسات الدولة معركة شرسة لإزالة التعديات على الأراضى الزراعية لعودة المساحات الخضراء مرة أخرى.والدولة تعمل الان علي زيادة الرقعة الزراعية معتمدة علي الميكنة الزراعية وانشاء مجتمعات زراعية جديدة تخف العبء عن الوادي القديم ولكن هل ستعود الصورة الحقيقية للقرية المنتجة مع التطور التكنولوجي وعدم اقتناع الأجيال الجديدة بمهنة الزراعة؟
«