وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى

بقلم / سناء الحافى
يحدث أن نختصر المسافة بين الحاجة و الإكتفاء…
و يحدث أيضاً أن تكون الإبتلاءات محمّلة بالخير و الألطاف و الرحمة..
لكن ما يجعلنا نتجرّع مرارة اليأس أحياناً ، ذاك الحمل الثقيل على أكتافنا تحت مسمّى الواجب و الضرورة و قوّة التحمّل لأجل البقاء..
ذاك الخوف من الغد ..من الجوع..من الوحدة…!
لأنّنا خُلِقنا و كَبرنا بين يديّ الحرمان ..!
لأنّنا كبِرنا مُجبرين على الفضيلة بالرغم من تناسل الخطايا من حولنا ..
لكن حين يكون الرّضا بما وهبنا الله قانوناً في التربية و الاكتساب ، و يكون المجتمع ( قدوة ) يعلّمنا حبّ الذات أولا ، و القناعة ثانياً .. بعيداً عن العيب و الحرام و ثقافة الإجبار … حتماً سيصبح العالم من حولنا أكثر تقبّلا لإخفاقاتنا و انتصاراتنا ..و أكثرا استيعاباً لطموحنا …
حتماً هو الرّضا .. عنوان السعادة ..في رحلة الشقاء التي نعيشها …
فلا تتطلّع إلى ما يمتلكه الغير بعين التمنّي..!
و لا تكن ساخطاً على هذه الحياة ، لأنها لم تمنحك ما تستحق من الدلال…
و كُن شاكراً لما وهبك الله ، و لا تُقارن نفسك بأحد…
تعامل في الحياة ببساطة ولا تعقد الأمور فيصعب عليك حلها ..
اهتم بالمعنويات أكثر من الماديات ،فمعظم الناس يسعون لامتلاك الماديات ولا يشعرون بما يمتلكون من علاقات اجتماعية ناجحة ، بيئة طبيعية من حولهم ، معتقدات دينية مريحة للنفس ،
امعن النظر في كل ذلك تجد القناعة التي تخلق لك سعادة لا تقدر بمال…!
فعندما تصبح قنوعا راضيا عن الكنوز الحقيقية التي تمتلكها وتبدأ بالنظر لمن حولك من أبناء ، أهل ، زوحة ، أصدقاء تسعد وتسعد من حولك جميعا ، ولا تكن عبئا عليهم ومصدر للقلق والحزن .
أستحضر الآن قصة رجل فقير كان يرعى أمه و زوجته و ذريته ،وكان يعمل خادماً لدى أحدهم ، مخلصاً في عمله ويؤديه
على أكمل وجه ، إلا أنه ذات يوم تغيب عن العمل ..
فقال سيده في نفسه :
” لابد أن أعطيه ديناراً زيادة حتى لا يتغيب عن العمل .
فبالتأكيد لم يغيب إلا طمعاً في زيادة راتبه لانه يعلم بحاجتى إليه
” وبالفعل حين حضر فى اليوم التالى فأعطاه راتبه و زاد عليه الدينار ..
لم يتكلم العامل و لم يسأل سيده عن سبب الزيادة ،
وبعد فترة غاب العامل مرة أخرى ،
فغضب سيده غضباً شديداً وقال :
” سأنقص الدينار الذي زدته. ”
و أنقصه .. و لم يتكلم العامل و لم يسأله عن نقصان راتبه..
فإستغرب الرجل مِنْ ردة فعل الخادم ، وسأله :
زدتك فلم تسأل ، و أنقصتك فلم تتكلم !!
فقال العامل : عندما غبت المرة الأولى رزقني الله مولوداً ..
فحين كافأتني بالزيادة ، قلت هذا رزق مولودي قد جاء معه ،
وحين غبت المرة الثانية ماتت أمي ، وعندما أنقصت الدينار
قلت هذا رزقها قد ذهب بذهابها …
فما أجملها مِنْ أرواح تقنع و ترضى بما وهبها إياه الرحمن ،وتترفع عن نسب ما يأتيها مِنْ زيادة في الرزق أو نقصان إلى الإنسان .
اللهم أكفنا بحلالك عن حرامك و أغننا بفضلك عمن سواك .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى