التشكيك في الإسراء والمعراج.. هل يجوز لغير المختصين التعرض لثوابت الدين وإنكارها؟..وعلماء: ازدراء ويعاقب كمرتد

فجرت قضية التشكيك في رحلة الإسراء والمعراج التي هي المعجزة الثابتة بالقرآن والسنة تساؤلات عدة تستحق التوقف عندها خصوصًا أن الإعلامي المشكك في هذه المعجزة التى ستحتفل بذكراها الأمة خلال أيام لم يكن الأول الذي ينكرها ولن يكون الأخير، فقد سبقه كثيرون من غير المتخصصين في أمور الدين وادّعوا – كذبًا – أن هذه المعجزة لم تحدث متجاهلين عن عمد أو بلا قصد ما ورد حولها في السنة والقرآن.. وربما يظهر شخص آخر في القريب ليتحدث عن هذه المزاعم نفسها ويسوق لها.. وبالتالي التساؤل الأول والمحوري الذي يطرح نفسه هل ثوابت الدين قابلة للطرح وإبداء الرأي فيها أي هل تدخل في باب حرية الرأي كما يدفع البعض.. أم أنها غير قابلة للنقاش كونها من ثوابت الدين، فمثلًا الدفع بعدم صحة رحلة الإسراء والمعراج التى فرضت فيها الصلاة يعني أيضًا التشكيك في ركن أساسي في الإسلام وهو “الصلاة”.. والتساؤل الثاني الذي يطرح نفسه بقوة على وقع هذه الأزمة هل الحديث في أمور الدين وثوابته من اختصاص أهله أم آخرين امتهنوا الإعلام أو الطب أو غير ذلك؟.. وهذا السؤال ينقلنا إلى تساؤل آخر.. وهو كيف نحاسب من يتعرضون عن جهل لمثل هذه الأمور ويبثون سمومهم في المجتمع بأفكار عبثية تنكر أسس الدين وتتنكر لثوابت العقيدة؟..الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها من أسئلة فرضتها تداعيات واقعة التشكيك في رحلة الإسراء والمعراج في التقرير التالي:

النص الشرعي والسنة النبوية قطعية الورود والدلالة ويجب على المسلم أن يؤمن ويصدق بها

يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن من المقرر شرعًا أن النص الشرعي ويعنى به القرآن الكريم الآيات المحكمات والسنة النبوية وأعلاها المتواتر، هذه كلها قطعية الورود وقطعية الدلالة فيجب على المسلم أن يؤمن ويصدق بها وما تدل عليه من أحكام.

معجزة الإسراء والمعراج أمر خارق للعادة

ومعجزة الإسراء والمعراج يجب الإيمان والتصديق بها لأن المعجزة في تعريف العلماء: أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد رسول تصديقًا له في دعواه.

الإسراء في القرآن الكريم

والإسراء هو انتقال النبي محمد من مكة وهي المعنية بالمسجد الحرام؛ لأنه كان نائمًا في بيت أم هانئ رضي الله عنها إلى القدس وهي المعنية بالمسجد الأقصى وهذا ثابت بمحكم القرآن الكريم، قال الله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (1) سورة الإسراء

معجزة المعراج

والمعراج صعوده صلى الله عليه وسلم من القدس بفلسطين المحتلة إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السابعة وذلك ثابت بالقرآن الكريم في سورة النجم قال الله تعالى: “ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى”.

المعراج في القرآن الكريم

وجه الدلالة من الآيات أن سدرة المنتهى في السماء السابعة والرائي هو سيدنا رسول الله سواء كان المرئي الله عز وجل أو جبريل عليه السلام ومما يعنينا أن الرؤية كانت في السماء فدلت على ثبوت المعراج بالقرآن الكريم، وجاءت أخبار وأحاديث وآثار من طرق يُقوّي بعضها بعضًا في المعراج وتلقت الأمة المسلمة في كل زمان ومكان هذا بالقبول فصار إجماعًا.

من ينكر الإسراء والمعراج فهو مرتد عن دين الإسلام ويعاقب بالازدراء للدين الإسلامي

وتأسيسًا على ما ذكر، يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن من ينكر ويجحد هذه المعجزة عمدًا ومع العلم بها يكون مرتدًا عن دين الإسلام وتجرى عليه أحكام المرتدين، وأيضًا يعاقب تعذيرًا لجريمة “ازدراء الإسلام” وهي ما نص عليه قانون العقوبات المصري.

الجهر بإنكار الثوابت الدينية يؤدي للفتن وتهديد الأمن المجتمعي

ويؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية أن من جاهر بإنكار الثوابت والقطعيات وسعى لفتنة الناس والمجتمع وتهديد الأمن المجتمعي يرفع أمره إلى الهيئات القضائية وإلى الجهات المختصة في الدولة لمسئوليتها عن توقير دين الإسلام وهو الدين الرسمي لمصر تاريخًا وواقعًا ودستورًا.

فتوى الأزهر: التشكيك في الإسراء والمعراج يعد ازدراءً لديننا يوجب عقاب فاعله

وتستنكر لجان الفتوى بالأزهر الشريف ما خرج به الإعلامي إبراهيم عيسى على الجمهور من تشكيك وضرب في الثوابت والقطعيات الدينية عبر برنامجه “حديث القاهرة” الذي يقدمه من خلال فضائية القاهرة والناس فيقول الدكتور عباس شومان المشرف العام على لجان الفتوى بالأزهر الشريف من الغريب والعجيب وبعد مرور هذه القرون على إجماع علماء الأمة على حدثي الإسراء والمعراج، يظهر علينا بين الحين والحين من يشكك في هذين الحدثين أو أحدهما.

ويضيف في حديثه لـ”بوابة الأهرام” أن المشكك في الإسراء والمعراج لا يمكن وصفه إلا بالجهل المطبق أو رفض ما نطق به القرآن الكريم؛ حيث نص على الإسراء في سورة حملت اسم الحدث وهي سورة الإسراء “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” وعلى المعراج في سورة النجم:”والنجم إذا هوى”.

ويضيف “شومان” إلى ذلك ما أورده علماء التفسير والحديث والسير نقلًا عن صاحب الحدثين – صلى الله عليه وسلم – مؤكدًا أن التشكيك في أحدهما يعد ازدراءً لديننا يوجب عقاب فاعله.

ويحذر المشرف العام على لجان الفتوى بالأزهر الشريف من خطورة الازدراء للدين؛ حيث يفتح بابًا للتشكيك في كثير من ثوابت ديننا ومنه الصلاة التي فرضت في المعراج، وهو ما يعني هدم ثوابت الدين، وتضليل الناس وتشكيكهم في الثوابت التي استقر عليها علماء السلف والخلف.

مركز الأزهر للفتوى: لا يُقبل تفصيل أحكامها وبيان فِقهها من غير المُتخصّصين

فيما شدد مركز الأزهر العالمي للفتوى على أن كلُّ ما ورد في القُرآن الكريم وسنّة سيّدنا النّبي ﷺ الثّابتة من المُسلّمات التي لا يُقبل الخوض فيها مُطلقًا، ولا يُقبل تفصيل أحكامها وبيان فِقهها من غير المُتخصّصين؛ لا سيّما إذا كانوا من مُروجِي الأفكار والتَّوجُّهات المُتطرّفة، التي تفتعل الأزمات، وتُثير الفِتن، وتفتقر إلى أبسط معايير العلم والمِهنيّة والمِصداقيّة، وتستثمر الأحداث والمُناسبات في النَّيل من المُقدَّسات الدّينيّة، والطّعن في الثّوابت الإسلاميّة بصورة مُتكرِّرة مُمنهجة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى