جوامع تونس الخضراء .. د. حاتم العنانى
جوامع تونس الخضراء .. د. حاتم العنانى


جامع القيروان

المساجد أهتم المسلمون عامةً ببناء المساجد في المناطق التي يفتحونها، وكانت هذه المساجد تتميز بطابعٍ إسلامي لتدل على هوية الإسلام
ويعد جامع القيروان من أشهر الجوامع التي تمّ بناؤها في العهد الإسلامي.
يَقعُ جامع القيروان في منطقة أفريقيا الشماليّة، وتحديداً في مدينة القيروان الواقعة شمال تونس، والتي تمّ اختيارها من قِبَل مُنظَّمة اليونسكو عام 1988 لتكون موقعاً للتراث العالميّ، وهي تُعَدّ مدينةً إسلاميّة مُقدَّسة
وهو أول جامعٍ يُبنى في المغرب العربي، (670 م) كما إنه المصدر الأول الذي اقتبست منه العمارة المغربية والأندلسية عناصرها الزخرفية والمعمارية.
تعتبر موقع مدينة القيروان اختياراً ذكياً من فاتحها عقبة بن نافع؛ حيث تأسست بعيداً عن شاطىء البحر المتوسط باتجاه الصحراء وذلك لتكون بعيدةً عن الهجمات البحرية للجيش البيزنطي.
وقد كان الجامع يعتبر معقلاً لانطلاق المجاهدين لفتح البلاد، ونشْر الأمن والاستقرار في بلاد المغرب بشكلٍ عامٍ،
كان بناء المسجد الأول عبارةٌ عن ظِلة مسقوفة بالعريش، والأعمدة عبارة عن جذوع النخيل، وكان الهدف من ذلك هو الاقتداء بشكل المسجد النبوي.
ولكن في عهد الحكام التاليين لجؤوا إلى تطوير شكل المسجد وإضافة إضافاتٍ عليه
جامع الزيتونة

جامع الزيتونة أو جامع الزيتونة المعمور أو الجامع الأعظم، إرث معمارى وفنى ومنارة روحانية يقع في المدينة العتيقة وسط العاصمة تونس، ويعد ثاني أقدم جامع بنى فى أفريقيا “تونس حالياً” بعد جامع عقبة بن نافع.
نواة جامع الزيتونة كانت في أرض تتوسطها شجرة زيتون ومنه سمي هذا الجامع الكبير – بتاريخه والحامل لكل الدلالات الرمزية والروحانية – بجامع الزيتونة. وموقعه الاستراتيجي يتميز بعبق سحر الماضي والتاريخ.
تأسس الجامع على يد حسان بن نعمان عام 76 هجرياً، واكتمل بناؤه في عهد عبيد الله بن الحبحاب، وأعيد بناؤه في القرن التاسع الميلادي.
شهد الجامع عمليات ترميم وتبديل عبر مختلف السلالات الحاكمة التي مرت على تونس.
وقد لعب الجامع دوراً طليعياً في نشر الثقافة العربية الإسلامية في بلاد المغرب، وفي رحابه تأسست أول مدرسة فكرية بإفريقية وأضاف الكثير إلى التاريخ العربي الإسلامي
يقول مؤلف كتاب “تونس في عهد الفتوحات” المؤرخ التونسي رضوان العيساوي:
“إن جامع الزيتونة شبيه بجامع قرطبة وجامع عقبة بن نافع .. من حيث الطراز المعماري، إذ يحتوي على رواق محاط بصحن الجامع، ويرتكز على أعمدة ذات تيجان كما توجد بالجامع مزولة شمسية تعمل على تحديد أوقات الصلاة”
ويضيف:
“الجامع الذي كان في البداية قلعة بيزنطية، لم يكن جامعاً للعبادة فقط وإنما كان أول جامعة إسلامية، إذ أنجب خيرة علماء تونس ومن أبرزهم: علي بن زياد و أسد بن الفرات و الإمام سحنون و المؤرخ عبدالرحمن بن خلدون”.
مثّل الجامع مرجعاً لأبرز علماء العصر الحديث من مصلحين و أدباء، منهم المصلح عبد العزيز الثعالبي، و شاعر تونس أبو القاسم الشابي و الطاهر حداد علم من أعلام الدفاع عن حقوق المرأة.
إلا أن الجامع عرف نكسة كبرى عندما دخله الجيش الإسباني 1573 ميلادية فيما يعرف بوقعة الجمعة، واستولوا على مخطوطاته، ونقلوا عدداً منها إلى إسبانيا
وفي عهد الاستعمار الفرنسي على تونس (1881- 1956 ميلادية)، كان لجامع الزيتونة دور كبير في تعزيز الروح الوطنية لمحاربة الغزو الاستعماري حيث كان انطلاقة للعديد من المسيرات المنددة بالعدو الغاشم.
لقد تجاوز إشعاع جامعة الزيتونة حدود تونس ليصل إلى سائر الأقطار الإسلامية
جامع القصبة فى تونس

جامع القصبة هو مسجد تاريخي يقع في العاصمة التونسية،
بُني المسجد بأمر من مؤسس الدولة الحفصية السلطان الحفصي أبو زكريا، بعد إعلانه الاستقلال عن الدولة الموحدية بمراكش،
وكان يسمى الجامع في العهد الحفصي باسم جامع الموحدين. أو الجامع «الحفصي»
تم تسجيل الجامع في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1979م، كجزء من مدينة تونس القديمة.
أشرف على أشغال بناء الجامع البنّاء الشهير / علي ابن محمد ابن قاسم، عام 630 هـ / 1230م. وذلك بداخل الحي العريق المسمى القصبة التي كانت تضم أيضاً مقر الحكم والقصر.
كانت البناية في الأصل عبارة عن مسجد صغير لحي، لتتحول إلى جامع تقام فيه صلاة الجمعة، في الوقت الذي كانت فيه هذه الوظيفة تقتصر على جامع الزيتونة.
رغم تأثره بالعمارة الدينية الأجنبية،يتبع جامع القصبة طراز المساجد الإفريقية التي تتجلى من خلال قاعة الصلاة المعمدة والقبة ذات الحنيات الركنية الموجودة أمام المحراب.
يتميز الجامع خاصة بالقبة التي تسبق المحراب والمئذنة التي تذكرنا بمئذنة الكتبية بمدينة مراكش والتي تعلو على كل المآذن، من هناك ينادى للصلاة.
شهد الجامع عدة أعمال للإصلاح والتجديد، ووضع منبر من الطراز العثماني ملبس بالرخام، مكان المنبر الخشبي الحفصي. ليبقى أول مسجد بإفريقية يحمل مميزات العمارة الموحدية وخاصة بلاطه الأوسط المعادل لكل البلاطات
أصبح هذا الجامع تابعاً للمذهب الحنفي الذي هو مذهب الحكام الجدد لبلاد إفريقية.
في لسان العرب أن “قصبة البلد مدينته” وتشهد السياسة في تاريخ تونس أن القصبة هي مدينتها وعاصمتها الفعلية، وحاضرة الإدارة
الجامع الكبير بصفاقس

يعتبر الجامع الكبير بمدينة صفاقس، – ثاني أكبر مدن تونس – ويعد الجامع أول الجوامع إنشاءً فى مدينة صفاقس ومن أهم معالما، فهو يتوسط قلب المدينة العتيقة بحي تجاري غني.- ما جعل من تخطيط المدينة مشابهاً تماماً لتخطيط الكوفة -، و تحيط به الأنهج من كلّ جانب و تجاوره بعض أسواق المدينة العتيقة مثل سوق الجمعة و سوق الرّبع و سوق الكامور و سوق بللعج.
بنى الجامع: (علي بن سلم البكري) – جد سيدي إسحاق الجبنياني، بعد أن ولاه سحنون قضاء صفاقس – باستعمال الطّين والطّوب، و قد بني تزامناً مع بناء سور مدينة صفاقص و ذلك في القرن التاسع ميلادي (حوالي سنة 849م) أي في فترة الدولة الأغلبية في عهد الأمير أبي العباس محمد
وبعد 10 أعوام أي عام 859م، جدد بالكلس والطّين، أثناء حكم أبي إبراهيم أحمد بن الأغلب.
وأدخل أوّل التّحسينات على الجامع في عهد الأمير الصّنهاجي أبي الفتوح المنصور عام 988 م.
واستمرّت بعده الإصلاحات والتّحسينات حتّى عام 1774 م، وذلك لتجاوز ما أصاب الجامع من ضرر وإهمال بسبب الحروب والصراعات التي عرفتها صفاقس بين القرنين الحادي عشر والسابع عشر الميلادي.
وتم توسعة الجامع. وسبب هذه التوسعة هو تكاثر عدد السكان ففكر الصفاقسيون في بناء جامع جمعة أخر فأخذوا رأي العلماء الذين نصحوهم بتوسعة الجامع بدلاً من بناء جامع ثان لأنهم رأوا أنه لا يجب أن تتعدد جوامع الجمعة في البلد الواحد حتى لا يتفرق المسلمون في يوم الوعظ
وتعتبر فترة الاحتلال الفرنسيّ أحلك فترة مرّ بها الجامع الكبير منذ تأسيسه. اذ سقطت أوّل قنبلة أطلقها الأسطول الحربيّ الفرنسيّ على صفاقس في فترة حصاره لها سنة 1881 م على مئذنة الجامع. وبعد أن نجح الجنود الفرنسيّون في احتلال المدينة، وحوّلوه إلى ثكنة يبيتون فيها ويغسلون فيها ثيابهم، واستعملوا صحن الجامع كاسطبل يربطون فيه خيولهم.
وأثناء الحرب العالميّة الثّانية سنة 1942 م، سقطت قنبلتان أخريان. وتولّى المقاول محمّد الطّرابلسي والنّجّارعليّ شاكر جبر الضّرر الّذي سبّبتاه.
وتميّز الأشكال الزخرفية المستعملة مجموع الزخارف التونسية الخاصّة بالفترة الزيرية الفاطمية، وتتواجد في عدة بنايات تعود إلى القرن الرابع الهجري،
أخذ الجامع الكبير عديد الأسماء من بينها الجامع الأعظم لعظمته و لأنه كان أول جامع يبنى في صفاقس و جامع الحفرة لأنه يقع في منخفض من الأرض في المدينة العتيقة و سمي أيضاً بجامع القلة لأنه في عهد من العهود عجز الناس عن إصلاحه فشدوا قلة إلى أحد أسطواناته و كل مصلي يستطيع أن يتصدق ببعض المال كما سمي جامع الصبايا لأنه قيل أن سبعة فتيات أبكار أبين الزواج حتى كبر سنهن فتصدقن بأموالهن لإصلاح الجامع وترميمه و يقال أن عند موتهن دفن تحت ركن من أركان الجامع
زار التيجاني الحفصي صفاقس سنة 706هـ (1306م) ووصفها في كتابه رحلة التيجاني

جامع سوسة الكبير هو مسجد تاريخي في مدينة سوسة الساحلية بتونس،
جامع القصر

جامع القصر هو مسجد تاريخي يقع في العاصمة التونسية على مقربة من باب المنارة بمدينة تونس العتيقة،
سمي بذلك الاسم لوقوعه على مقربة من القصر الأعلى – (قصر دار حسين) – الذي هو قصر الولاية لبني خراسان.
شيد على يد الأمير أحمد بن خراسان بين عامى (1100 – 1128) ميلادية
في 1598، أصبح الجامع يتبع المذهب الحنفي الذي يتبعه الأتراك العثمانيون.
تمتع الجامع بالعديد من أشغال الصيانة والتجديد. على مر العصور المتلاحقة
في عام 1647 م أعاد بناء المئذنة الحاج محمّد لاز داي، وزينت بالرخام والخزف المزجج حسب الطراز الأندلسي..
واجهته الشرقية
ومن أهمّ ما فيه:
المحراب المنحوت من عرض الحائط على نمط المحراب الأوّل العبيدي في جامع المهدية.
أمّا الواجهة الشرقيّة على الشارع فهي متألّفة من مجموعة عقود ضخمة زينت بأقواس كبيرة كحدوة الفرس وبطراز فاطمي وصنهاجي.
تعود الصومعة إلى العصر التركي (القرن 11هـ/17م) وشكلها أندلسي على الصيغة التونسيّة.
الدخول إلى المسجد يكون عبر باب يقع تحت ممر مغطى، يفتح على فناء مرتفع عن قاعة الصلاة. هذه الأخيرة محاطة برواق ذو أعمدة وتيجان تركية الطراز،
بينما قاعة الصلاة تعلوها أقواس مع أقبية فخذية تدعمها أعمدة وتيجان من الطراز القديم.
محراب الجامع كبير نوعا ما، ويتكون من ركن نصف دائري به سبعة منافذ تفصلها أعمدة. تعلو الجامع قبة ذات أخاديد وذات طراز فاطمي.
وكانت في هذا الجامع مقابر قديمة أزيلت بعد الترميمات الأخيرة،
منها قبر يعقوب بن يوسف بن سعيد بن الحسين بن يوسف المتوفّى عام 627هـ/1229م.
تم تسجيل المسجد في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1979، كجزء من مدينة تونس القديمة.
جامع حمودة باشا

يقع جامع حمودة باشا في تونس العاصمة. وهو جامع بناه حمودة باشا المرادي باي تونس عام 1655م، الذى دامت مدة حكم حمودة زمناً طويلاً يقارب الخمس والثلاثين عام، وهي مدة طويلة نسبياً سمحت له بأن يؤسس العديد من المعالم الدينية والمدنية ،
من أهمها الجامع الذي اشتهر باسمه والواقع في مكان إلتقاء نهج سيدي بن عروس بنهج القصبة.
تلاصق زاوية الولي الصالح سيدي بن عروس تربة حمودة باشا وربما كان ذلك من بين الأسباب التي تفسر اختيار المؤسس لموقع جامعه،
علاوة عن ذلك فإن المعلم محاط بالأسواق ويقع بالقرب من دار حمودة باشا نفسه.
لكن أهم الأسباب على الإطلاق هو قرب جامع حمودة باشا من جامع الزيتونة المعمور، إذ لا يفصل بينهما إلا بضعة أمتار،
وهو ناتج عن إرادة الحكام الجدد المتبعين للمذهب الحنفي نشر مذهبهم بين العامة، وكانوا يعتبرون أن الحل الوحيد لنشر الحنفية هو إنشاء جوامع ومدارس تحبس على مذهبهم،
وبما أن الزيتونة مثلت على مر التاريخ معقل العلماء والشيوخ المالكية، فإن إنشاء جامع قريب منهم يحبس على المذهب الحنفي كان يشكل في نظرهم أهم الطرق لدعم وجودهم المذهبي والسياسي على حد سواء.
دفن حمودة باشا بتربته التي بناها لنفسه بجامعه والتي تم ترميمها في 16 نوفمبر 1928م.
يذكر محمد بيرم الرابع في رسالة الخطباء والأئمة الحنفية أن الانتهاء من أشغال الجامع كان في شهر رمضان 1066هـ/1655م،
ويستفاد من وثيقة الأرشيف أن الأوقاف التي حبسها المؤسس على جامعه تمت في عام 1068هـ/1657م بشاهدة الفقيهين أبي العباس أحمد لفلوف وأول خطيب بالجامع المفتي محمد الأنصاري.
اشتهر هذا الجامع كبعض المعالم الدينية الأخرى خصوصاً منها جامع صاحب الطابع وجامع سيدي محرز وزاويته و زاوية سيدي إبراهيم الرياحي باحتوائه على عقد قرآن أهالي تونس.
من أهم ما يمكن ملاحظته بالجامع هو تأثر مهندسة بالنمط التركي.
يشتهر الجامع بصومعته المثمنة المتواجدة في الركن الشمالي الغربي للجامع.
اختلف المؤرخون في مصدر هذا النمط من الصومعات، فأغلبهم يرون أنها من تأثير عثماني بينما يرى البعض الآخر أنها من تأثير أندلسي .
تفتح الأبواب على صحون ثلاثة يحوي الصحن الشرقي منها محراباً يستعمل خلال فصل الصيف.
أما الأروقة التي تطل مباشرة على بيت الصلاة فهي تحيط به من ثلاث جهات،وهي توجد في الأقسام الشرقية والغربية والشمالية لبيت الصلاة،
وتتكون الأروقة من بائكات ذات عقود حدوية الشكل تستند على أعمدة مرمرية تعلوها تيجان ذات نمط دوريكي جديد.
وبالرغم من احتواء هذا الجامع على بعض العناصر الجديدة المستوحاة من الجوامع التركية مثل الصحون الثلاثة والمئذنة والمحراب المكسو بلوحات المرمر وكذلك بروز العناصر النباتية في ترويق قاعدة أطر الأبواب، فإن الطابع العام يدل علي بقاء التأثيرات المحلية قائمة الذات،
علما أن الجامع الآنف ذكر أسس من قبل حمودة باشا المرادي، فإن حمودة باشا الحسيني الذي حكم تونس بين عام 1782م، و عام 1814م، بنى مسجداً بنهج القصبة يسمى مسجد حمودة باشا.
تم ترتيب الجامع كمعلم تاريخي في 13 مارس 1912م.
جامع سيدي محرز

جامع سيدي محرز هو جامع ضمن جوامع مدينة تونس يقع في نهج سيدي محرز، و هو أكبر جامع للمذهب الحنفي
ويعرف باسم جامع سيدي محرز وذلك لوجوده أمام الزاوية التي تحمل الشيخ محرز بن خلف
بدأ تشييد هذا الجامع عام 1104 هجري الموافق 1692 ميلدى على يد محمد باي المرادي، نجل مراد الثاني و واصل بناءه من بعد وفاته، شقيقه رمضان باي المرادي و تواصلت الأشغال به حتى عام 1697.
يعتبر جامع محمد باي المرادي أو جامع سيدي محرز من نمط عثماني لكن ليس به المئذنة ثمانية الأضلع التي تمتاز بها الجوامع العثمانية لكن وفاة محمد باي واغتيال شقيقه والاضطرابات التي حصلت إبان حكم مراد الثالث حالت دون إنهاء هذا المشروع. فاقتصر الجامع على مئذنة مربعة
ويضم الجامع قاعة للصلاة مربعة الشكل تغطيها قبة، كما يضم سدة خشبية تم إعدادها للمرتلين والمنشدين ومنبراً كبيراً يصل ارتفاعه إلى 4 أمتار، وفي عام 1862 تم ترميمه على يد محمد الصادق باي، وفي عام 1981 أعاد ترميمه الحبيب بورقيبة، كما أعيد ترميمه لاحقاً بين عامي 1996- 1998
يعتبر جامع محمد باي المرادي المسجد الوحيد ذو قبة في العاصمة التونسية.
يتميّز منبره و محرابه بأنهما مرصّعان بمرمر متعدد الألوان، وتكسو جدرانه و بلاطاته، مربعات مزدانة بأشكال نباتية تهيمن عليها ألوان زاهية مثل الأزرق الفيروزي والأخضر، كما تميّزه أشكال و زخارف متنوعة مثل النقش على الجص المعروف بنقش حديدة، وكذلك النصوص الخطية المدوّنة الخط الكوفي الملوّن.
جامع يوسف داي فى تونس

يقع جامع يوسف داي بنهج سيدي علي بن زياد بمدينة تونس العتيقة مدخل المدينة من جهة القصبة, في قلب الأسواق العتيقة ويعرف أيضاً بجامع سيدي يوسف وبجامع البشامقية نسبة إلى سوق الباشمقية الذي كان يحاذيه والذي أصبح حاليّا مؤسّسة بنكيّة.
وتعتبر عمارة هذا الجامع مزيجاً من الفنّ التونسي والفنّ الأندلسي والفنّ التركي والفنّ الإيطالي.
بعد ضم إفريقية إلى الإمبراطورية العثمانية في القرن 10 للهجرة / 16 للميلاد تكاثر عدد الأتراك الحنفيين، مما دفع بتخصيص جامعين مالكيين للصلاة لأتباع المذهب الحنفي، وهما جامع القصبة وجامع القصر.
فشيد ولي العهد يوسف داي في تونس أول جامع تركي، وبدأت الأعمال في عام 1024 هجري/1614 ميلادي وانتهت بعد عام من ذلك التاريخ.
وهو أوّل جامع حنفي بُنيَ بتونس على يد المهندس الأندلسي ابن غالب – بعد الفتح العثماني – وبه قبر مؤسسه.
وفي أوائل القرن العشرين أصاب صومعته الخراب فأمر علي باي الثالث (1888 – 1902) م بتجديد عمارتها كما كانت عليه ثمّ أعيد تجديد جامورها مرّة أخرى في سنة 1345هـ/1926م.
بني الجامع وفق نظام »الكليا » المعتمد في اسطنبول و يتمثل في مجمع مكون من عديد المباني مثل المدرسة اليوسفية و الترية و الميضاة و المقهى و الأسواق مثل سوق اللفة و سوق الترك و سوق البشامقية و سوق البركة
بيت الصلاة اعتمد في تسقيفها على غابة من الأعمدة و هي طريقة محلية للتسقيف
المنبر مبني و قار و مكسو بلوحات من المرمر الملونة
المحراب ذو زخرفة جصية أندلسية و لوحات رخامية في الأسفل. العقد الحدوي الذي يحيط بالقسم الأعلى للمحراب يتكون من فقرات رخامية متناوبة بيضاء و سوداء
المئذنة مثمنة على الطراز العثماني وهي بارتفاع 22م و نجد مثلها في اسطنبول و مصر و سوريا
يثير هذا الجامع الذي يحمل اسم مؤسّسه اهتماماً خاصاً، لأنه ظل محتفظاً بعدة صفات خاصة بالجوامع الإفريقية (التونسية)، على الرغم من دخول عناصر جديدة في التصميم والتخطيط الهندسي لعمارته.
وتتجلى الإضافة الجديدة الوحيدة داخل هذا المصلّى في المنبر الذي تكسوه ألواح من الرخام متعدد الألوان، في حين أنه يتكون من الخشب في الجوامع المالكية.
يوجد بالجامع الختمة لقراءة القرآن و المحفل الذي يجمع الخواجات الحنفيين و هما ذو أصل عثماني
جامع ملك بن أنس

جامع مالك بن أنس أو جامع العابدين سابقاً يقع في الموقع الأثري بقرطاج، تونس.
وقد أقيم على ربوة جميلة من ربى قرطاج، وتتجاوز مساحة هذه الربوة ثلاثين ألف متر مربّـع.
وهو مسجد رائع من المساجد ذات الطابع المعماري التونسي الأندلسي ومساحته كبيرة نسبياً مقارنة ببقية المساجد في العاصمة، إ
استغرق بناؤه ثلاث أعوام، حيث انطلق تشييده يوم 16 نوفمبر 2000م، وافتتح ليلة 17 رمضان عام 1424 هجرية الحادي عشر من نوفمبر 2003م .
ويتميّز هذا المعلم الشامخ الرّائع الذي جاء دلالة بليغة على حسن الجمع بين الأصالة والإبداع بطابعه الأنيق في النقش والزخرفة، وبجمال الأعمدة، والأقواس، والأبواب.
كما يتميّز بشكل القبتين المغلّفتين بحجر “الكذّال” وبهندسة الصّومعة المربّعة التي تجسّد روح الوفاء للتقاليد المالكية في إقامة بيوت الله، والتي يبلغ ارتفاعها 55م.
ويتكون جامع العابدين من بيت الصلاة مساحتها 1500 متر مربع وصحن مسيج برواق مساحته 1500 متر مربع أيضاً، يفتح على أبواب ضخمة قائمة في كل جهة، 48 باباً من الخشب الرفيع المنقوش، وتحيط به من كل الجهات حدائق، فضلاً عن صحن خارجي مساحته 2500 متر مربع، ويبلغ ارتفاع مئذنة الجامع 75 متراً يمكن مشاهدتها على مدى 10 كيلومترات من جميع الجهات.
ومبنى الجامع مستطيل الشكل وتنتصب عند زواياه الأربع أبراج مربعة الشكل وهو تخطيط مستمد من بعض القلاع البيزنطية التي تأثرت بها الجوامع في العهد الإسلامي عندما كانت لها وظيفة عسكرية.
ومن روائع بيت الصلاة منبرها الخشبي ويعد إحدى عشرة درجة ويتكون من 40 لوحة مستطيلة الشكل تشتمل على زخارف نباتية وهندسية مستوحاة من الرصيد الزخرفي الأفريقي مازجت بين التأثيرات الأغلبية والصنهاجية من ناحية والأندلسية من ناحية أخرى.
ويتميز المحراب بتناسق أحجامه وتنوع مشاربه ومؤثراته المعمارية وقد استمد أغلب عناصره من الطراز العثماني
صار الجامع قبلة الزوار من التونسيين ومن السياح العرب والمسلمين في الأعوام الأخيرة. وقد أصبح هذا الجامع محطة أساسية في الخريطة السياحية في إطار ما بات يعرف بالسياحة الدينية.
جامع صاحب الطابع

جامع صاحب الطابع (جامع الحلفاوين)، يقع فى وسط تونس العاصمة .. إرث تاريخي يقص علينا حكايات تونس القديمة
يعتبر أول جامع يبنيه وزير مملوكي (يوسف صاحب الطابع) بالخوجة، بعد أن كان بناء الجوامع يعود دائما للأمراء وتم تدشين هذا الجامع سنة 1814.
يقع الجامع قبالة ساحة “الحلفاوين”، وبني في طابق علوي مطل على كل أزقة الحي برخام مستورد من جنوبي إيطاليا، وهو بمثابة مركب ديني يضم مجموعة من البنايات المتمثلة في جامع وتربة ومدرستين وفندق ودكاكين وحمام ويحذوه قصر يوسف صاحب الطابع.
بني هذا الجامع في عهد البايات الحسينيين من قبل أمين المهندسين الحاج / ساسي بن فريجة، بسواعد أسرى إيطاليين سقطوا في أيدي قراصنة تونسيين، ما جعل الطابع المعماري الإيطالي يطغى على هذا المعلم ما زاد في جماليته وبهائه.
ولد صاحب الطابع عام 1765م كان عبداً ومملوكاً من أصل مولديفي اشتراه بكار الجلولي، قائد محافظة صفاقس، من إسطنبول وأهداه إلى حمودة باشا بمناسبة اعتلائه العرش.
وترعرع بالقصر وكان ذكياً وكسب إعجاب السلطان الذي عينه حافظاً لأختامه، أو صاحب الطابع، وتمتع بنفوذ قوي وأصبح الرجل القوي في عهد حمودة باشا إلى أن تقلد منصب الوزير الاول.
ما دفع حاشية قصر الباي في باردو إلى إبعاده وكان اتهامه باطلاً بإثارة الدسائس ضد شخص الأمير وأمن الدولة، ما دفع الباي إلى طلبه للوقوف أمامه ليستجوبه بحضور متهميه، وهو ما دفع هؤلاء لاغتياله عام 1815 بعد سنة من تدشين الجامع طعناً بالخنجر داخل الرواق الذي يقود إلى قاعة الاستجواب مدعين أنه أعلن ثورته ضد الباي، وذلك خوفاً من كشف أمرهم خلال المواجهة.
ونكل الأهالي ممن وقع شرائهم بجسده وقاموا بجر جسده الممزق في شوارع مدينة تونس
لكن تدخل الوالي الصالح / سيدي إبراهيم الرياحي لدى الباي، ما مكن عائلة الوزير من تسلم الجسد لتدفن جثة صاحب الطابع بتربته التي بناها داخل جامعه إلى جانب الوزير والجنرال / سليمان كاهية والقائدين / سليم خوجة ورشيد مملوك.
لايزال جامع صاحب الطابع بعد عقود عديدة من بنائه يحمل رمزية كبرى حيث يأتيه التونسيون من جميع الجهات لتأمل زخرفته المعمارية التي يمتزج فيها عبق التاريخ بتطورات الحاضر.
والله ولى التوفيق
