العنف ضد المرأة .. اسبابه وطرق معالجته بقلم . د/ بدر جبار عريبي

 

 

العنف ضد المرأة .. اسبابه وطرق معالجته

الجزء الاول

الدكتور / بدر جبار عريبي

تمثل مشكلة العنف ضد المرأة إحدى القضايا التي تهتم بها المنظمات الدولية وهيئات المجتمع المدني ، وقد أصبح الاهتمام بها يمثل قضية من قضايا حقوق الإنسان وميزان لتحضر الشعوب، والحكم على أهلية المجتمعات بالانتساب للإنسانية.ويعد العنف الموجه ضد المرأة من أبرز المشكلات العالمية التي لا يكاد يخلو منها مجتمع سواء وصف بالتقدم أو التخلف، كونه يشكل انتهاكا لحقوقها الإنسانية والحريات الأساسية التي يجب أن تتمتع بها، وهو ما يمارس عبر التاريخ بأوجه وأشكال مختلفة كمظهر لعلاقات قوى متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها، فالعنف ضد المرأة ولا سيما العنف الأسري، أضحى من القواعد الاجتماعية الحاسمة التي تفرض على المرأة التبعية للرجل، وينجم عن ذلك تداعيات وانعكاسات خطيرة على الأسرة والمرأة معا، وقد يؤدي إلى معاناتها من خبرات سيئة وتجارب عاطفية فاشلة ومعاناة نفسية واضطرابات سلوكية وعلاقات اجتماعية مفككة، فضلا عن إصابتها بعاهات دائمة أو حتى وفاتها.وتعاني المرأة العربية كغيرها من النساء في العالم من سوء المعاملة في حياتها اليومية وعلى جميع الأصعدة، وتسهم مجموعة من العوامل والأسباب الاجتماعية في تكريس سلوك عنفي ضدها بأشكال مختلفة، يصل في كثير من الأحيان إلى حد قبوله والتعاطي معه على أنه من الأمور المقبولة اجتماعيا، وذلك رغم سعيها وجهادها ووقوفها إلى جانب الرجل وحاجة المجتمع إلى دورها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذه المشكلة ليست مقتصرة على قطاع معين في المجتمع، بل مست مختلف القطاعات بغض النظر عن الطبقة والدين والثقافة والتحضر.كما أعلنت الجمعية العامة في هيئة الأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني من كل عام، يوما دوليا للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام بتلك المشكلة العالمية.إلا أن العنف ضد المرأة لم ينشأ في هذا التاريخ وإنما منذ قديم الزمان، ولكن الاهتمام العالمي بهذه المشكلة شهد مراحل متطورة وسجل أفعالا عديدة عدها أشكالا من العنف ضد النساء بحسب العوامل المؤثرة في المجتمعات وبحسب الأسباب الدافعة أو المساعدة على تفشي هذه المشكلة، ويعتبر المجتمع الإنساني مجتمع يواجه تحديات مختلفة وظواهر عديدة نتيجة التغيرات السائدة في الحياة الاجتماعية وما يتبعها من أحداث ذات طابع سوسيولوجي واقتصادي وثقافي وسياسي مما يساعد على زيادة انتشار عدة ظواهر، ومن بينها ظاهرة العنف ضد المرأة الذي لا يعتبر جديد على البشرية، إنما قديم قدم الإنسانية كونها ظاهرة اجتماعية ظهرت بأشكالها المتنوعة كالعنف الجسدي، اللفظي، والرمزي.إذ أصبح موضوع العنف ضد المرأة بجميع أشكاله موضع اهتمام وقلق لدى العديد من المجتمعات ..تعددت وتداخلت تعاريف العنف، مما خلق قدرا من الاضطراب واللبس في استعمالاته في أدبيات العلوم الإنسانية والاجتماعية ويعود عدم الاتفاق إلى اعتبارات متعددة منها: أن العنف ظاهرة اجتماعية مركبة ومعقدة ومتعددة، ودوافعها متداخلة ومتباينة تتنوع من مجتمع إلى آخر كذلك فإن مستويات العنف وممارساته متعددة ومتباينة حسب الزمان والمكان، ولظاهرة العنف أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية ودينية ونفسية، ويتضمن سلوكيات مختلفة التنوع.. العنف هو ممارسة القوة البدنية لإنزال الأذى بالأشخاص أو الممتلكات، كما أنه الفعل أو المعاملة التي تُحدث ضررا جسميا أو التدخل في الحرية الشخصية.. العنف: “استجابة سلوكية تتميز بصفة انفعالية شديدة قد تنطوي على انخفاض في مستوى البصيرة والتفكير، ويدو العنف في استخدام القوى المستمدة من المعدات والآلات وهي محاولة الإيذاء البدني الخطير.” فالعنف ضد المرأة هو سلوك أو فعل موجه إلى المرأة يقوم على القوة والشدة والإكراه، ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية، ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع والأسرة على السواء، ويلحق بها ضررا ماديا (الضرب، الجرح، الحرق، الاغتصاب..)أو ضررا معنويا (الإهانة، الشتم، السب، التحقير..) أو كليهما معا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى