العشر الأوائل من ذي الحجة.

شهر ذي الحِجَّة سُمّي بهذا الاسم لأنّ فيه فريضة الحج، اختصه الله بمكانة بين الأشهر لما فيه من أيام وليالي تتضاعف فيها الحسنات، ولكن كيف نستغل هذه الأيام جيدا لننال هذه الحسنات الكثيرة؟

مكانة الشهر

في شهر ذي الحجة جاء فرض الحج، لكن العلماء اختلفوا في العام الذي فيه مشروعية الحج فمنهم من قال في السنة السادسة للهجرة وقال آخرون في السنة التاسعة للهجرة لقول الله تعالى [ولله على الناس حج البيت… ] وهي في صدر سورة آل عمران وقد نزلت عام الوفود في السنة التاسعة.

وذو الحجة آخر الأشهر المعلومات التي ذُكرت بقوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ), حيث تبدأ الأشهر المعلومات المذكورة في الآية الكريمة ببداية أول يوم من شهر شوال، وتنتهي مع نهاية اليوم العاشر من شهر ذي الحِجَّة.

وفي اليوم التاسع من ذي الحجة وقفة عرفات أو ما يطلق عليه يوم الحج الأكبر وهو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار، واليوم العاشر منه أول أيام عيد الأضحى “يوم النحر” فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إنّ أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر، ثم يوم القَرِّ” رواه أبو داود.

وحين أقسم الله عز وجل في سورة الفجر: “وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ” فهذا دليل على الفضل العظيم لتلك الليالي حيث يتضاعف فيها ثواب أي طاعة, سواء كنا بين الحجاج ملبين, أوفي بلادنا نقضي هذه الليالي في ذكر الله والصلاة والدعاء وصيام نهارها.

اجتماع أمهات العبادة فيه

قال الحافظ ابن حجر في الفتح:”والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره”.

وهكذا ففي الأيام العشر من ذي الحجة تجتمع أمهات العبادات من صيام وصدقة وحج وصلاة، وهذا لا يكون في غيرها من أيام العام أبداً, فما أعظمها من أيام.

فضل العمل فيه

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) رواه البخاري.

وهذا دليل على أن كل عمل صالح في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله من نفسه في غيرها, فيستحب في هذه الأيام ذكر الله عزّ وجل بجميع أنواع الذكر سواء بقراءة القرآن، أو التكبير، أو التحميد، أو التهليل، أو الاستغفار، أو الدعاء, وكذلك الصيام خاصة صيام يوم عرفة.

برنامج إيماني للاستفادة من عشر ذي الحجة

الفرائض أولاً،  فعلينا أن نؤدي الفرائض، ونجتهد فيها، وأداؤها على أفضل وجه, ثم الحرص على السنن والنوافل.

وبما أن النهار في هذه الأيام أفضل من الليل, فمن الأفضل أن نجتهد في صيام ما نستطيعه منها، وكذلك نحرص على النوم مبكراً, ثم نقوم قبل الفجر لنقف بين يدي الله ونصلي في خشوع ثم نجلس نذكر الله ونستغفر ونسبح ونصلي على النبي.

ثم إذا أذن المؤذن لصلاة الفجر فمن الأفضل إن استطعنا أن نذهب للمسجد للصلاة في جماعة فننال أضعاف الثواب, وهناك نصلي السنة ثم نجلس ندعو الله بإلحاح قبل الإقامة.

وبعد صلاة الفجر نجلس حتى شروق الشمس نسبح ونقرأ ما تيسر لنا من القرآن الكريم  بتدبر وتفكر، وإن استطعنا أن نختم القرآن في هذه الأيام العشر كان خيرا لنا, ونقدم هنا اقتراحا يساعد على ختامه.

ختمة في العشر:

* عدد أجزاء القرآن الكريم ( 30 ) جزءًا بواقع ( 3 ) أجزاء يوميًّا.
*  تقرأ عقيب كل صلاة ( 12 ) صفحة يوميًّا.
*  وهكذا نكون قد أتممنا ختمة كاملة بإذن الله.

وخلال النهار فلنحرص على أن يكون في برنامجنا اليومي الدعاء فلا يمر يوم من أيام عشر ذي الحجة إلا ونلتزم فيه جميعًا بالدعاء بخيري الدنيا والآخرة فالدعاء مستجاب بإذن الله في هذه الأيام.

ولنحرص على ترديد التكبير في البيت في كل الأوقات ليقتدي بها الأبناء وجميع أعضاء الأسرة, ثم نحاول تخصيص وقت  لصلة الرحم هاتفيًّا أوبزيارة, وتفقد الجيران والأقارب  ولنحرص أيضا على الصدقات ومساعدة المحتاجين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى