الوراثة والبيئة وأثرهما على الشخصية بقلم الاعلامية / د هاله فؤاد
الوراثة والبيئة وأثرهما على الشخصية بقلم الاعلامية / د هاله فؤاد

الوراثة والبيئة وأثرهما على الشخصية
بقلم الاعلامية / د هاله فؤاد
الشخصية هي مزيج محدد خاص من نماذج العاطفة ، أنماط الاستجابة ، والسلوك للفرد .
عرفت الفلسفة الشخصية بأنها الطريقة التي يتميز بها الشخص من ناحية التفكير والشعور والتصرف ، وتتضمن المواقف والآراء والحالة المزاجية ويعبر عنها من خلال التفاعل مع الأخرين ، فهي تشمل الخصائص السلوكية الوراثية والمكتسبة ، وهي التي تميز كل شخص عن الأخر .
أما الشخصية في علم النفس فقد قام كل عالم بتعريف الشخصية من خلال نظرته العامة لها ، فنجد مثلا ( جيلفورد ) يقول :
( الشخصية هي الصفات والعوامل التي توجد داخل الفرد وتميزه عن الغير ، وطبيعته وسماته المختلفةوأخلاقه التي يتمتع بها عن غيره ).
تعريف ريموند كاتل :
الشخصية هي مايمكننا بالتنبؤ بما سيفعله الشخص عندما يوضع في موقف معين.
تعريف برنيس :
الشخصية هي المجموع الكلي لاستعدادات الفرد العضوية الداخلية وميوله ونزعاته وشهواته وغرائزه وميوله المكتسبة .
العوامل التي تؤثر في الشخصية :
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في الشخصية وتكوينها منها مايلي :
الوراثة ، البيئة ، المدرسة ، الثقافة ، التعلم .
التنشئة الاجتماعية :
بداية من الأسرة فهي بمثابة اللبنة الأولى التي يحتك بها الطفل منذ ولادته ويكتسب من خلالها الكثير .
العوامل الجسدية الخارجية والداخلية :
إن البنية العامة للجسم لها الأثر الواضح في تكوين شخثية الفرد ، فإن الشخص الذي يملك البنية الجسدية الضخمة والعضلية يميل إلى حب السيطرة ، وتولي المواقع القيادية في مجتمعه ، أما الفرد الذي يمتلك بنية جسدية ضعيفة ونحيلة فقد يكون أقل إقبالا على الحياة الاجتماعية ، ويحاول البعد عن المواقف التنافسية .
حدوث إختلال في إفراز الغدة النخامية لها تأثير في عملية التوازن الحركي العام للجسم.
إنخفاض هرمون الغدة الدرقية يسبب الخمول والكسل ، كما يؤدي إلى قلة التركيز ، وعدم قدرة الشخص على تأدية مهامه المتنوعة .
في هذا المقال سأكتفي بالقاء الضوء على أثر الوراثة والبيئة في تكوين الشخصية .
الوراثة :
تمثل الوراثة كل العوامل الداخلية التي كانت موجودة منذ بداية الحياة أي عندالاخصاب ، وتعتبر الوراثة عاملا هاما يؤثر في النمو من حيث صفاته ومظاهره ، نوعه ، نضجه وقصوره . وتنتقل الوراثة إلى الفرد من والديه وأجداده وسلالته ، وتنتقل هذه الخصائص الوراثية عن طريق الجينات .
أكدت الدراسات العلمية أن الوراثة لها دور في بناء الشخصية من الجانب النفسي ، والسلوكي في علم النفس ، وقد ظهر هذا جليا في الدراسات التي أجريت على المنحرفين نفسيا ، حيث قدمت أدلة على وجود معطيات وراثية عندهم ، ومن هذه الأدلة وجود خلل بيولوجي فسيولوجي عند بعض المنحرفين نفسيا ، حيث يتم توريث هذا الخلل من الآباء إلى الأبناء ، بالاضافة إلى زيادة معدلات الاتفاق في الانحرافات النفسية عند التوائم المتماثلين أكثر من التوائم غير المتماثلين ، وأخيرا فان إنتشار الانحرافات النفسية في أسر المنحرفين نفسيا أكثر من الأسر التي لايوجد فيها إنحراف ، فاحدى الدراسات تشير إلى أن ( 10% ) من أبناء الأسر والذين يعانون من مرض الفصام كان أحد الوالدين يعاني من مرض الفصام ، وترتفع هذه النسبة إلى ( 50%) من الأبناء إذا كان الوالدين فصاميين .
وقد أكدت دراسة علمية أجراها باحثون أمريكيون ،أن الجينات الوراثية تتحكم في شخصية وطباع الانسان في كونه شخصا لطيفا أو شخصا أنانيا، وقال الباحثون القائمون على الدراسة التي نشرتها مجلة العلوم النفسية ،أن الانسان لايكتسب الطباع الحميدة مثل السلوك الحسن و القلب الطيب ، أو الطباع الخبيثة مثل الكذب والكره والأنانية من الأشخاص المحيطين أو البيئة التي نشأ بها ، بل هي خصال قد إكتسبها عبر الجينات الوراثية الخاصة بالأبوين أو أحد الأقارب.
البيئة :
تمثل كل العوامل الخارجية التي تؤثر تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على الفرد منذ ولادته ، والبيئة تشمل كل العوامل المادية والاجتماعية والثقافية والحضارية ولها دور كبير وإيجابي في تشكيل شخصية الفرد وفي تعيين أنماط سلوكه وأساليبه في مجابهة مواقف الحياة .
وهناك فريق بحثي أخر يرى أن الأفراد وأفعالهم نتاج لخصائص البيئة التي يعيشون فيها . فالبيئة هي المحدد لخصائصنا ، أما الوراثة فيقف تأثيرها عند حدود الميلاد ، لتحل محلها الثقافة .
وطرح هذا الفريق في مقابل ( الحتمية البيولوجية ) مفهوم ( الحتمية الثقافية ).
والآن عزيزي القارئ :
أيهما أكثر تأثيرا في تكوين الشخصية الوراثة أم البيئة؟
إن الانسان منذ لحظة الاخصاب حتى لحظة الموت ، يسير في عملية تاريخية من النمو . ومايصحبه في أي لحظة يعتمد على الجينات التي يحملها في خلاياه ، وعلى البيئة التي يحدث فيها النمو .
إن الاستعدادات الكامنة الوراثية لاتوجد في عزلة عن تأثير المثيرات الخارجية أي البيئة ، وإنما لابد من وجود تفاعل معها .