الدكتورة ناهد الخراشي تكتب عن “توظيف نعمة الله في سبيل الله”

د. ناهد الخراشى
نائب عميد كلية التربية للشئون الأكاديمية
رئيس قسمي علم النفس والاجتماع
جامعة باشن العالمية
عضو اللجنة العليا للدراسات والبحث العلمي
اتحاد شباب العرب للابداع والابتكار-
جامعة الدول العربية
قال تعالي: ” وما بكم من نعمة فمن الله” (النحل: 53 )
والنعمة هى العطاء الإلهى والفضل الربانى والخير يمن به الله على عباده هبة من عنده سبحانه. إن الله جل جلاله هو وحده المعطى فى الحقيقة…يعطى الله تبارك وتعالى للعبد كل شىء.. ابتداء من نعمة الخلق من عدم ، وانتهاء بنعمة القبول والادخال فى الرحمة.
وللنعمة أنواع كثيرة منها نعمة الوجود، الهداية، المال، الصحة، العلم، والتوفيق وغيرها من النعم التى ينعم بها الانسان ويتمتع بها فى الحياة الدنيا.
وهو سبحانه مصدر النعم جميعا، ونعمه عز وجل اما أن تأتيك عن طريق:
– مباشر كنعمة السمع أو نعمة البصر
– غير مباشر عن طريق أحد من خلقه.
وهذا هو توحيد النعم، أو توحيد الله سبحانه وتعالى كمنعم فلا اله الا هو، ولا منعم على الحقيقة الا هو جل جلاله.
وهو سبحانه خلقنا من عدم، ولم يبخل علينا بل أمدنا بكل عطاء وقد شاء الله لنا أن نعرف أن لكل شىء صانعا، وهو صانع الانسان.. وصنعة الله تتجدد وتكبر وتتناسل وتتحرك ولا حدود لابداع الله فى حركة الانسان.
اننا نتعلم ان كل شىء مهما كان تافها فلا بد له من صانع يخلقه، وعلى قدر سمو الصنعة تكون مكانة الصانع.
تتجمد صناعة الانسان عند حدود وجودها.
وتتألق صناعة الله بلا حدود بأمره هو ” كن فيكون ” .
ولا أحد من البشر يملك تلك القدرة ” كن فيكون ”
ولا أحد من البشر يملك اطلاق الخلق.
ولا أحد من البشر يملك قدرة الخلق من عدم.
وقد جعل الله سبحانه وتعالى الحياة الطيبة لأهل معرفته ومحبته وعبادته فقال تعالى:
” من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون ” ( النحل: 97)
منح الله الانسان سيادة الكون، وفضله على كثير ممن خلقه ووهبه بالنعم ا لظاهرة والباطنة والتى لا تعد ولا تحصى، وبالرغم من ذلك هناك من تشغله النعمة وينشغل بمتاهات الحياة وزخرفها وينسى واهب النعمة وفضله ولأن الذكرى تنفع المؤمنين.. فلا بد أن تذكر وتتذكر دائما ان المتفضل هو الله، والمنعم هو الله، والله وحده هو الذى يمنن على العبد بكل الخير والاحسان حبا منه عز وجل وفضلا منه تعالى.
أليس الله أحق بأن نخشاه ونعترف بنعمته ونثنى على فضله ونسبح بحمده وخير سبيل الى ذلك أن نوظف ونوجه نعمته فى سبيله ولما يرضاه.
وتوجيه النعمة فى سبيل الله يبلور فضيلة الاحسان فهو من اكبر الفضائل وأجملها يتأكد به معنى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
ولا نقصد بتوجيه النعمة أو الاحسان المال فقط … فالاحسان نوعان ظاهرى ، وباطنى.
الظاهرى : هو أن تعطى ، أما الباطنى هو أن تعرف أن ما تعطيه من الله ولله فلا تشعر لنفسك فضلا وأنت تعطى وأن تؤمن بأن الله هو المعطى على الحقيقة الموكل لك فى العطاء سواء كان ما تجود به علما أو مالا أو برا فى ا لعقيدة أو العمل أو الخير وبهذا يكون الإحسان ايمانا يرفع النفس ا لانسانية درجات فى التكامل والسمو والرفعة.
والتحدث بنعمة الله شكر، وهو ثمرة من ثمرات التقوى والايمان، ومن أفضل أنواع الشكر توجيه وتوظيف نعمة الله فى سبيل الله.
فالعبادة، والعمل ، والمال، والصحة، والعلم، والمركز وكل ما تنعم به فى الحياة الدنيا من نعم لاتعد ولا تحصى هى عطاء الله لك ولابد من توجيهها فى سبيل الله حبا وشكرا له على نعمه فترتقى بايمانك الى درجة من درجات الاحسان فتفيد وتستفيد، ويعم الخير، وتشعر بآلام الآخرين ومتاعبهم وتشاركهم أحزانهم وأفراحهم فيرقى المجتمع ونسعد جميعا بتوجيه نعمة الله فى سبيله ولما يرضاه ويحبه ساعين الى العمل الصالح والأفضل دائما فى طريق الله.. طريق الخير والحق والعدل طامعين فى ثوابه وحبه ولمسات حنانه آملين فى الحياة الكريمة الآمنة المطمئنة.