الحوار الوطنى بقلم: د .أمانى محمود كبير مذيعين بالتليفزيون

الحوار الوطنى..
حوار مع الاجيال الجديدة حول المستقبل
بقلم :د.امانى محمود كبير مذيعين بالتليفزيون
أعلن الرئيس السيسى – خلال إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان- عن تكليف إدارة المؤتمر الوطنى للشباب بإدارة حوار سياسي مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز، ورفع مخرجات هذا الحوار لرئيس الجمهورية شخصيًا
وهناك أدلة كثيرة تشير إلى أن الحوار الوطني الذي دعا إليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي سيكون أهم حدث خلال العام 2022 حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى ، أن الهدف من الحوار الوطني الذي دعا إليه مؤخرًا: “إننا نسمع بعض، لصالح الوطن”.جاء ذلك في تصريحاته لعدد من رؤساء تحرير الصحف المصرية والإعلاميين، خلال جولته بمشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي، وقد اعتدنا من -الرئيس- النجاح فى غالبية الملفات التى تطرق إليها، وبالطبع فإن أهم خطوة فى هذه الدعوة للحوار أنها فتحت المجال للكثير من المناقشات والآراء، والتى تناقش قضايا مهمة، لكن تظل النقطة الأهم هى بناء الثقة بين أطراف الحوار، لأن بناء جسور الثقة بين الدولة والتيارات السياسية والأهلية هو السبيل لنجاح هذا الحوار خاصه وان الدعوة للحوار جاءت في وقت مهم يتطلب التكاتف المجتمعي مع الدولة في ظل ما نشهده من عمليات إرهابية وتحديات كبرى.
والحوار الوطنى دليل على أهتمام الدولة فهو حوار مع الاجيال الجديدة حول المستقبل ويشمل كل الأطراف السياسية التي تمثل القوي السياسية الوطنية في مصر،كما انه فرصة لأن تجدد مصر حيويتها ودمائها بأفكار جديدة نابعة من كل أرجاء المحروسة، وسط تحديات دولية وأقليمية وداخلية كما يفتح مسارات للتفاعل المجتمعى حول كافة الملفات والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحة وسبل مواجهتها.. وهو الأمر الذي يضمن نجاح الحوار الوطني من خلال ارتفاع رغبة المواطن المصري بمختلف انتمائاته السياسية والاجتماعية في المشاركة فيه وإبداء الرأي وهو الأمر الذي يعد أحد أهم عوامل نجاحه فنتائجه ستمثل رغبات الشارع المصري السياسية.
وقد رأينا أحزاباً ونقابات ومنظمات أهلية وجامعات وقد شكلت لجاناً للإعداد للحوار، وعقدت لقاءات ومؤتمرات مشتركة لمناقشة موضوعات محددة ينوون طرحها للحوار الرسمى، وواكب الإعلام الرسمى -وغير الرسمى- تلك الحالة باستضافة رموز كل الأطياف السياسية المؤيدة والمعارضة وأنه يوجد مشاركة واسعة من كل التيارات السياسية المختلفة مع الفعاليات النقابية والشخصيات العامة حتى يعكس كل الأفكار الموجودة فى المجتمع.و لذا يجب على القوى السياسية أن تضع فى اعتبارها وضع معايير تتماشي مع المواثيق والأعراف الدولية والتي تحكم مثل هذه النوعية من الحوارات السياسية وعلى رأسها العهد الدولي الصادر عن الأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 والذي يحمي الحقوق السياسية والمدنية وفي تفاصيله يشير إلي الضوابط الحاكمة لمباشرة حوار وطني، ووضع قياس سياسي واضح من خلال بعض الأدوات السياسية تستطيع أن نقيس ونحدد من خلالها مدي نجاح مشروع الحوار والوطني في كل مرحلة من مراحل تنفيذه. وذلك بتقديم رؤيته و مقترحاته لمحاور الحوار ومحدداته وآليات عمله وأجندته، وتؤكد توافر الإرادة السياسية الداعمة للحوار.، مع العلم إن العقد الماضى قد أنتج تيارات وتجمعات شبابية أو مهنية أصبحت تطرح نفسها فى المجال العام وتعبر عن نفسها، ولديها آراء، وهذه التجمعات تختلف عن الأحزاب التقليدية، وتسعى لاحتلال مكانها، ومنهم أفراد لا ينتمون إلى تيارات سياسية، وأيضا بعض من شاركوا فى ائتلافات أو حركات بعد 25 يناير من دون أن يمارسوا العمل خارج منصات التواصل فالسياسة لم تعد تدار فقط فى مقرات الأحزاب، لكنها تؤثر وتتأثر بما يدور فى الإعلام ومواقع التواصل، حيث مجال للكثير من الكلام والقليل من النقاش، وسط زحام البث والنشر، من الصعب التمييز بين الحقيقى والافتراضى، بل إن عددا من السياسيين أو النشطاء وقعوا ضحايا المعلومات المغلوطة والشائعات أو يشعرون بالاستبعاد فيشتبكون بآراء جاهزة بحثا عن مؤيدين أو تابعين.
أما الحكومة و بناء على قرار الرئيس فقد عقدت مؤتمر شرحت فيه بشفافية أبعاد الأزمة الاقتصادية العالمية وإجراءات مواجهتها، وأعلنت عن خطوات لتوسيع دور القطاع الخاص، والاستثمارات، مع استمرار الاتجاه لتشجيع الصناعة والزراعة والمشروعات الكبرى وعلى رأسها «حياة كريمة».
فالمشهد العام حتى الآن على قدر ما يدعو للتفاؤل، فهو يفرض مسئولية مضاعفة على كل الأطراف، ليس المدعوين للحوار، إنما الدولة أيضاً بكل مؤسساتها، الكل ملزم بالاستعداد الجاد، لا يكفى أن يطرح أحد عناوين -مجرد عناوين- أو تستميله شعارات لدغدغة مشاعر الرأى العام، أو يرى فى المناسبة فرصة لتوجيه رسائل لأطراف خارجية تترقب وربما تتمنى فشلنا. لا أحد يملك وصفة سحرية لنجاح الحوار الوطني، بل على جميع القوى السياسية الإجتهاد في محاولة للبحث عن سبل النجاح الحوار الوطنى، والتوصّل إلى توافق وطني واسع.
لذا نتمنى أن يرى الجميع الحوار الوطنى باعتباره فرصة لتبادل الأفكار وتقريب وجهات النظر، والخروج بأفكار جديدة، وتطوير السياسات الحالية أو حتى طرح سياسات بديلة تدعم التوجه العام لجمهورية 30 يونيو، وتدعم طموحاتنا أيضاً فى أن نرى مصر دولة (مدنية ديمقراطية حديثة) بكل ما تحتويه الكلمات الثلاث من معانٍ، وما تتضمنه من تفاصيل ومفردات.
فالحوار ليس مجرد «مكلمة» أو «فض مجالس»، لكنه فكرة تناولتها عدة علوم إنسانية مثل علم الاجتماع السياسى والفلسفة والمنطق وحتى علم الإدارة العامة، وكلها عبر صياغات مختلفة أجمعت على أن الحوار الصحيح الجيد هو فن مناقشة وتبادل الأفكار والآراء مع الآخر مباشرة، بعقلانية واحترام لتوضيح ما هو قائم أو لحل المشكلات بنجاح.. وكل هذا لا يتم طبعاً إلا باستخدام أسس وقواعد الإقناع المنطقى بهذه الأفكار والآراء.. موضحا أن العجلة لن تعود للوراء، وشعب مصر واعى وأنقذ بلاده من الدمار ، لافتاً إلى أن مصر كانت الناجية الوحيدة من الخراب والفوضى، وتستحق مستقبل أفضل لشعبها واستكمال رسالتها التاريخية فى البناء ومكافحة التطرف ونشر قيم السلام.
وأن يدور الحوار حول الأفكار والوقائع الملموسة وليس حول الأشخاص والهجوم عليهم، وانتقاد الفكرة -إذا لزم الأمر- دون المساس بشخص من طرحها.
أن الغاية من الحوار ليست أن يتغلب أحدهم على الآخرين، وأن يركز الجميع على الوصول للهدف. فالالتزام بموضوع الحوار، وعدم الانتقال من نقطة إلى أخرى إلا بعد الانتهاء من الأولى.وفي هذا الإطار أيضًا يجب استخلاص الدروس المستفادة عن سلبيات الحوارات الوطنية السابقة التى عقدت دون نتيجة لتفادي الأخطاء السابقة وعلاقتها بالواقع؟إن الشكلية والمظهرية أو التسرع وعدم الإتقان و عدم الإعداد الجيد للمؤتمر من أجل العمل على إنجاحه وهو ما نسعى جميعًا إليه يمكن ان يؤدي لنتائج عكسية تؤدي إلى عدم المصداقية وانعدام الثقة بين المتحاورين وهو ما لا نأمل أن يتم ونحن فى الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن ووسط متغيرات دولية وإقليمية ساخنة ومضطربة ولا مكان فيها لضياع الفرص أو مجال لعدم الاعتماد علي الذات أو مكان للضعفاء.ومن هنا نحن مع حوار وطني ديموقراطي يتسع للجميع ويجب ان تكون له آثار إيجابية واضحة وملموسة على أرض الواقع من أجل مستقبل أفضل لبلادنا ولمصرنا التى نريدها دولة مدنية ديمقراطية حديثة مستقرة وآمنة. مصر تتمنى حواراً وطنياً حقيقياً، تجرى أحداثه على أرض صلبة، مستمدة ذلك من كونها أقدم دولة بالمنطقة فى العصر الحديث، عرفت الحياة السياسية والنيابية ووضعت دساتير كانت محل فخر، أمام العالم.