ما بعد الصدمة…بقلم / مروه المصري

ذات يوم كانت مشرقة حد السماء حد مصارحة الجميع بابتسامتها… كانت مبتهجة للدرجة التي سمحت للبعض أن يحكم عليها بالتفاهة و السطحية
كانت لديها تلك الطاقة التي لا تجدها إلا في طفل السادسة من عمره فلا يهدأ و لا يسكن حتى في نومه يعارك أغطية فراشه
لم تكن ترتدي نظارات شمسية.. كانت تواجه كل شيء دون حواجز.. لم يكن ليزعجها شيئا حينها
تعالج مشاكلها بالطرح أرضا و السير عليها كما لو كان لديها قوة خارقة.. لكنه لم يكن شيء سوى اللامبالاة… فقد كان لديها من النعم مالا يجعلها تتوقف ولو برهة أمام تلك الصغائر
وإن غلبت يوما و خانتها دموعها كانت تضحك لمرور لطيف لطفل قدرا و لا زالت عبراتها تقف في عينيها… حتى اتهمها بعضهم بالجنون و البعض الاخر أنها بلا مشاعر على الإطلاق بل إنها بلا قلب
لم تتأفف يوما لأحكامهم.. فكانت ترى نفسها مختلفة متميزة بريئة نقية كما كان يراها القليل
و العجيب في الأمر أنها لم تخذل في حياتها مثلما خذلت من تلك الفئة التي نعتتها بكل الصفات الرائعة
حتى قلبها كان يغفر كل شيء ولا يبالي أيهم يغفر؟ الأخف وطأة و ألما عليه أم أشدهم… لم يرهقها كثرة الأذى و لم يفن تسامحها.. ربما شجع ذلك فريقا من الصعاليك الانقضاض على قلبها والفتك به
حتى زارها الانطفاء..
تلك الغيمة التي حجبت عنها كل ما أضاء يوما في عينها
فصارت الابتسامة باهتة الألوان .. ابتسامة ليست مزيفة بقدر ما كان معناها مؤلما.. الابتسامة التي من شأنها أن تنتشلك من أن تفضح خمول مشاعرك و ركاكة قلبك و هشاشته
العجيب أنه لم يستطع أحد أن يلاحظ ذلك الفرق الجوهري بين الابتسامة و شبحها
لم يقتلها أبدا من قبل التجاهل لكن الاهتمام فعل
الاهتمام بنوعيه : المغلف بالفضول و اهتمام المحبة
وإن بدا الاول مزيفا طبقا لإحساسها بالبشر و بدا الآخر رائعا إلا إن اعتيادك عليه و ادمانك له لخطأ فادح ستكتشفه عندما يلوح لك راحلا ليدعك وحيدا في العراء تقتات بعض العلاقات العابرة تلك العلاقات التي تأتي على شاكلة التعافي المؤقت
لكنك تعلم أن كل الطرق تؤدي إلى روما
الوحدة لا مهرب منها…
صدمتك في أحدهم قاتلة يا صديقي.. و العودة لنفسك القديمة.. لروحك الأولية.. لسجيتك الطفولية أمر بات مستحيلا .
ستبحث و تفتش و تنقب عن شيء ما فقد منك في الطريق لكنك لا تعلم كونك فقدت شيئا فذلك كي تكتسب غيره.. اكتسبت نضجا و قوة و إن حسبته ضعفا في بادىء الأمر .
لا تكره نسختك الجديدة مابعد الصدمة .. أعلم أنك كنت أكثر سعادة و لكن القوة ستجلب لك الراحة التي تستحقها ..
يوما ما سترمم جروحك و انكساراتك غير مباليا وستقف بكل ثقة أمام مرآتك مبتسما و ستفتح ذراعيك للحياة قائلا : هل من مزيد؟!
#مروة_المصري
#مابعد_الصدمة…وكالة أنباء أسيا