عظماء غيروا مجرى التاريخ..د. حاتم العنانى

عظماء غيروا مجرى التاريخ..د. حاتم العنانى

د. حاتم العنانى (إعلامى بوكالة أنباء آسيا)
الجزائر أرض للشهداء، قدموا أرواحهم ودماءهم ثمناً للتحرر من الاستعمار الفرنسي الذي دنّس أرض الجزائر طوال 132 سنة. حيث ارتوت بدمائهم الطاهرة في سبيل التحرر والتمسك بالهوية الإسلامية العربية الأمازيغية فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر التي دامت 132 سنة دفعت فيها الجزائر أنهاراً من الدماء خلال تلك الفترة الطويلة، من بينهم أزيد من مليون ونصف المليون شهيد في ثورتها التحريرية المجيدة التي دامت 7 أعوام ونصف (1954 – 1962).
العربى بن مهيدى أسطورة الثورة الجزائرية 
العربى بن مهيدى أسطورة الثورة الجزائرية شهيد حى مخلد بشجاعته واعتراف عدوه .. والجزائر بلد أزيد من مليون ونصف المليون شهيد في ثورتها التحريرية المجيدة
الشهيد البطل العربى بن مهيدى هو:
مُرهب فرنسا الاستعمارية، سجل بحروف من ذهب تاريخاً مشرفاً له ولوطنه الجزائر وجميع الشعوب التي ناضلت من أجل التحرر من الاستعمار.
(المخطط الرئيسي للعمليات الفدائية في المدن و قاهر جنرالات فرنسا البائسين)
الاسم: بن مهيدي محمد العربي وتاريخ الميلاد: عام 1923م ومسقط الرأس: مدينة عين مليلة الواقعة في شرق الجزائر، في عام 1923 بدوار الكواهي بناحية عين مليلة التابعة لولاية أم البواقي الواقعة شرق الجزائر. والألقاب الشرفية: زاباتا (كان يكثر من مشاهدة الأفلام لاسيما الأفلام الحربية والثورية كالفيلم الذي يدور محتواه حول الثائر المكسيكي زاباتا فاتخذ هذا الاسم كلقب سري له قبل إندلاع الثورة) والعربي البسكري و الحكيم، أما الدراسة: دخل المدرسة الإبتدائية الفرنسية بمسقط رأسه وبعد سنة دراسية واحدة انتقل إلى باتنة لمواصلة التعليم الإبتدائي ولما حصل على الشهادة الابتدائية عاد لأسرته التي انتقلت هي الأخرى إلى مدينة بسكرة وفيها تابع محمد العربي دراسته وقبل في قسم الإعداد للالتحاق بمدرسة قسنطينة. في عام 1939 إنضم لصفوف الكشافة الإسلامية “فوج الرجاء” ببسكرة، وبعد بضعة أشهر أصبح قائد فريق الفتيان.
.((مثل في مسرحية “في سبيل التاج” التي ترجمها إلى اللغة العربية الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي وكانت مسرحيته مقتبسة بطابع جزائري يستهدف المقتبس من خلالها نشر الفكرة الوطنية والجهاد ضد الاستعمار))
المهمة العسكرية: قائد المنطقة الخامسة وهران، وعن مسيرته الجهادية: لعب بن مهيدي دوراً كبيراً في التحضير للثورة المسلحة، وسعى إلى إقناع الجميع بالمشاركة فيها وأصبح أول قائد للمنطقة الخامسة (وهران). وضمن الذين عملوا لإنعقاد مؤتمر الصومام التاريخي في 20 أوت 1956م الذي جمع قادة الثورة الجزائرية، وخلال الاجتماع، كُلف العربي بن مهيدي بالعمليات الفدائية في جيش التحرير الجزائري، ليشرع مباشرة في تنظيم خلايا فدائية في جميع أنحاء العاصمة الجزائرية، وشهدت معها العاصمة عمليات فدائية عديدة أرهبت وأربكت الاحتلال الفرنسي، كما نجح في تنظيم عصيان مدني وإضراب شامل لثمانية أيام من يناير 1957م عبر كل مناطق الجزائر. وعّين عضواً بلجنة التنسيق والتنفيذ للثورة الجزائرية وقاد معركة الجزائر بداية سنة 1956م ونهاية 1957م . إلى أن أعتقل نهاية شهر فيفري1957م واستشهد تحت التعذيب ليلة الثالث إلى الرابع من مارس 1957م
أمام إصرار البطل العربي بن مهيدي على عدم خيانة وطنه، أمرت السلطات الفرنسية من باريس “تسليط جميع أنواع التعذيب” التي لم تجرؤ أية قوة استعمارية على تنفيذها، وشرع معها الجلادون في تنفيذ أوامر أسيادهم بكل وحشية.
بعد أن يئس الجنرال الفرنسي بيجار هو وعساكره الأندال أن يأخذوا منه إعترافاً أو وشاية برفاقه بالرغم من العذاب المسلط عليه لدرجة كسر أسنانه وسلخ جلد وجهه بالكامل ونزع أظافره، ووضعوا في فمه قطعة من حديد بعد أن قاموا بتسخينها جيداً في الفرن، لكنه لم ينطق بحرف واحد، وكان صبره أعظم من تعذيبهم، وقبل إغتياله ابتسم البطل لجلاديه ساخراً منهم…..هنا رفع بيجار يده تحية للشهيد كما لو أنه قائداً له ثم قال:
“لو أن لي ثلة من أمثال العربي بن مهيدي لفتحت العالم”
وأمر بعدها بإعدامه شنقاً في 4 مارس/ أذار عام 1957م، وحينها ظهر الشهيد العربي بن مهيدي مبتسماً لحظات قبل إعدامه، وهي الابتسامة التي بقيت عنواناً عريضاً للعزة والكرامة وللحرية التي تؤخذ ولا تعطى. وقبل أن يموت قال لهم: “لكم الماضي ولنا المستقبل”،
**شهادة كبير سفاحي جنرالات فرنسا في الجزائر عن الشهيد:
في عام 2001م قدم كبير سفاحي جنرالات فرنسا في الجزائر شهادته عن الشهيد العربي بن مهيدي والتي جاء فيها: “أسابيع من التعذيب، نزعنا أظافره.. جلده.. أجزاءً من جسده.. ولا كلمة خرجت من فمه، بل واصل تحدينا بشتمنا والبصق على وجوهنا قبل تنفيذ حكم الإعدام”.
وتابع قائلاً: “نزلت أنا وضابطي أمام قدميه وقدمنا له التحية الشرفية.. لن توجد امرأة في العالم كله ستنجب رجلاً مثل بن مهيدي”.
ومن أقوال الشهيد:
“صاحب المقولة المشهورة: إلقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب” و (إننا سننتصر لأنّنا نمثّل قوة المستقبل الزّاهر، و أنتم ستهزمون لأنّكم تريدون وقف عجلة التاريخ الذي سيسحقكم… لأنكم تريدون التشبث بماض استعماري متعفّن حكم عليه العصر بالزّوال، و لئن متّ فانّ هناك آلاف الجزائريين سيأتون بعدي لمواصلة الكفاح من أجل عقيدتنا و وطننا) و أمرت نفسى ألا أبوح بسر و العربى بن مهيدى يخاطب والدته: “أنا عندى مسؤلية كبيرة أمام الله والعباد وعندما تنال الجزائر استقلالها سأتزوج وأنجب لكى أولاداً كثيراً وإذا كنت قد مت فأولاد الجزائر كلهم أولادى” و أعطونا دباباتكم وطائراتكم وسنعطيكم طواعية حقائبنا وقنابلنا، وقبل أن يموت قال لشانقيه: “لكم الماضي ولنا المستقبل”،
كتب عنه أحد العارفين به في عدد 20 أغسطس 1957 من جريدة المجاهد التي كانت تتحدث باسم الثورة الجزائرية آنذاك يقول أنه “شاب مؤمن، بر وتقي، مخلص لدينه ولوطنه، بعيد كل البعد عن كل ما يشينه. كان من أقطاب الوطنية ويمتاز بصفات إنسانية قليلة الوجود في شباب العصر، فهو من المتدينين الذين لا يتأخرون عن أداء واجباتهم الدينية، لا يفكر في شيء أكثر مما يفكر في مصير بلاده الجزائر، له روح قوية في التنظيم وحسن المعاملة مع الخلق ترفعه إلى درجة الزعماء الممتازين. رجل دوخ وأرهق الاستعمار الفرنسي بنضاله وجهاده على بلاده ودينه.
“العربى بن مهيدى الاسم الذي بقي يُرعب قاتله سفاح فرنسا الذي لا نظير له الجنرال بول أوساريس الذي اعترف عام 2001 بأنه هو من نفذ حكم الإعدام بحق العربي بن مهيدي “شنقاً بيديه”، وبقيت روحه تلاحقه وجعلت من لياليه نهاراً باعترافه”

المناضلة الجزائرية: لالَّة فاطمة نسومر.. قاهرة الاستعمار الفرنسي
المناضلة الجزائرية الكبيرة “لالَّة فاطمة نسومر” .. أول امرأة جزائرية واجهت وناضلت ضد الاستعمار الفرنسي، وألحقت به هزائم كبرى، وجعلت جنرالات فرنسا يعدون لها جيشاً من 45 ألف جندي.
الاسم الحقيقى: فاطمة سيد أحمد، وتاريخ الميلاد: عام 1830م، وهي السنة ذاتها التي شهدت احتلال الجزائر. ومسقط الرأس: قرية “عين الحمام” التي تقع في منطقة القبائل بشرق الجزائر، والنشأة: نشأت “لالَّة فاطمة نسومر” في عائلة سخَّرت نفسها لخدمة الإسلام، واختارت الانتماء مع إخوتها إلى “الزاوية الرحمانية” التي كان والدها “محمد بن عيسى” مشرفاً عليها ومقدمها، وكان من أشراف المنطقة وأحد أكبر سادتها علماً. والحالة الإجتماعية: عند بلوغها السادسة عشر من عمرها زوّجها أبوها من المسمى يحي ناث إيخولاف إذ قبلت به على مضض بعدما رفضت العديد من الرجال الذين تقدموا لخطبتها من قبل، لكن عندما زفت إليه تظاهرت بالمرض وأظهرت كأن بها مسّ من الجنون فأعادها إلى منزل والدها ورفض أن يطلقها فبقيت في عصمته طوال حياتها. أما الألقاب الشرفية: “خولة الجزائر” نسبة إلى بطلة المسلمين “خولة بنت الأزور”، حيث تسلحت في محاربتها للاستعمار الفرنسي بالقرآن الكريم، قبل سيفها وجيشها،
و”بأخت الرجال” و“نسومر” نسبة إلى قرية “نسومر” التي عاشت فيها طوال حياتها. وعن النزعة الدينية: عُرفت بحرصها على حفظ القرآن الكريم وكانت مشرفة على مدرسة حفظ القرآن الكريم في قريتها، ومواظبة على العبادة، وكانت من سيدات المجتمع الجزائري المعروفات اللواتي اخترن العزوف عن الدنيا والاعتكاف. وكان لأخيها “الطاهر” فضلا كبيرا في أن تعلمت منه العلم الكبير من لغة وتفسير وأصول، إلى أن أصبحت فقيهة مجتمعها. وعن النزعة الوطنية: عُرف عن “لالَّة فاطمة نسومر” كرهها للاستعمار الفرنسي الذي حط بأرض الجزائر محملاً بحقد كبير على الإسلام والمسلمين، ومنذ وهلته الأولى، سعى الاستعمار الفرنسي لاقتلاع الإسلام من عقول وقلوب الجزائريين، لكنه وجد في كل مرة مقاومة كبيرة تصدت لأحقاده.
“مليانة” الجزائرية.. زارها ابن بطوطة وعشقها الإدريسي
أما مقاومة الاستعمار الفرنسى: *أعلنت “لالَّة فاطمة نسومر” الحرب على الاستعمار الفرنسي وهي في “العشرين في عمرها” وكان ذلك عام 1850، حيث انضمت إلى مقاومة المناضل الجزائري “الشريف بوبغلة” في العام ذاته بمنطقة القبائل، وتمكنت من صد هجوم قوات الاستعمار الفرنسي على قرية “ناث إيراثن”، الأمر الذي شكّل حافزاً كبيراً لأهالي القرى المجاورة وشيوخ زواياها إلى الانضمام للمقاومة. *نظراً لقدرتها الخارقة على الخطابة والإقناع، تزعمت “لالَّة فاطمة نسومر” المقاومة في المنطقة عام 1854، وتزامن ذلك مع وصول قوات فرنسية كبيرة، وتمكنت من استقطاب مئات الشباب. *خاضت “لالَّة فاطمة نسومر” مع جيشها الجديد حرباً ضروساً بعد الزحف الكبير للجيش الفرنسي الذي قاده الجنرال “روندون يتشكرت”، الذي تعرض لهزيمة نكراء وتكبد خسائر بشرية فاقت 800 قتيل. *استمرت بعدها “لالَّة فاطمة نسومر” في مقاومتها للاستعمار الفرنسي، وشنت هجومات كثيرة على مراكز وجوده في مناطق مختلفة من منطقة القبائل وحققت انتصارات كبيرة، من بينها معارك “الأربعاء، تخجلت، عين تاوريغ، توريرت موسى، براتن”. *لم تجد القوات الفرنسية المتركزة في المنطقة إلا طلب تقديم مساعدات عاجلة من السلطات الفرنسية، التي أرسلت عدداً إضافياً من الجنود ومن العتاد الحديث، ما اضطر “لالَّة فاطمة نسومر” وجيشها على الانسحاب التكتيكي إلى قرية “تاخليجت ناث عيسو”. *استغل الاستعمار الفرنسي انسحاب المقاومة، ليقوم بواحدة من أبشع جرائمه في الجزائر، فقام بتدمير المنازل، وارتكب إبادة جماعية بحق سكان عدد من القرى، ولم يسلم منهم حتى الأطفال. *خلال فترة الانسحاب، تمكنت “لالَّة فاطمة نسومر” من تكوين مجموعات من المقاومين، عملت على ضرب قوات الاستعمار الفرنسي من الخلف، وعلى قطع طرق المواصلات، ما أدى إلى انقطاع كل أشكال الإمدادات عنها. *بعد ورود معلومات إلى قيادة جيش الاحتلال الفرنسي في مدينة قسنطينة (شرق الجزائر) عن محاصرة “لالَّة فاطمة نسومر” لجيشه في القبائل وتعرضهم لهجمات كبيرة وخسائر فادحة، قرر الجنرال الفرنسي “روندون” تشكيل أكبر قوة عسكرية لمواجهة “زعيمة المقاومة الجزائرية” قوامه “45 ألف جندياً”، في وقت كان جيش “لالَّة فاطمة نسومر” يتكون من “7 آلاف جندي”. قاد الجنرال الفرنسي الجيش بنفسه وتوجه إلى منطقة القبائل، ودخل في معركة كبيرة مع جيش “لالَّة فاطمة نسومر”، لكن الفارق الكبير بين الجيشين جعل المعركة تحسم للاستعمار الفرنسي.
وعن غدر الاستعمار الفرنسى الذى لا عهد له: *طالبت “لالَّة فاطمة نسومر” من الاستعمار الدخول في مفاوضات لوقف المعارك، فوافق على طلبها، وبمجرد خروج الوفد المفاوض، غدر الاستعمار بهم وألقى القبض عليهم، ثم أمر الجنرال “روندون” بمحاصرة المكان الذين كانت توجد فيه “لالَّة فاطمة نسومر”، وقام بأسرها بعد ذلك سنة 1857م، ووضعها في سجن تحت حراسة أمنية مشددة بعد أن أُبعدت إلى منطقة “تابلاط” بولاية “المدية” (شرق الجزائر) مع 30 شخصاً من أفراد جيشها، خشية تجدد المقاومة في منطقة القبائل الجزائرية، لكن الحقائق التاريخية أكدت أن المقاومة لا تكاد تنطفئ في منطقة حتى تندلع في جهة أخرى من مناطق الجزائر. *بقيت “لالَّة فاطمة نسومر” في السجن 7 سنوات كاملة، وتوفيت عام 1863 عن عمر ناهز 33 عاماً، بعد إصابتها بمرض غريب أدى إلى إصابتها بالشلل، كاتبة بذلك تاريخاً جزائرياً وعربياً مشرفاً للتحرر من الاستعمار، ويوجد قبرها اليوم في مقبرة “العالية” بالجزائر العاصمة، بعد أن قررت السلطات الجزائرية نقله من قريتها “نسومر” عام 1994.
الشهيدة حسيبة بن بوعلي رمز المرأة المناضلة وعنواناً للصمود الأنثوي إلى جانب الرجل
تعد الشهيدة حسيبة بن بو علي من النساء الجزائريات اللواتي ناضلن من أجل استرجاع السيادة الوطنية، تاركات وراءهن الحياة الرغيدة. فهى واحدة من حراير الجزائر الرافضة للذلّ والهوان الذي كان يعيشه كل جزائري في كل مرة يرى فيها العلم الفرنسي يرفرف على كل ما يعتبر رمزاً من رمز الدولة المحتلة في الجزائر، تركت حلم كل فتاة في بناء أسرة ، وحلم كل أنثى في أن تكون أماً و نسيت أنها امرأة، و لم ترى منها سوى ما تستطيع تقديمه إلى الجزائر لتكون بذلك الابنة البارّة بأمها التي رضعت حبها حتى الثمالة.
إنّ حسيبة رمز من رموز المقاومة الجزائرية، وهو رمز ما زال ينبض بالروح ما دامت حسيبة مثالاً تقتدي به الأجيال بمرور السنين.

الاسم: حسيبة ابنة عبد القادر بن الحَاجْ بن محمد الكبير بن بوعلي، واللقب الشرفى: لقبت “الشهيدة الصغيرة” ، إذ عدت أصغر شهيدة تسقط في ميدان الشرف، بعد نسف البيت الذي لجأت إليه رفقة الثوار، وتاريخ الميلاد: 18 يناير (جانفي ) 1938م، والجنسية: جزائرية، ومسقط الرأس: مدينة الشلف (الأصنام سابقاً)، ومسقط الرأس: ولدت بمدينة شلف (الأصنام سابقاً)، 370 كيلو متراً إلى الغرب من العاصمة الجزائرية، البنت البكر لوالديها، والمنشأ: نشأت الشهيدة وسط عائلة ميسورة الحال، تتكون من ثلاثة، حسيبة البنت البكر، و(فضيلة) وهي في الوقت الحالي معلمة متقاعدة و(سَتِّ) وهي الاَن مالكة لصيدلية بالعاصمة ، وأخيهم الذكر “محمد عبدوا”. من أب متعلم مُقدرًا للقضية الوطنية، من مدينة الشلف (الأصنام ) سابِقا وهو من القِياد وأعيان الولاية يعمل بمديرية الزراعة (مصلحة الري بالشلف) والدتها السيدة (أيت سعدى لويزة ) امرأة فاضلة تحب فعل الخير فسعت لمساعدة العائلات الفقيرة والتي حرمها الإستعمار من العيش الهادئ وهي من مدينة الجزائر العاصمة، من أصول قبائلية مثقفة ومتفتحة على المجتمع تحبُ الجزائر والدفاع عن القضية الجزائرية. رَبَت حسيبة مُربية سَوداء كانت تعمل بالبيت العائلي، كانت تحبُ حسيبة جدًا، وتَعلقت بها الفتاة كثيراً حتى كانت لا تخرج بمفردها في التجول إلاَّ وكانت معها. ترعرعت هناك إلى أن بلغت تسع سنوات، ثم انتقلت رفقة عائلتها أين قرر والدها الاستقرار بالجزائر العاصمة سنة 1948م، وعمل الوالد بأمواله في التجارة تحت الحَكامة الفرنسية

شخصية حسيبة القوية، والمُتمردة والشُجاعة مَيَّزتها عن غيرها من البنات، وكان حُبها للوطن قد ضاعف مميزاتها وزاد من إحترام الغير لها، حسيبة فتاة جميلة، تصلي ولا تترك الصلاة ، فإسلامها بقلبها ساكن وأفعالها تعكس ذلك.

أناقة حسيبة وحسن إختيار هندامها جلب إليها الأنظار والعيون العاشقة المتقربة منها ، لكن الفتاة كان يملأ قلبها حب الوطن، وهدفها النيل من المستعمر ، ولا طريقة تَكفل ذلك إلا بالدفاع عنه بالذات . ركبت حسيبة ومربيتها السوداء الحافلة بالعاصمة بحي (chemin neuf وكان أغلب الراكبين فرنسيين فوقف أحدهم وترك المكان لحسيبة لكنها لم تجلس به وتركته لمربيتها السوداء فقال لها الفرنسي: لماذا تركت المكان لهذه الخادمة السوداء؟ فردت حسيبة: هذه المرأة هي جدتي، وليست خادمة فاندهش هذا الفرنسي فلم تهتم حسيبة لفعله.
تُتقن حسيبة العديد من اللغات العالمية وأولاها الفرنسية واللاتنية والإسبانية . أمَّا في شوارع العاصمة ومع عائلتها فكانت تتحدث الشلفية
كانت حسيبة فتاة هادئة، شابة مَرحة، وكثيرًا ما تزور سنما ” دنيا زاد” مع والدتها، تحب الموسيقى ، وكثيرًا ما تلعب على أوتار البيانو ، وكثيرًا ما تُخَبئ أشياء بداخله. إحترمت العائلة رأي حسيبة وسَاندت رأيها، فكانت تسافر إلى الخارج وتعود وتحكي لعائلتها عن مغامرتها لصديقاتها/ حسيبة تعزف وترقص على غناء فضيلة الدزيرية وكذلك الألحان الإسبانية.
كان لعائلة حسيبة أصدقاء للثورة ، وكانوا يزورون والدها ، كما كان لوالدتها إتصالات بهم فلم تجد عناءً في كيفية الوصول إلى من لهم عيون مع المجاهدين والمحبين للثورة ، ومنهم حتى الأوربيين المتعاطفين مع القضية الجزائرية ، والمائلين إلى تحرر شعوب إفريقيا وبلدان العالم الثالث ، وكان من بينهم طبيب العائلة “ماريوش”عندما تركت حسيبة الثانوية ساعدها الطبيب “ماريوش” للدخول للعمل في المستشفى كممرضة . كانت حسيبة الفتاة الخجولة المنضبطة الجميلة ، المعروفة بحبها الكبير لوطنها، ومازادها شغفًا وميلاً لوطنها هو ما تسمعه يوميًا من تضحيات ومقاومة أسود ، أخبار تعِد بالفجر القريب. وكثيرًا ما كانت تتناقش حسيبة من حين إلى اَخر في أمور سياسية كثيرة مع والدها “عبد القادر”. كَبُرت الفتاة وكبُر معها حُبها لوطنها ، ورغم غناها إلاَّ أنها كانت تحسُّ بحاجة الأسر الجزائرية الفقيرة، وتشبعت بالتحرر ،
في هذا الحين كانت حسيبة نشطة كما أنَّ خرجاتها العديدة مع والدتها “السيدة لويزة” والتي كانت تتصل بالجمعيات الخيرية هو الذي أذكى فيها شعلة نور الوطن ، وبعث فيها الأمل.
التعليم والدراسة:
(حالة عائلتها الغنية ساعدتها على ولوج مدرسة الفرنسيين)
زاولت تعليمها الإبتدائي بمسقط رأسها بالشلف، وكانت من المجتهدات، وبعد انتقال عائلتها إلى العاصمة سنة 1948م، حيث الحياة أفضل ومُواتية، واصلت تعليمها هناك، بمؤسسة إبتدائية عين الزرقاء ببلكور والتي تسمى الاَن “سيكوتوري”، وامتازت بذكاء حاد. وأتمت مرحلة التعليم المتوسط بالعاصمة ثم إنتقلت إلى ثانوية(عمر راسم) “بربروس دي لا كروا” سابقاً، ودرست حتى السنة الثانية ثانوي أي حتى المرحلة الأولى قبل البكالوريا في قسم أدبي (عام واحد قبل شهادة البكالوريا ) ، وهذا في ثانوية باستور. إنضمت إلى ثانوية باستور سابقاً، عمر راسم (حاليًا) ، وكانت حسيبة تدرس مع الفرنسيات أمَّ الجزائريات فكنَّ يُعدنَّ على الأصابع وهنَّ من أهل المال والأعيان في أحد المرات سُرِقت قِطعة ذَهب لطالبة فرنسية فإتهمت الأستاذة حسيبة بالسرقة وبعد زمن وجدتها ، فرفضت حسيبة الدخول إلى القسم حتى تعتذر لها ، لأنَّها إتهمتها بالسرقة وهي لم تسرق ، وقالت لها حسيبة وأنتم تكذبون ولا أحد يحاسبكم.
واصلت الفتاة دراستها الثانوية حتى الثانية ثانوي،عند بلوغها ستة عشر سنة حينها تركت تعليمها النظامي ومقاعد الدراسة.
كانت حسيبة واحدة من بين عشر بنات جزائريات الذين يدرسون مع 150 فرنسية في de la croix وعرفت حسيبة بصمتها ، وقلة كلامها، وقلَّة اختلاطها بزميلاتها بشكل لافت للإهتمام ، فتاة تحبُّ النظافة وتحب اللباس الجميل فكانت لا تختلف عن الفتيات الفرنسيات في لباسها ، لكن حب الوطن والقضية الوطنية أرقت نومها وإستحوذت على إهتمامها ، فكانت أفكارها وأقوالها تحمل تعاسة الشعب ، والرغبة الشديدة في الإنتقام . الوطن هو قداسة بالنسبة لحسيبة ولا من إستطاع تنحية هذا الحب من قلبها رغم جمالها وشبابها وإقبال الحياة عليها ، فكانت زهرة ربيعية جميلة جدًا . تخلت حسيبة عن دراستها لأنَّها كانت لا تميل إلى الشهادة كثيرًا ، وتشبُعها بقضية وطنها الجزائر جعلها تبحث عن كيفية لإتصالها بالمجاهدين
رحلة النضال:
“إمتازت حسيبة بن بوعلي بذكائها الحاد وقوّة بصيرتها لعواقب الأمور ، كما عرفت بحذرها الشديد وسدادة رأيها”.
انضمت إلى تنظيم الكشافة الإسلامية، وهي في عمر 12 عاماً،ومن خلال رحلاتها داخل الوطن ضمن هذا التنظيم اطلعت على أوضاع الشعب السيئة، وبالموازاة مع ذلك كانت تنشط في جمعية خيرية تسمى “كأس من الحليب” حيث اطلعت على حالة الفقر و العوز التي كان يعانيها الجزائريون، الشيء الذي ولد لديها فكرة التحرر من قيود الاستعمار، لأنها تحمل في داخلها جامحة لا تقبل بالواقع المعاش. وعن الدور الجهادى: في مطلع سنة 1955م، أي بعد شهرين أو أكثر بقليل من اندلاع الثورة الجزائرية، كانت البطلة على موعد مع الزمن لتنضم إلى صفوف الثورة التحريرية،وعمرها آنذاك 17 سنة كمساعدة اجتماعية.
في سنة 1956م، برز نشاطها، حين أصبحت عنصراً نشطاً في فوج الفدائيين المكلفين بصنع القنابل ونقلها. وعملت كممرضة بمستشفى مصطفى باشا مما مكّنها من الحصول على
مواد كيمياوية تساعد في صنع المتفجرات، لتنضم في وقت لاحق إلى مجموعة من الشباب الجامعيين على غرار الشهيد طالب عبد الرحمن و الدكتور دانيال تيمسيت لشبكة القنابل لياسف سعدي حيث كانت مسئولة على تموين المخبر و نقل ووضع القنابل بفضل مظهرها البدني.
كان لها دور كبير – رفقة زملائها – في إشعال فتيل معركة الجزائر خاصة بعد التحاقها نهائياً بالمجاهدين بحي القصبة العتيق وسط الجزائر العاصمة ومغادرتها البيت العائلي نهائياً في 08 أكتوبر1957م، بعد اكتشاف أمرها من طرف العدو، فغادرت البيت العائلي والتحقت بالمجاهدين في حي القصبة العتيق وسط الجزائر العاصمة، فواصلت عملها الفدائي بتفان وشجاعة قلما وجدت عند غيرها.
رسالة إلى والديها:
لعل الرسالة التي كتبتها المجاهدة – باللغة الفرنسية – إلى والديها في 15 سبتمبر/ أيلول 1957،بعد اكتشاف المكان الذي كانت تختبئ فيه رفقة مجموعة من مجاهدي الثورة التحريرية الجزائرية … – قبل 23 يوماً من استشهادها – تعكس الروح الطموحة إلى غد أفضل تشرق فيه شمس الحرية وبأسلوب بسيط و مليئ بالحنان أطلعتهما على قرارها الفاصل المتمثل في الالتحاق بالثورة الجزائرية المظفرة قائلة:
“ إن الأمر فظيع عندما نكون بعيدين عن الأسرة، تعلمون أنني من المبحوث عنهم بكثرة بالجزائر العاصمة، يعني أنه لا يمكنني أبداً أن أفعل شيئاً، فإذن قررت أنه من واجبي الالتحاق بالجبال حيث سأكون ممرضة أو حتى إذا اقتضى الأمر أن أحمل السلاح و هذا ما أتمناه من قلبي…”.
وتزامنت هذه الرسالة و الدخول المدرسي لسنة 1957م حيث كتبت في مقدمتها:
“لا تقلقوا بشأني بتاتاً بل يجب التفكير بالأطفال الذين سيلتحقون بعدي بالمدرسة و الذين آمل أن يعملوا بشكل جيد (…). أرجو من كلّ قلبي أن أقاتل، فإن أخذنا الموت التقينا عند ربنا. وإن مت لا تبكوا علي فسأموت سعيدة أؤكد لكم ذلك”.
استشهدها:
واصلت نضالها وعملها الفدائي بتفان وشجاعة قلما وجدت عند غيرها، ونظراً لما ألحق من خسائر في صفوف العدو من جراء نشاطها، كثّفت المخابرات الفرنسية البحث عنها إلى أن تمّ التعرف على مكان اختفائها، فقامت قوات العدو بمحاصرة المكان، وأمام رفض حسيبة وزملائها تسليم أنفسهم، قام الجيش الفرنسي بنسف المبنى الذي كان يأويها رفقة ثلاث من رفقائها وهم: علي عمار المعروف بـ “علي لابوانت” و ياسف عمار المعروف بـ “عمر الصغير” و حميد بوحميدي ، استشهدت حسيبة بن بوعلي – أصغر مجاهدة في القصبة – حين قام الاستعمار الفرنسي بنسف المنزل الذي كان يأويها، وسقط الرفاق وذلك يوم 8 أكتوبر 1957م، فقد كانت هي مع زملائها رمزاً للتضحية بالغالي والنفيس من أجل حرية الوطن وللحفاظ على الأمن والأمان في البلاد
قالت فضيلة أخت حسيبة:
في أحد المَرات نزل فريق من الجيش الفرنسي مُكونًا من 30 جندياً أو أكثر فدخلوا بيت المُجاهدة وسُئلت الأم وأختها فضيلة ووالدها وأخيها محمد عبدوا عن الفارة حسيبة لكن لا أحد يعرف مكان تواجدها فردت الأم : “لقد غادرت البيت ولم تترك لنا العنوان” ، فحسيبة فتاة كتومة لا تحكي كثيرًا عن أسرارها ، كان للبيت بيانو كثيرًا خبأت فيه الأم ما يوجد بالبيت من سلاح حمله إليها المجاهدين إلى أن تَحضر حسيبة أو أحد اَخر يحمله إليهم . وضع أحد عساكر الفرنسيين يده على البيانو ، فجعلت الأم تلفت إنتباهه وتبعده عن البيانو ، بحث الجنود الفرنسيين في البيت وفي أركانه ، وبعدما يئس الجنود في إستنطاقنا خرجوا من منزلنا ، فتحت أمي البيانو فدهش الأولاد لأنَّ البيانو مليئًا بالسلاح وإنتبه الجميع للخطر . “تنكرت الأم بالزي الجزائري التقليدي ، وحملت حقيبتها وخرجت من البيت ، وبعد ساعات من غيابها وبعد عودتها لم أدري من جاء معها ولا ما فعلت ، ذهبتُ إلى البيانو وفتَحته فكان فارغًا، ولكنَّني قرأت في تصرفات أمي أنَّها كانت تدري ما تفعل حسيبة وأنَّها كانت تُساعدها
تشيد تمثال للشهيدة:
في مسقط رأسها هناك تمثال لها في ساحة المدينة، تظهر فيه وهي تحمل في يدها اليمنى الراية الوطنية، وفي يدها اليسرى حقيبة المدرسة. ويحتفي سكان الشلف برموزهم التاريخية ولا سيما حسيبة، برسم جداريات لهم في الشوارع “حتى لا ينسى الجزائريون شهداءهم”
مثل أعلى للنساء:
يعتبر نساء الولاية حسيبة عنواناً للصمود الأنثوي إلى جانب الرجل، في فترة عصيبة مرت بها الجزائر، وعنواناً للتعلم في زمن كان التعليم فيه غير متاح لفئات واسعة من الجزائريين، بسبب الفقر، فقد صممت على إكمال تعليمها بالعاصمة الجزائرية وأصبحت ممرضة، ثم اختارت الانضمام إلى صفوف الثورة التحريرية تاركة وراءها عائلتها وأحبابها من أجل قضية تحرير الوطن.
تخليدها فى التاريخ:
لعبت هذه البطلة دوراً عظيما فتركت أثراً كبيراً في النفوس، وخلدت في التاريخ. وأنتج فيلم عنها بعنوان الجزائرية حسيبة.كما لقب حي من أحياء الجزائر العاصمة باسمها، وعلى شرفها تحمل جامعة الشلف اسمها، ويفتخر طلاب جامعة الشلف بأنّ جامعتهم تحمل اسم الشهيدة حسيبة بن بوعلي، بالإضافة إلى ثانوية في الجزائرالعاصمة في منطقة القبة، بالإضافة إلى شارع هام في مدينة الجزائر. وهي عادة رسمية جزائرية في مختلف الولايات، أن تطلِق الحكومة أسماء الشهداء على مختلف الجامعات والمباني الرسمية، علاوة على الشوارع والأماكن والساحات تخليداً لتضحياتهم.
حسيبة، واحدة من أولئك الذين صنعوا تاريخ الجزائر،ليبقى اسمها محفوراً في ذاكرة أمة بحروف من دم طاهر طهارة الأرض التي أريق فيها، و به يعيش الجزائريون اليوم أحراراً تحت راية اكتملت بها هويتنا.
الشهيدة مريم بو عتورة ..شهيدة عمر الزهور.. أيقونة نضال آمنت بحرية وطن
مريم بوعتورة رمز المرأة الجزائرية المناضلة. تاريخها البطولى مبهر بطلة .. استشهدت فى عمر الزهور
الاسم الحقيقى: مريم بوعتورة، والاسم الجهادى: ياسمينة، وتاريخ الميلاد: 17 جانفي 1938 بمدينة نقاوس، ومسقط الرأس: وُلِدت بمدينة نقاوس ولاية باتنة
المنشأ: ترعرت في كنف عائلة ميسورة تمتهن التجارة وتمتلك كثير من البساتين والخيول، وعن الدراسة: تابعت الدراسة بمدينة سطيف حتّى البكالوريا، لكنّها انقطعت عن التعليم في ماي 1956م، استجابة لنداء جبهة التحرير للمشاركة في إضراب الطلبة ومغادرة مقاعد الدراسة، وسافرت فيما بعد الى مدينة سطيف مع أبويها واستطاعت إنهاء المرحلة الثانوية بتفوق في ثانوية أوجان ألبارتيني / مليكة قايد حالياً .. أما الحالة الإجتماعية: مع مرور الأيام أزداد حبها الثورة الجزائرية حتى أنها رفضت فكرة الزواج رغم إلحاح أمها لكنها فصلت في اختيارها قائلة (..أنا لن أتزوج …سألتحق بالثورة…وأدافع عن وطني…!)
رسالة إلى الأسرة:
ترسل رسالة تخبر فيها أسرتها بإلتحاقها بثورة التحرير وهذا مقتطف من الرسالة (…أدعوا لي بكرة وأصيلا …وتأكدو أن الوطن سيحيا بدمائنا وسنسقيه من عروقنا روحاً عطرة زكية …وإن الإستعمار الفرتسي الذي بدأ في الجزائر سوف ينتهي فيها وتكون له بذلك الجزائر مقبرته الأبدية…)
وعن الإلتحاق بصفوف المجاهدين: *شاركت زهراء الأوراس في أضراب الطلبة الجزائريين عام 1956م وكانت من بين قيادته في مدينة سطيف وثانوياتها وحينها بدأت رحلة المطاردة والاستنطاق من طرف البوليس الفرنسي ولكن دون جدوى،
*إلتحقت في سنة انقطاع التعليم نفسها 1956م بصفوف المجاهدين في الولاية الثانية «الشمال القسنطيني» بوادي الزهور، كي تعالج الجرحى إلى جانب زعيميْن من زعماء المقاومة، الدكتور الأمين خان والممرّض عبد القادر بوشريط، وهناك ربطتها صداقة متينة بالشهيدة زيزة مسيكة. *بعد أنْ تمكّنت من قواعد التمريض تحت إشراف الدكتور خان، أُسنِدت لها مسؤوليّة تسيير منزل سرّي لاستقبال جرحى جيش التحرير بناحية القلّ في المنطقة الثالثة.
امتهنت بطلة الجزائر التمريض بالجبال وكانت تحرص على العناية بالجرحى المجاهدين وتقديم كافة العون لهم وتسهر على راحتهم وكان رفاق الجهاد والكفاح قد أعجبتهم شخصيتها وقرر بعضهم التقدم الخطبتها لكنها كانت تقول ..(..لم التحق بالثورة ولم أصعد الجبال لأجل الزواج..تجربتي أطلعتني على معاناة أبناء وطني وما يقاسيه هؤلاء أريد أن أثأر لشعبي وأنتقم..!)، *لم تكن مهنة التمريض كافية لأشباع رغبة مريم رغم كونها مهنة نبيلة وخطيرة فلقد رفضت ألا أن تشارك في العمليات الفدائية وكان لها ما أردت … وكان قد عرض عليها الإلتحاق بالحكومة المؤقتة في تونس من قبل المجاهد على كافي إلا أنها رفضت وقالت لهم: ( أفضل أن استشهد بين أخوني …أما بخصوص تونس فلو كانت لي رغبة فيها فلن يسبقني إليها أحد وكنت قد انتقلت لأن عائلتي لم تبخل علي أبداً ووفرت لي كل شئ….!) .. كانت مريم متعطّشة لحمل السلاح في وجه العدوّ، فطلبت من القيادة اشراكها في المعارك، فتمّ تعيينها في خليّة مقاومة بإحدى نواحي مدينة قسنطينة، وشاركت في عمليّات عديدة في هذه المدينة المناضلة تتمثّل في نصب الكمائن للجنود الفرنسيّين ومباغتتهم في معاقلهم بعمليّات خاطفة.
أما عن الاستشهاد: مع استنفار قوّات الاحتلال الفرنسي للبحث عن مخابئ الفدائيّين، ونتيجة لوشاية أحد الخونة، تمّ تحديد مكان مريم ورفاقها في بناية في مدينة قسنطينة في 08 جوان 1960م. فخاض الفدائيّون معركة غير متكافئة مع الفرنسيّين المسلّحين بالمدافع والرشّاشات الثقيلة. ورغم صمودهم، إلّا أنّهم اُستُشهدوا بعد معركة ضارية. .. رفضت مريم الاستسلام وظلت تقاتل وترميهم برصاص وعلا صوت الإنفجارات أثر قصف العدو البناية بقذائف البازوكا وكانت تصرخ بأعلى صوتها (الله أكبر..تحيا الجزائر مستقلة …يسقط الأستعمار) وقد استطاعت أن تقتل ضابط برتبة ملازم يدعى (روسو) وقد ألقي عليها القبض وهي مصابة أصابة بالغة وقد تعرضت التعذيب من أجل الحصول على المعلومات ولكن هيهات أن تنطق لهم بحرف بعدما أقسمت على صوان العهد عهد الثورة فبعدما يئسوا منها حقنوها بحقنة مسمومة فسجلت بذلك اسمها في سفر الخلود، وقبل أن تموت صرخت: “تحيا الجزائر حرة مستقلة، يسقط الاستعمار”
وهكذا أوفت البطلة مريم بوعدها ورفضت أن تسلم روحها الطاهرة ووطنها الطاهر للأيادي القذرة، فاستجـاب لها ربها وكان لها ما أرادت وهي التي ظلت تتمنى الشهادة بين أبناء وطنها وفي قسنطينـة بالذات ..! فسجلت للتاريخ صـورة خـالدة في غاية البطولة والشجاعة عن عظمة المرأة الجزائرية لن ينساها أبداً الجلاد الفرنسي على مر الزمـان..! ولفظت الشهيدة ساعتها أنفاسها الطـاهرة عن عمر يناهز الـ 22 ربيعـا وصعدت روحها إلى السماء عطراً، فصارت السماء يومها صافية بصيرة.
البحث عن قبر مريم:
لقد حاول أبواها الإتصال بأحد الجنرلات ممن شاركوا في العملية من أجل الحصول على معلومات حول قبرها فقال له الجنرال:
(لقد أشبعتنا المر…قاتلتنا بشراسة كالأسد ولو كانت ابنتي لأقمت لها تمثالاً ! )
وقال أحد قادة القوات الفرنسية:
’’لقد قتلوا أحسن ضباطي فلن يرى أحد جثتها أو يعرف قبرها )
ولكن لقد جعل الشعب الجزائري اسمها محفور في قلبه وذكرها ماثلة أمامه وسيرتها تتناقلها الأجيال جيل بعد جيل لأنها تمثل الجزائر وما أدراك ما الجزائر !
كتبت إحدى المجلات الفرنسية بعد هدوء العاصفة و نسيـان الذكريات المرة لحرب الجزائر: (.. وهنـاك مجاهدات لم يكتفين بالمهمات البسيطة وشاركن فعلاً في المعارك، ومن بين هؤلاء مـريم بوعتورة ، زيزة مسيكة و مليكة خرشي اللواتي كن يتمتعن بفكر ومستوى وشخصية قوية، واعترافاً لهن بذلك عينت الأولى رقيباً والثانية عريفاً ..)
الشهيدة مليكة قايد لم تكترث بأنوثتها حاملة القضية الجزائرية في قلبها
مليكة فايد .. المناضلة الجزائرية الثائرة فى وجه العدو الفرنسى، لم تكترث بأنوثتها التى جردها الاستعمار، جمعت بين مهنة التمريض والكفاح المسلح، وكان لها الفضل الكبير فى تفجير الحرب الجزائرية، حاملة القضية الجزائرية في قلبها.
الاسم: مليكة قايد، وتاريخ الميلاد 24 أغسطس سنة 1933م، ومسقط الرأس: الجزائر العاصمة فى حى بلكور، وعن التعليم: إلتحقت بالمدرسة الإبتدائية سنة 1939م بالعاصمة، ثم انتقلت إلى برج بوعريريح سنة 1942م، حيث نالت شهادة التعليم الإبتدائي سنة 1947م، كما تحصلت على شهادة في التمريض سنة 1953م.، أما الدور النضالى: *كان طموح الإلتحاق بصفوف جيش التحرير الوطنى يلازمها منذالصغر، وشاءت الأقدار أن تجعل منها ممرضة وهو ما كانت تحتاج إليه الثورة في أعوامها الأولى، وكانت تنتظر الدعوة للإنضمام إلى صفوف جيش التحرير. وفي 13 جوان 1955م تلقت اتصالاً من طرف العقيد عميروش وطلب منها الإلتحاق بجنود جبهة التحرير فلبت النداء كجندية ثائرة وممرضة ساهرة مضرب المثل في التضحية الوطنية. *كانت المرأة الوحيدة التى شاركت فى مؤتمر الصومام في 20 أوت سنة 1956م، استعانت بها الثورة الجزائرية لعلاج الجرحى الثوار، وكانت تمثل المرأة الثائرة نهاراً رفقة المجاهدين، والممرضة الساهرة ليلاً إلى جنب إخوانها المجاهدين المجروحين في ساحات المعارك. *كانت من أهم عناصر الثورة الجزائرية، وكان لها دور كبير في تنظيم المظاهرات وتعليم المجاهدين وعملت في الحرب كطبيبة، *كانت من أهم النساء في تسيير الخطط ورسمها وتنفيدها ونقل الأخبار، *كانت مكلفة بصناعة القنابل، وزراعتها بالجزائر العاصمة والقصبة برفقة ياسف سعدي والعربي بن مهيدي وبرفقة حسيبة بن بوعلي وغيرهم، *في سنة 1956م بدأ نشاطها بالبروز في زراعة القنابل وتسيير الخطط الخ… حيث بدأت التفجيرات في الجزائر العاصمة وفي كامل أنحاء الجزائر.
كانت قائدة جمعية النساء للثورة التحررية بالجزائر في تنظيم الخطط وتسييرها ودراسة الأماكن المناسبة بالجزائر لوضع القنابل ونقل الأخبار، كما كان لمليكة قايد دوراً في انفجارات العاصمة واشتهرت في تفجيرات 5 ديسمبر بحي القصبة العتيقة إلى أن اكتشف أمرها سنة 1957م.حيث أصبحت من أكثر نساء الثورة التحريرية مطاردة من قبل جيش الإحتلال الفرنسي. أما عن الاستشهاد: في 20 حزيران 1958 بمشدال ولاية البويرة (حين كانت تعالج بعض المرضى) اكتشف الجيش الفرنسي أمر بعض المجاهدين فقام برمي قنبلة في المنزل الذي كانت فيه مليكة قايد، فاستشهدت هي والمجاهدين الذين كانوا معها، حاملة العلم الجزائري والسلاح في يدها، وذلك بعد معركة دامية شارك فيها الجنرال السفاح «بيجار» رفقة ما يقارب ثلاثة آلاف جندي فرنسي، لكنها لم تستسلم إلى آخر نفس لتسقط في ساحة الشرف بالجبال بعدما أفرغ العدو الرصاصات في صدرها، وهي لم تتجاوز الـ 23 سنة، ودفنت في مقبرة الشهداء بباب الزوار.
جميلة بوحيرد .. أيقونة النضال الجزائرى التي هزّت عرش فرنسا
حكم على جميلة بوحيرد بالإعدام، وهو الأمر الذى أفجع العالم العربى بأسره وتحركت حملة دولية فى الأمم المتحدة ضد الحكم بالإعدام على جميلة بوحيرد، كما كتب كبار الشعراء العرب قصائد للدفاع عن جميلة التى أضحت رمز القضية الجزائرية،
جميلة بوحيرد، هي مناضلة جزائرية، إبّان الثورة الجزائرية على الإستعمار، من المناضلات اللاتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة، وحُفر اسمها في ذاكرة التاريخ ضمن النساء المناضلات ضد الاستعمار في العالم العربي، وتحديدًا ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، الذي استمر نحو 132 عامًا .. المرأة التي صفق لها العالم احترامًا وتقديرًا لدورها ضد الاستعمار الفرنسي في بلدها، لتعد بذلك رمز نضال المرأة العربية.. وأبرز الشخصيات المناضلة في القرن العشرينن ومسقط الرأس: ولدت جميلة في حي القصبة بالجزائر العاصمة، من أب جزائري مثقف وأم تونسية من القصبة وكانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها فقد أنجبت والدتها 7 ذكور. وتاريخ الميلاد: عام 1935م، أما النشأة: كان لوالدتها التأثير الأكبر في حبها للوطن فقد كانت أول من زرع فيها حب الوطن وذكرتها بأنها جزائرية لا فرنسية. رغم سنها الصغيرة آنذاك، وعن التعليم: واصلت تعليمها المدرسي ومن ثَم إلتحقت بالمعهد للخياطة والتطريز فقد كانت تهوى تصميم الأزياء الكلاسيكية
وعن الهوايات: مارست الرقص الكلاسيكي وكانت ماهرة في ركوب الخيل، وغيرها من الهوايات الخاصة التى دائماً ما نجدها بالطبقات المترفة، أما النضال ضد الاستعمار: كان الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح فرنسا أُمُنا لكنها كانت تصرخ وتقول: الجزائر أًمُنا، فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من طابور الصباح وعاقبها عقاباً شديداً لكنها لم تتراجع، ورفعت شعار “الجزائر أمنا” وهى طفلة، وفي هذه اللحظات ولدت لديها الميول النضالية.
عندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954م، انضمت بعد ذلك إلي جبهة التحرير الجزائرية للنضال ضد الاستعمار الفرنسي وهي في العشرين من عمرها، ثم إلتحقت بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات مع المناضلة جميلة بوعزة التي قامتا بزرع القنابل في طريق الإستعمار الفرنسي، وكان دور جميلة النضالي يتمثل في كونها حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير الجزائرية ومندوب القيادة في المدينة (ياسيف السعدي) الذي كانت المنشورات الفرنسية في المدينة تعلن عن دفع مبلغ مائة الف فرنك فرنسي ثمناً لرأسه ! ونتيجة لبطولاتها وشعبيتها وسط المقاومة الجزائرية، أصبحت الأولى على قائمة المطاردين للجيش الفرنسى، وذات يوم عندما كانت جميلة متوجهة لـ «ياسيف السعدي» برسالة جديدة، شعرت أن أحدًا يراقبها؟ فحاولت الهروب، غير أن جنود الاحتلال طاردوها وأطلقوا عليها الرصاصات التي استقرت إحداها في كتفها الأيسرعام 1957م، لكنها حاولت الاستمرار في الهرب وفشلت، وألقي القبض عليها عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها.
رحلة التعذيب القاسية:
أفاقت جميلة في المستشفى العسكري، ومن داخل المستشفى، حيث كانت محاولة الاستجواب الأولى، لإجبارها على الإفصاح عن مكان «ياسيف السعدى»، لكنها تمسكت بموقفها، فأدخلها جنود الإحتلال في نوبة تعذيب استمرت سبعة عشر يومًا متواصلة، تعرضت خلالها إلى مختلف أنواع العذاب، وصلت إلى حد أن أوصل جنود الإحتلال التيار الكهربائى بجسدها، وبدأت رحلتها القاسية مع التعذيب بالصعق الكهربائي لمدة ثلاثة أيام، وكانت تغيب عن الوعي وحين تفيق تقول الجزائر أُمُناا، فلم يسطيع جسدها النحيل تحمل ألوان العذاب، فأصيبت بنزيف استمر خمسة عشر يوماً، لكن جميلة ابنة الثانية والعشرين كانت أقوى من كل محاولات معذبيها، تحملت آلام التعذيب ولم تعترف بأسماء أو أماكن وجود رفاقها المجاهدين.
المحاكمة الصورية وصدور حكم بالإعدام:
حكم على جميلة بوحيرد بالإعدام، وهو الأمر الذى أفجع العالم العربى بأسره وتحركت حملة دولية فى الأمم المتحدة ضد الحكم بالإعدام على جميلة بوحيرد،
حين فشل المعذِّبون في انتزاع أي اعتراف منها، تقررت محاكمتها صورياً وصدر بحقها حكماً بالإعدام عام 1957م ، وأثناء المحاكمة وفور النطق بالحكم رددت جملتها الشهيرة :
«أيها السادة، إنني أعلم أنكم ستحكمون علي بالإعدام، لأن أولئك الذين تخدمونهم يتشرفون لرؤية الدماء، ومع ذلك فأنا بريئة، ولقد استندتم في محاولتكم إدانتى إلى أقوال فتاة مريضة رفضتم عرضها على طبيب الأمراض العقلية بسبب مفهوم، وإلى محضر تحقيق وضعه البوليس ورجال المظلات وأخفيتم أصله الحقيقى إلى اليوم، والحقيقة إنني أحب بلدي وأريد له الحرية، ولهذا أؤيد كفاح جبهة التحرير الوطنى، أنكم ستحكمون علي بالإعدام لهذا السبب وحده بعد أن عذبتموني، ولهذا السبب قتلتم أخواتي بن مهيرى وبومنجل وأضور، ولكنكم إذا تقتلونا لا تنسوا أنكم بهذا تقتلون تقاليد الحرية الفرنسية، ولا تنسوا أنكم بهذا تلطخون شرف بلادكم وتعرضون مستقبلها للخطر، ولا تنسوا أنكم لن تنجحو أبداً في منع الجزائر من الحصول على استقلالها».
كانت هذه كلمات جميلة بو حيرد في المحكمة، عندما انطلقت فجأة في الضحك بقوة وعصبية بعد علمها بحكم بالإعدام، ما آثار دهشه القاضي فصرخ قائلاً: «لا تضحكي فى موقف الجد».
تحدد يوم 7 مارس 1958م لتنفيذ الحكم، وقد تعمدوا إخفاء موعد إعدامها عن الإعلام، وتواطأت معهم وكالات الأبناء الاستعمارية، لكن إرادة الله كانت الأقوى فوق إرادة الاستعمار، ولم يتم إعدام جميلة بوحيرد، كما حكمت المحكمة.
خرجت صرخة جميلة من قاعة المحكمة إلى أرجاء العالم، وثار العالم من أجلها، ولم تكن الدول العربية وحدها هي التي شاركت فى إبعاد هذا المصير المؤلم عن جميلة، فقد انهالت على «داج همرشولد»، السكرتير العام للأمم المتحدة فى ذلك الوقت، البطاقات من كل أنحاء العالم تقول: «انقذ جميلة».
اجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بعد أن تلقت الملايين من برقيات الإستنكار من كل أنحاء العالم وطالبوا بإطلاق سراحها.
كان من نتائج الضغط الكبير الذى مارسه الرأى العام العالمى تأييداً للبطلة جميلة بوحيرد، أثر حاسم في إجبار الفرنسيين علي تأجيل تنفيذ الحكم بإعدامها، ونقلت إلى سجن ريمس فى عام 1958م، ثم عُدّل إلى السجن مدى الحياة.
الخروج من السجن:
بعد ثلاثة سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا وقضت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحها بعد ذلك مع بقية الزملاء، بعد تحرير الجزائر، عام 1962م، خرجت جميلة بوحيرد من السجن مع بقية الأسرى المقاومين، وتزوجت محاميها الفرنسي الشهير جاك فيرجيس، سنة 1965م الذي دافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني، خاصة المجاهدة جميلة بوحيرد والذي أسلم واتخد منصور اسماً له.
بعد الاستقلال:
بعد الاستقلال، تولت جميلة رئاسة اتحاد المرأة الجزائري، قررت أنها لم تعد قادرة على احتمال المزيد، فاستقالت وأخلت الساحة السياسية. وهي ما تزال تعيش متوارية عن الأنظار، لكن المرات القليلة التي ظهرت فيها أمام الناس أثبتت أن العالم ما زال يعتبرها رمزاً للتحرر الوطني.
هذه البطلة التي لولاها هي وأمثالها… لما كانت الجزائر هي الجزائر اليوم.
كبارالشعراء يكتبون قصائد للدفاع عن جميلة رمز القضية الجزائرية:
بوحيرد أشهر رمز للمقاومة في الجزائر، بل هي الأشهر علي الإطلاق عندما يذكر العرب اسماً لمناضلة، أنها ألهمت الشعراء، “حتى أن بعض النقاد أحصى ما يقرب من سبعين قصيدة كتبها عنها أشهر الشعراء في الوطن العربي : نزار قباني، وصلاح عبد الصبور، بدر شاكر السياب، الجواهري .. وعشرات آخرين.
من الأشعار التي قيلت فيها.
قالو لها بنت الضياء تأملي ما فيك من فتن ومن انداء
سمراء زان بها الجمال لونه واهتز روض الشعر للسمراء
من قصيدة “جميلة علم وهران” للشاعر المصري صلاح عبدالصبور
عندما يسقط ذاك العلم الأسمر في تربة وهران مدمى
وهلال المفرق الأنور في التلة يطوى، ثم يرمى
عندما تبرق عينان …نجوماً مشرقية
وترفان كطيرين جريحين على عشب وماء
عندما يشحب خدّان نديان، ولا يستفهم ثغر
ويكون الموت أحلى، وهو مرّ.
فيروز تغنى لجميلة بو حيرد:
غنت المطربة اللبنانية فيروز أغنية “رسالة إلى جميلة”، للمنضالة بو حيرد
السينما المصرية تخلد نضال جميلة بو حيرد:
بعد شائعة وفاتها.. خلدت السينما المصرية نضال جميلة بوحيرد، كانت قصة كفاحها ونضالها محور فيلم بعنوان جميلة عام 1958م، ويحكي عن أحد أهم الشخصيات في تاريخ الجزائر وهي جميلة بوحيرد، وهو من إخراج المخرج المصرى العالمى يوسف شاهين
تكريم المناضلة جميلة فى بيروت:
عام 2013م ، جاءت المناضلة جميلة إلى بيروت، حيث كرمتها قناة “الميادين” ضمن سلسلة مهرجان “جدارة الحياة” الذي أُقيم في قصرِ الأونيسكو، حيث قدم لها رئيس مجلس إدارة قناة الميادين / غسان بن جدو درعاً تكريمياً بحضورِ فِعالياتٍ سياسيةٍ وإعلاميةٍ وثقافية وإجتماعية عربية وأممية، وهو أولِ تكريمٍ من نوعِه تقومُ به مؤسسةٌ إعلاميةٌ عربية، ومما قالته في الاحتفال:
“أنا سعيدة بلقائكم للمرة الثانية في لبنان. أقدّر جيداً اللبنانيين الذين يبذلون الغالي والنفيس للدفاع عن الوحدة والاستقلال. من زيارتي الأولى، احتفظت بذكرى شعب يريد أن يعيش، وأنا على يقين من أن لبنان سيتجاوز صعوباته… كيف يمكن ألا نُعجب بهذا البلد وشعبه؟ كيف يمكن ألا نعجب بمقاومة هذا البلد وشعبه؟ أنا متأثرة جداً بهذا التكريم الموجه للجزائريين الذين بنضالهم الصلب أعطوا الجزائر عزّتها”
استقبال عبد الناصر للمناضلة بوحير:
استقبال الزعيم جمال عبد الناصر عام 1962م للمناضلة جميلة بو حيرد ومعها المناضلة زهرة أبو ظريف فى القصر الجمهورى بالقبة وحظيا باستقبالاً شعبياً
تكريم المجلس القومى للمرأة لرمز النضال والصمود جميلة بو حيرد:
كرّم المجلس القومي للمرأة بمصرالمناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد؛ فى عام 2018م باعتبارها رمزا للنضال والصمود، وتحدثت بوحيرد وهي تغالب دموعها معربة عن تقديرها ومحبتها للشعب المصري: “شعب كريم وأصيل.. محبتكم على رأسي.. شكرا لكم ألف شكر”، كما حضرت الإحتفالية كريمة الرئيس جمال عبد الناصر التي عرضت فيلماً تسجيلياً نادراً يوثق أول زيارة لجميلة بوحيرد، والتي إلتقت فيها بوالدها الزعيم جمال عبد الناصر
مصر تكرم جميلة بو حيرد على هامش مهرجان أسوان:
كانت المناضلة الجزائرية ضيفة شرف مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة الدولى حيث حملت دورته اسم جميلة بو حيرد وتم تكريمها ضمن فعاليات المهرجان من أجل مسيرتها التاريخية الحافلة بالبطولات والمواقف الثورية..
تكريم الرئيس التونسى للمناضلة الجزائرية:
كرّم الرئيس التونسي قيس سعيد، المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، بمنحها الصنف الأول من وسام الجمهورية التونسية، وقال بيان للرئاسة التونسية إن سعيّد “استقبل بقصر قرطاج المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد أحد أهم رموز الثورة الجزائرية.” وأضاف البيان أن سعيّد “منح بوحيرد الصنف الأول من وسام الجمهورية التونسية، تقديرا لمكانتها ونضالها الطويل من أجل تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، وكفاحها المستمر دفاعاً عن الحريات.”
عادة ما ينشأ المناضلون من أبناء الطبقات الشعبية والفقيرة والذين يكونون عرضة للاضطهاد أكثر من غيرهم، إلا أن جميلة بوحيرد لم تكن ابنة هذه الطبقة بل كانت ابنة طبقة مترفة، حرصت أسرتها على مواصلة تعليمها، إلا أنها رغم ذلك عرفت طوال عمرها بحسها الوطنى العالى، حيث كانت ترفض ترديد النشيد الوطنى الفرنسى فى المدرسة، والذى يقول فيه “فرنسا أمنا” لتصرخ قائلة: “الجزائر أمنا”
وكانت قصة تعذيب جميلة بوحيرد واحدة من الأحداث التى جذبت التعاطف الكبير مع القضية الجزائرية، ودعمت مطالب الاستقلال الجزائرى عن فرنسا، بعد احتلال دام لأكثر من 130 عاماً.
سنوات عاشتها المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد فى سجن الإحتلال الفرنسى ذاقت فيهم عذاب لا يتحمله بشر، ولكن بحجم هذا العذاب كانت المكافأة الإلهية، فلم تسكن «جميلة» قلوب الجزائريين فقط، بل سكنت قلوب العرب من المحيط إلى الخليج، وصارت رمزاً عالمياً للكفاح من أجل الحرية، لكن يبقى لابنة الجزائر الحرة أو أم العرب مكانة خاصة فى القلوب
المجاهدة زهرة ظريف، ومسيرة نضال حتى النصر
هي واحدة ممن لعبوا دوراً في معركة الجزائر، بانضمامها إلى صفوف جيش التحرير الوطني، جنباً إلى جنب مع المناضلين، من مجاهدي المرحلة. هي زهرة ظريف حرم الرئيس رابح بيطاط الرئيس الجزائري الثالث ما بعد الإستقلال، والتي عمِلت عدة سنوات عضواً في مجلس الأمة .
*الاسم الحقيقى: زهرة أحمد ظريف *الاسم الثورى: فريدة *الجنسية: جزائرية
*تاريخ الميلاد: ولدت في شهر رمضان، 28 ديسمبر 1934م *مسقط الرأس: بتيارت بسهل سرسو *التعليم: تنقلت زهرة ظريف في مسارها التعليمي بين ثقافتين، تلك التي كانت تغادرها في الصباح للذهاب إلى المدرسة، حيث تسود والدتها، والجزائر الكبيرة والعميقة بجميع مكوناتها (العربية والإسلام، التقاليد العربية) وأسلوب حياتها وتاريخها الشخصي وأساطيرها، والثقافة الفرنسية التي كانت تعيشها خارج المنزل. وهكذا كانت تعيش الانقسام بين عالمين. ولكن هذا لم يمنعها من التفوّق على التلاميذ الفرنسيين حيث اجتازت المرحلة الابتدائية بامتياز، الأمر الذي سمح لها بالالتحاق بأفضل ثانوية للبنات في الجزائر العاصمة – قبل اندلاع الثورة الجزائرية.- وهي ثانوية Fromentin في سنة 1947م .
“كانت زهرة ظريف في المرحلة الثانوية، صديقة للمجاهدة الكبيرة جميلة بوحيرد”
عناصر مختلفة ميّزت حياتها في الثانوية مثل لقائها بصديقة الحياة والجهاد سامية لخضري وميمي بن سماعين حيث برهنت الثلاث على شعور قوي بالتضامن، وكنّ على علم بجميع الأحداث الوطنية والدولية. فعلى الرغم من المعاملة العنصرية تجاهنّ، والعداء من بعض المعلمين والزملاء الفرنسيين، إلاّ أنّ هذا لم يمنعهن من الحصول على شهادة البكالوريا بتقدير جيّد، قسم فلسفة عام 1954م، الشيء الذى سمح لهن بالانتقال إلى جامعة بن عكنون. وتزامن ذلك مع اندلاع حرب التحرير الوطنية.
حياة جديدة تماما لكاتبتنا تتمثل في التعامل مع استقلالها الذاتي وحريتها الشخصية، في الوقت الذي لم تكن مهيّأة لمثل هذه المسؤوليات من قبل. كان عليها حماية شرف العائلة والقرية وذلك من خلال التحلي بأخلاق مثالية واحترام العادات والتقاليد التي كانت لا تسمح بمخالطة زملائها الذكور، الأمر الذي حذّرتها والدتها منه. فالسلوكات المثالية التي سوف تتحلّى بها ستكون المفتاح الذي سيفتح أو يغلق الباب أمام فتيات أخريات بالقرية. كانت حياتها التعليمية، سواء الثانوية أو الجامعية، مثيرة وحافلة بالنشاط السياسي والثقافي.
أما عن: *النشأة:تأتي في المرتبة الثانية من الترتيب العائلي في أسرة متكوّنة من خمسة أولاد وبنتان. تخرّج والدها أحمد من مدرسة سيدي عبد الرحمن بالجزائر، بعد ما أدّى المرحلة الأولى من التعليم بسرسو، ثم المرحلة الثانية في زاوية سيدي بومدين في تلمسان. كما زاول بالموازاة تعليماً أكاديمياً بكلية الآداب بالجزائر العاصمة. وتخرج بإجازة في القانون الإسلامي، سمح له هذا التكوين بممارسة مهنة القاضي.في ولاية تيارت، ووالدتها سعدية، ابنة الحاج جلول تزوّجت من والد زهرة ظريف في سن مبكرة عام 1930م. بعد ست سنوات من زواجهما، انتقل والدي زهرة بعيداً عن أسرتيهما إلى مدينة تسمسيلت. وكان في قرار استقلال والدي زهرة ظريف بحياتهما عن الأسرة الممتدة ثورة ضد النظام الإجتماعي السائد في ذلك الوقت. عزّز انتمائها إلى أسرة غنية ونبيلة حصولها على التعليم وفي الوضعية التي وصلت إليها فيما بعد. وكانت صديقة للمجاهدة الكبيرة جميلة بوحيرد. يعود نسب عائلتها إلى السادة الأدارسة، الذين حكموا المغرب الأقصى طوال قرون، جدها كان إماماً لزاوية سيدي عباس بن عمار.
من العوامل الكثيرة التى ساهمت في بلورة الشخصية الوطنية لزهرة ظريف، فالمكانة الاجتماعية التي تتمتع بها عائلتها، أب متعلّم لقّنها في سن مبكرة تاريخ بلدها الحقيقي، وأم غرست فيها أنّها ليست فرنسية ولن تكون فرنسية وإن كانت قد درست الثقافة الفرنسية، وشقيقها عبد القادر الذي كان يزوّدها بالأخبار الدولية والمحلية بفضل انخراطه في الكشافة الإسلامية.
كان للأجواء التي تربت فيها المناضلة الأثر الكبير في تشكيل روحها الوطنية والتي دفعتها فيما بعد للالتحاق بالجناح العسكري لجيش التحرير الوطني كفدائية، فلوالدها الفضل الكبير في تنمية وعيها كونه رجلاً مثقفاً كرس حياته ليعلم أبناءه أن الجزائر وطن للجزائريين، وأن الفرنسيين مستعمرون يجب عليهم أن يرحلو يوماً.
كان رأي عائلتها تجاه المنحى الذي اتخذته في حياتها مختلفاً، أمها كانت معارضة للموضوع خوفا على سلامتها، حيث كان حصولها على الموافقة من والدتها أمراً شبه مستحيل على الرغم من إيمانها الشديد بالقضية، وبالنضال من أجل الاستقلال، حيث أخبرتها في عديد من المناسبات أنها كانت تفضل أن تعيش ابنتها حياة عادية ومستقرة ولا تتحمل أعباء العمليات المسلحة التي كانت ترى أنها من مهام الرجال، حتى أنها حاولت في كثير من الأحيان منعها من الخروج غير أن مساندة الوالد ووقوفه إلى جانبها جعلها تنفذ ما آمنت به.
*الشعور بواجب الثورة فى سن مبكرة:
تقول المناضلة الجزائرية زهرة ظريف: إن الفرنسيين الذين بلغ عددهم في منتصف خمسينيات القرن الماضي 2.5 مليون، كانوا يعيشون في أحياء راقية ومناطق آمنة، في الوقت الذي كان فيه الجزائريون يعانون من “وحشية الاستعمار الفرنسي في الأرياف والقرى” .
تضيف زهرة: أن الأوضاع المزرية التي كان يعيشها الجزائريون والأساليب الوحشية التي كان يستخدمها الفرنسيون ضد الجزائريين “جعلتنا نشعر بواجب الثورة في داخلنا في سن مبكرة”.
*مشوارها وقصة نضالها:
عند اندلاع الثورة الجزائرية، التحقت زهرة ظريف بالثورة سنة 1954م، بعد مغادرتها لمقاعد الجامعة نتيجة لتعرفها على خلية الطلبة المنضمين لصفوف جبهة التحرير الوطني، وعاشت الثورة، كانت في قسم المظاهرات الجزائرية ومن بين النساء اللاتي شاركن في رسم الخطط وتنفيذها، وكانت قائدة جمعية النساء الجزائريات حتى الاستقلال.
نظراً لحماسها الشديد للعمل ورفضها لمهام أخرى لا تتضمن حمل السلاح، انضمت مع مجموعة ياسف سعدي والعربي بن مهدي، وشاركت في عمليات نفذت في العاصمة.
بعد حريق القصبة، 14 جويلية 1956م والهجوم على شارع تيبس، ضاعفت جبهة التحرير الوطني عملها المسلح ونقلت الحرب إلى الأحياء الفرنسية، حيث وضعت زهرة ظريف وصديقتها سامية لخضري قنبلة “الميلك بار” و”الكافتيريا” نهاية سبتمبر 1956م، وكانت هذه أولى أعمالهما المسلحة.
كانت زهرة من أوائل النساء المكلفات لوضع القنابل فى طريق الاستعمار الفرنسى بالجزائر العاصمة برفقة جميلة بوحيرد وجميلة بو عزة وحسيبة بن بوعلي، وغيرهم
*القبض عليها وسجنها:
تم القبض علي زهرة ظريف في حي القصبة العتيق بعد أن نسف المستعمر الفرنسي المنزل الذي كانت تختبئ فيه مع مجموعة من المجاهدين وهم علي لابوانت وعمر الصغير وحسيبة بن بوعلي وقبض عليها رفقة المجاهد ياسف سعدي، أعلن الجيش الفرنسي سجنها مدى الحياة وذلك في سبتمبر عام 1957م. كان طريقها صعباً ومحفوفاً بالمخاطر مليئاً بالأحداث المؤلمة التي عاشتها رفقة زملاء الكفاح خصوصاً أيام السجن والتعذيب، وفقدان رفاق السلاح الذين مات معظمهم على يد المستعمر الفرنسي. أطلقت حرة يوم 5 جويلية 1962م.عند استقلال الجزائر .
تكريمها:
كرمت في مصر هي وجميلة بوحيرد
كتابة مذكراتها باللغة الفرنسية:
لها كتاب “مذكرات امرأة مناضلة” عن حرب التحرير الجزائرية باللغة الفرنسية وتُرجم إلى العربية، استعادت فيه ذكريات مرت عليها في أكثر من 60 سنة، ، تضمن كتابها أهم المراحل التي عاشتها المناضلة منذ طفولتها إلى المشاركة الفعلية في حرب التحرير الجزائرية، والنضال السياسي والعسكري ضد الاستعمار الفرنسي .
ترجمت كتابها للغة الإنجليزية إيماناً منها بأنها الوسيلة الإنجح كي يتعرف العالم على الثورة الجزائرية، قام بالترجمة الأمريكي أندرو فاروند، تضمن كتابها أهم المراحل التي عاشتها المناضلة منذ طفولتها إلى المشاركة الفعلية في حرب التحرير الجزائرية.
هذا الكتاب يتمتّع بقيمة وثائقية، اجتماعية وتاريخية كبيرة ؛كما يتمتّع أيضا بقيمة أدبية كبيرة للأسلوب الرّوائي الذي اعتمدته زهرة ظريف ،لكن بشخصيّات حقيقيّة
الهدف من إصدار الكتاب:
تقول زهرة عن الهدف من إصدارها كتابها:”كتابي عبارة عن تسجيل ما تحمله ذاكرتي عن تلك الحقبة قبل الإستقلال، نحن نكتب للذين ولدوا بعد الاستقلال، ليتعرفوا على الصفحة النضالية التي صنعتها الأجيال التي سبقتهم، وليفخروا بهم لأنهم بنضالهم وضعوا أسس بناء دولتهم”، ولإيمانها أن كل دولة كي تسير بالطريق الصحيح يجب أن ترتكز على تاريخها.
رسالة من خلال المذكرات لوالديها ووالدى صديقتها ولأستاذها:
من خلال كتابة هذه المذكرات تقدّم زهرة ظريف اعترافاً لوالديها، ولوالدي سامية لخضري (واسمها الثوري نبيلة)، ولأستاذها في مادة الفلسفة، Czarnecky، الذين كان لهم دوراً كبيراً في تنمية وعيها والإلتزام بالقضية الوطنية، كما يأتي الكتاب تخليداً لذكرى سامية لخضَري التي رحلت في صمت في أول جويلية 2012م . فالكاتبة، ومن خلال هذا العمل الذي يندرج في السياق الإجتماعي التاريخي للجزائر المستعمرة، تريد السمو بألم فراق رفيقة النضال سامية لخضري، المجاهدة الأسطورة التي يظل نضالها مجهولاً. فالكتاب هو أيضاً تذكير بوقائع وظروف وأجواء وأشخاص مثل العربي بن مهيدي، ياسف سعدي، علي لبوانت، جميلة بوحيرد وغيرهم.
الكتاب تكريم لمن ضحوا بحياتهم من أجل الجزائر:
إن كتاب المجاهدة زهرة ظريف – كما تقول – ليس عمل مؤرّخ ، ولا سيرة ذاتية، ولكن تكريماً لأولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل الجزائر. فباستدعاء الذاكرة، نعطي الكلمة للتاريخ الشخصي، ولتاريخ الأسرة، تاريخ كما عشته وأحسّته، في الألم وفي الأمل . فإنه إعادة بناء أحداث ووقائع حرب التحرير كما عايشناها، وذلك بإعطائها معنى وتناسقاً. فالكتاب في الوقت نفسه استحضار لمسار حياة ولحظة انعكاسية تأملية لهذا المسار . إنّه وصف للظروف الرهيبة بالتفصيل ومناخ الخوف والمطاردة والاضطهاد الذي عانى منه الشعب الجزائري .
الإشادة بدور النساء الجزائريات
بهذا الصدد، تصبو زهرة ظريف مؤلّفة الكتاب إلى الإشادة بدور النساء الجزائريات اللواتي لعبن دوراً كبيرًا في ثورة التحرير الوطنية . وهو مهدى أيضا إلى بوعلام أوصديق، علي الهادي، مصطفى فتال وعبد القادر كشدة الذين يعود لهم الفضل في التحاقها بجبهة التحرير الوطنية ورفيقاتها في انضمامهن إلى فوج “زرع القنابل”، الذي لعب دوراً أساسياً في معركة الجزائر العاصمة، بين فدائيي جبهة التحرير وجنود الجنرال ماسو .
هكذا كانت مسيرة نضال المجاهدة زهرة ظريف بيطاط، في “جبهة التحرير” التي فجرت الحرب ضد الاستعمار الفرنسي في “الأول” من تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1954 لإنهاء 132 سنة من الاحتلال، وبعد أكثر من ستين سنة مازالت تتذكر هذا اليوم، يوم الثورة الذي تصاعدت جذوته حتى تحقق النصر
جميلة الثورة الجزائرية .. جميلة بو عزة.
جميلة بو عزة مجاهدة جزائرية من أهم عناصر الثورة الجزائرية، أشعلت نار الحرب مع رفقة من زهرة ظريف بيطاط وجميلة بوحيرد وحسيبة بن بوعلي، وجميلة بوباشا، ومليكة قايد وغيرهن، وتعد إحدى رموز الثورة الجزائرية ورمزاً من رموز معركة شهيرة عرفت باسم معركة “معركة مدينة الجزائر” بين كل من جبهة التحرير والمستعمر الفرنسي.
الاسم: جميلة بو عزة، والجنسية: جزائرية، وتاريخ الميلاد: 1938م، ومسقط الرأس: ولاية البليدة، أما التعليم: كانت تدرس بالجزائر العاصمة قبل إندلاع الثورة الجزائرية، كانت تحب دراستها وشاركت في مسابقات عديدة كانت تنظمها الجمعية الفرنسية، وعن الهوايات: تعلمت العزف وأخدت دروساً في الغناء، أما الحالة الاجتماعية: تزوجت من بوصوف عبود
قصة نضالها:
أثناء اندلاع الثورة الجزائرية انضمت إلى صفوف جبهة التحرير الوطنية في قسم المظاهرات واشتهرت في عدة مظاهرات وشاركت في جمعية النساء حتى الاستقلال لبعض الوقت، وكانت محاربة في الميدان انخرطت فى فريق يضم ياسف سعدي و العربي بن مهيدي والتي نفذت عمليات مسلحة ضد الجنود والمستوطنين الفرنسيين في الجزائر، وكانت مهمتها رسم الخطط وتنفيذها برفقة زهرة ظريف بيطاط وجميلة بوحيرد وحسيبة بن بوعلي ومليكة قايد وغيرهن فى الخلية، وكانت بارعة في زرع القنابل فى طريق الاستعمار الفرنسى وهي منفذة انفجار مقهي كوك هاردي فى أحد أحياء الجزائر العاصمة – الذي نظمه ياسف سعدي – حيث مات كل من كانوا أمام مقهي كوك هردي، ونتيجة لبطولتها أصبحت المطاردة الثانية.
القبض عليها والسجن:
تم القبض عليها من الجيش الفرنسي و هي آخر مناظلة قبض عليها، ولدى اعتقالها على يد سلطات الاحتلال، تعرضت بو عزة لتعذيب شديد عانت بسببه من أزمة نفسية وأصيبت بوعزة بالجنون و اضطراب نفسي حاد فنقلوها إلي سجن آخر بدون اي محاولة إستنطاق، إلا أن سلطات الاستعمار الفرنسي اضطرت للإفراج عنها مع بقية زميلاتها في عام 1962م، وهو نفس العام الذي نالت فيه الجزائر استقلالها.
ظهور شخصية بوعزة فى السينما:
ظهرت شخصية بو عزة في عدة أعمال فنية تناولت الثورة الجزائرية مثل فيلم “معركة الجزائر” عام 1966 وفيلم “جميلة بو حريد” للمخرج المصري يوسف شاهين وجسدت دورها الممثلة المصرية زهرة العلا.
وفاتها:
توفت بالعاصمة الجزائرية صباح الجمعة الموافق 12 جوان 2015م، في إحدى العيادات عن عمر ناهز 78 عاماً بعد صراع مع المرض، آثار نبأ وفاة المناضلة الجزائرية جميلة بوعزة مشاعر حزن عميقة في الشارع الجزائري.
المجاهدة الشاعرة أني ستينر الفرنسية التى عشقت عدالة ثورة التحرير .. الملقبة بصانعة القنابل
الاسم: آني فيرجين بلانش فيوريو ستينر
الاسم المستعار:
كان لديها اسم مستعار، هو ‘مارسيل’، على اسم والدها الذي مات”.
تاريخ الميلاد: ولدت يوم 7 فيفري 1928م، هي على القيد الحياة إلى اليوم
مسقط الرأس:
ولدت في مارينغو المعروفة اليوم بحجوط في تيبازة، من أصول فرنسية، أسلمت
الجنسية: فرنسية، اختارت الجنسية الجزائرية
الهواية: شاعرة
التعليم: تتقن العربية الفصحى منذ طفولتها، حيث تعرفت على أسرار البلاغة، وحفظت أشعار الجاهلية واطلعت على الأدب العربي الحديث، وذلك عندما اختارت أن تكون اللغة العربية هي لغتها الثانية في المدرسة، حتى حصولها على الباكالوريا، وهو أمر لم يكن معروفاً بين الأوروبيين القاطنين بالجزائر إلا نادراً.
قال لها معلمها يوماًً ما:
آنسة فيوريو، عليك أن تكوني معلمة لغة عربية.. كانت تتصيد يومياً الأخطاء النحوية التي تقال في التلفزيون
            “اجتازت امتحان الباكالوريا الكتابي باللغة العربية الفصحى”..
النشأة:
لقد كان والدها يترك لها حرية التصرف، ويشاركها خيالاتها، كان صديقاً لها، عندما توفي كانت في الـ 13 من العمر. أمها، التي تنحدر من بيئة فرنسية كاثوليكية جداً، لم تتزوج أبداً بعده.
وحيدة أهلها، لم ينقصها شيء، ولم تعرف، إذن، البؤس ولا المتاعب المادية التي ضربت آنذاك الأغلبية من الجزائريين .. كانت ستتمتع بطفولة مدللة، غير أن والديها، الذين كانا يعملان في مجالين مهمين – الصحة والتعليم – قررا أن يمنحاها تربية صارمة، وأن يعلماها قيماً معينة
الحالة الإجتماعية:
“تزوجتْ يوم 20 ديسمبر 1951م من السويسري “رودولف ستينر” وأنجبت منه بنتين: إديث عام 1953م وإيدا عام 1955م بالجزائر”
مجئ أني ستينر، إلى الجزائر العاصمة:
جاءت أني ستينر، إلى العاصمة في سن المراهقة (17 سنة)،
عندما قررت الفتاة الشابة الفرنسية أني ستينر الالتحاق بصفوف الثورة والانخراط في أصعب الفرق، لتكلَّف بنقل الرسائل ووضع القنابل. قضيتها في ذلك كانت العدالة والحرية للشعب الجزائري؛ الأمر الذي حرمها من عائلتها وأولادها بأحكام قضائية جائرة، لم ترحم الأم فيها كما لم يرحمها المجتمع الفرنسي، الذي نعتها “الخائنة”.. فكان مصيرها السجن والتعذيب، لكنها في النهاية فازت بوطن لم تبخله بعطائها حتى بعد الاستقلال.
اندلاع الثورة:
عندما اندلعت الثورة لم تكن أني تعرف أحداً من القادة، وبادرت بالاتصال بالثورة في ديسمبر 1954م، واستغرق الرد عليها سنة كاملة.
تعددت الأسماء وتنوعت الوظائف التي شغلنها قبل الالتحاق بالثورة؛ فمنهن الطبيبة والمحامية والمهندسة والمعلمة، إلا أن قاسمهن المشترك كان دعم الشعب الجزائري ومشاركته همومه وآلامه، بل وحتى التضحية من أجله
الالتحاق بصفوف جيش التحرير:
التحقت بصفوف جيش التحرير الوطني .. عملت المجاهدة في مخبر بئر خادم لصناعة المتفجرات لصالح الثورة مع الإخوة تمسي، وهم ثلاثة أطباء.. واستمرت أني في صناعة القنابل إلى أن أُلقي عليها.
هي من أعطت إشارة وتوقيت خروج شاحنات عسكرية معبئة بالمواد المتفجرة والذخيرة من مخبر بئر خادم، آنذاك للمجاهدين في جبهة التحرير الوطني، في حقبة الثورة التحريرية، فباغتهم المجاهدون في كمين، واستولوا على الشاحنات العسكرية التابعة للقوات الفرنسية عن آخر.
القبض عليها:
ألقى القبض عليها يوم 15 أكتوبر من عام 1956م؛ حيث اقتيدت إلى سجن بربروس، وتمت محاكمتها في نهاية ماي 1957م. كما أُدينت بخمس سنوات سجناً؛ لأنها تحدّت رئيس المحكمة العسكرية وأدلت بتصريحات سياسية من سجن بربروس والحراش. وفي سنة 1957م، تم تحويلها إلى سجن البليدة لدواع متعلقة بالسلوك، وهناك وُضعت في زنزانة منفردة بدون أي شيء لمدة 3 أشهر، حيث دخلت في إضراب عن الطعام، لتوجَّه إلى العمل في صناعة الحلفاء، على عكس الفرنسيات، اللواتي يوجَّهن للعمل في ورشات الخياطة.. ومن البليدة نُقلت أني مرة أخرى إلى سجن الحراش قبل أن تحوَّل إلى فرنسا؛ حيث تنقلت بين عدة سجون، وتعرفت على عدة مجاهدات أخريات أمثال جاكلين قروج، جميلة بوحيرد، الجوهر أقرور وغيرهن…
إهداء الشاعر الفرنسى جون سيناكك:
عندما أصدر الشاعر الفرنسي جون سيناك مجموعته “الشمس تحت الأسلحة”، كتب لها إهداء خاصاً عام 1957م، بعد أن اعتقلت وحكم عليها بالسجن:
“إلى آني فيوريو، إذ يشهد الوجود أن الشمس لن تبقى تحت السلاح، ولكن في قلوب شعبنا”..
إطلاق سراحها:
أطلق سراحها في 1961م، بعد الإستقلال
“أني ستينر”، التي لم تكف عن وصف عدالة الثورة وبطولات مجاهديها وشهدائها وعن صداقاتها مع الأخوات المجاهدات، اللواتي غمرنها وغيرها من المناضلات من غير الجزائريات، بالعطف والعناية في أصعب المواقف .. مشيرة إلى أنهن جميعا كن جزائريات حتى النخاع وإن اختلفت أصولهن بين من وُلدت في الجزائر ومن قدِمت إليها من الخارج، ليجمعهن حب الحرية والعدل والمساواة ومواجهة غطرسة المستعمر.
ضحت بالوطن الأم وبالعائلة وبشبابها من أجل قضية عادلة، فكانت بحق الوجه الآخر لأوروبا الاستعمارية والمستبِدة، واستحقت أن تقلَّد أسمى المراتب والألقاب رغم رفضها لها ولمنحة المجاهد؛ كونها على قناعة بأن الثورة صنعها الشعب، وأنها لم تق
لم يقدم مناضلين ومناضلات الجزائر، أرواحهم فقط، بل قدموا دروساً في مقاومة شعب أعزل ضد أعتى قوة استعمارية في القرن العشرين، ولم يقتصر نضال وثورة الجزائريين على رجالهم فقط، بل كانت النساء في الصفوف الأمامية التي أرهبت الاستعمار الفرنسي، من بينهم أيقونة النضال جميلة بوحيرد، والمناضلة لالَّة فاطمة نسومر والشهيدات: حسيبة بن بوعلي، مريم بوعتورة، مليكة بلقايد، وغيرهن.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى