الوعى البيئي ضرورة فى البناء الذاتى لحماية البيئة

الوعى البيئي ضرورة فى البناء الذاتى لحماية البيئة


الوعي البيئي ضرورة في البناء الذاتي لحماية البيئة
بقلم :
الدكتور محمد يونس عبدالحليم
أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة جامعة الأزهر

إن قضية البيئة وما تعانيه من تدهور. واستنزاف وسوء استخدام أصبحت من القضايا الملحة في عالمنا المعاصر بعد أن وصلت الأمور إلى وضع حرج أصبح يخشى مع استمراره إلى حدوث مشكلات بيئية ليس من السهولة تجاوزها. ولعل ما تواجهه البشرية اليوم من مشكلات وكوارث بيئية متباينة ومتشابكة أن دل على شيء فإنما يدل على غياب الوعي والحس البيئي وتجاهلنا للكثير من الأمور القانونية والدينية والاجتماعية التي تحكم سلوكياتنا وتصرفاتنا تجاه بيئتنا. وبالرغم من أن قضية البيئة أصبحت قضية عالمية تهم الدول الكبرى والصغرى كلا حسب طاقاته وحجمه، فالحلول الفاعلة ما زالت بعيدة. ويتبين أكثر فأكثر أن الدول المعاصرة قادمة على أزمة مصيرية حادة إذا لم يعالج الوضع البيئي بالسرعة الممكنة وهذه المعالجات بالذات لا تقتصر على المحافظة على مظاهر البيئة الطبيعية والتوازن الايكولوجي بل تتعداها إلى التنمية والاعمار ومحاربة التلوث، وأكثر من ذلك إيجاد العلاقة المميزة بين المواطن وبيئته من أجل حثه على اعتبارها جزءاً قائماً من ذاتيته ينبغي عليه الاعتداء به، لأن البيئة تشكل الوجه الحضاري للمجتمع الهادف إلى الحياة والتقدم.
إن مشكلاتنا البيئية هي من صنع الإنسان، أنها حصيلة حضارتنا الصناعية والعلمية، والتي لم يرافقها وعي للآثار الجانبية ومخاطرها بعيدة المدى على الإنسان والبيئة، مما يتطلب بذل الجهود لاحتوائها، إذ لابد من العمل الجاد على تغير اتجاهات الإنسان نحو البيئة من اتجاهات عدوانية أو سلبية إلى اتجاهات ومواقف ايجابية تتجلى في الحفاظ على البيئة واحترام نظامها وتوازنها بغية الوصول إلى السلامة في بيئة صحية. وتختلف العوامل المؤثرة على الالتزام اختلافاً جوهرياً من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى داخل البلد الواحد، نتيجة لتباين الظروف الاقتصادية والاجتماعية واختلاف في العادات السائدة في المجتمع أو سلوك أفراده، ومدى اقتناعهم بأهمية حماية البيئة ومنع التلوث، ونشر الوعي البيئي يجب أن يؤخذ في الاعتبار ضرورة تغير السلوك الإنساني تجاه البيئة.إن سوء السلوك البيئي للإنسان هو الذي أدى إلى قائمة المشاكل البيئية المعقدة التي تواجهها البشرية، لذلك فإن المفهوم الحديث للنظام البيئي أصبح يدور حول الإنسان وحمايته من نفسه، وذلك بالاهتمام والمحافظة على جميع العوامل والخصائص البيئية التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على نوعية الحياة البشرية. لذلك فإن العناصر الرئيسية للنظام البيئي حسب المفهوم الحديث هي كما يلي: تنظيم استعمالات الأرض وتنميتها بما يتلاءم مع الزيادة المضطردة في تعداد السكان واحتياجاتهم من العناصر الأساسية للحياة: الماء والهواء والغذاء، وحماية هذه العناصر من التلوث.
ووضع الأسس السليمة للبيئة الصحية والاجتماعية في المدن ومناطق التجمعات السكنية وخاصة ما يقام منها نتيجة لهجرة الأيدي العاملة بسبب التصنيع والتحضر.والحفاظ على الثروات الطبيعية المتجددة بما في ذلك الثروة البشرية والسياحية وضرورة الاهتمام بها واستغلالها. وترشيد وحُسن استغلال الثروات الطبيعية غير المتجددة وأهمها مصادر الطاقة والثروات المعدنية والبحث عن مصادر جديدة لها. ولعل ابرز هذه الوسائل التربية البيئية الصحيحة لشرائح المجتمع، وجعل قضايا البيئة جزءً لا يتجزأ من قضايا التنمية الشاملة، باعتبار أن التربية البيئية هي الوسيلة الوحيدة القادرة على إعداد جيل أو أجيال تتميز باتجاهات الايجابية نحو البيئة والتعاون السليم معها، وهي التي تساعد الفرد على معرفة مسئوليته وواجباته تجاه بيئته البشرية والطبيعية، وأيضاً هي التي تجعله يدرك أهمية التوازن البيئي بين الإنسان ومحيطه، وهو ما يجب النهوض به وتنميته بين كافة شرائح المجتمع بما يتفق والواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على هذا الوعي وبالتالي امتثال الأفراد والمجتمعات في المحافظة على البيئة، منها حوافز اقتصادية وعوامل سياسية ومؤسسية وإيجاد آلية ردعية وأنماط للسلوكيات الاجتماعية وتوفير مساعدات فنية لإدراك المتطلبات البيئية والحاجة إلى تشريعات بيئية. وأخيراً تقييم التأثير البيئي كوسيلة وقائية لتحقيق الامتثال البيئي لاستمرارية الأداء التنموي كضرورة خاصة في اقتصاديات الدول النامية.إن التنمية والمحافظة على البيئة وحمايتها هما نشاطان بشريان غير متناقضين، فبينما تهتم التنمية بتوفير حاجات الإنسان وتحسين ظروفه المعاشية بالانتفاع من مكونات البيئة المحيطة بها، فإن حماية البيئة والمحافظة عليها هي استمرارية لهذا النهج التنموي في إطار البيئة السليمة. وعليه فالوعي بأهمية التوازن بين حماية البيئة والسير في طرق التنمية، أمر ضروري وأساسي وهو ما يطلق عليه اليوم بالتنمية وفق المنظور البيئي. أي مدى مساهمة هذه الإجراءات الفنية والتخطيطية، في تقليل التلوث الصناعي وحماية البيئة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى