انتصار السادس من أكتوبر 1973 علامة فارقة ونقطة مضيئة فى تاريخ مصر والوطن العربي

انتصار السادس من أكتوبر 1973 علامة فارقة ونقطة مضيئة فى تاريخ مصر والوطن العربي


بقلم :
الاعلامية د. أمانى محمود

استطاع الشعب المصري وقواته المسلحة تحقيق نصرا وإعجازا تاريخيا في أكتوبر 1973 ، ما زال يدرس فى جميع الكليات والأكاديميات العسكرية حول العالم، ومحل تقدير واحترام من الجميع.
ففى ذكرى هذا النصر العظيم، نتذكر التلاحم والتكاتف بين الشعب وقواته المسلحة، ونفخر بالمقاتل المصرى، الذي قهر المستحيل وتغلب على الصعاب وأستطاع عبور خط برليف أكبر مانع مائي في التاريخ. و خاضت القوات المسلحة الحرب بكل الأسلحة جواً وبحراً وبراً فكان انتصار الشرفاء المُخلصين بفضل الوحده والأخوة والترابط بين شعوب الأمة العربية.

أن من أهم الدروس الذى يجب أن نفتخر بها ونعلمها للأجيال، ونتذكرها دائما فى ذكرى ١٩٧٣، أنه لا مفر من الوحدة بين العرب والأمة، فقد أثبت نصر السادس من أكتوبر، أن العرب عندما يكونوا في خندق واحد وعلى قلب رجل واحد يتحقق لهم الريادة والقيادة، فمن منا ينسى دور سلاح البترول العربى والمواقف النبيلة للأشقاء فى هذا النصر العظيم.
كما كان للفن دور كبير فى تجسيد فرحة نصر أكتوبر وبث الحماس فى نفوس المواطنين ونقل تفاصيل أحداث العبور والانتصار وفرحة الجنود وتضحياتهم، وعبر الفنانون عن هذه المشاعر وعن فرحة الجيش والشعب وعن صبر السنوات حتى تحقق النصر من خلال الأغانى والأعمال الفنية والدرامية والسينمائية التى لولاها ما عرف الناس أحداثا وتفاصيل كثيرة عن أحد أهم الأحدث الفارقة فى تاريخ مصر والأمة العربية.

بل إن الكثيرين منهم لم يكتفوا بهذا القدر وتجاوز عطاؤهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل، فشاركوا بالروح والدم والجسد أو ضحوا بأعز الأحباب فداء لتراب الوطن وتحرير أراضيه. ومنهم على سبيل المثال

محمد حمام
«يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى أستشهد تحتك وتعيشى إنتى».. هذه الكلمات التى كتبها الشاعر عبدالرحمن الأبنودى و انطلقت من حنجرة الفنان محمد حمام، فكان لها تأثير الرصاص وقت المعركة، وألهبت المشاعر والحماس فرفعت الروح المعنوية للجنود والمدنيين بعد النكسة ولملمت الجراح، فاصطف الجميع يقاوم ويدافع عن الأرض حتى تحررت وعادت بيوت السويس.

كاريوكا المناضلة
كانت الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا معروفة بجرأتها ومواقفها الوطنية العديدة منذ بداياتها وكان لها دور بارز فى حرب أكتوبر، سواء فى جمع التبرعات أو مع الهلال الأحمر وفى مستشفى قصر العينى، حيث أقامت لشهور بعنبر 21 لخدمة الجرحى والمصابين.

نادية لطفى
نادية لطفى ليست مجرد فنانة ذات رصيد ضخم من الإبداع والوهج الفنى بل منحها تاريخها الوطنى ووقوفها إلى جوار الجنود على الجبهة فى حرب الاستنزاف وخلال حرب أكتوبر المزيد من القوة والقدرة على المقاومة والنظر إلى الفن على أنه نوع من الجهاد والكفاح فى مواجهة التردى والقبح.
فكانت ضمن فريق المتطوعات فى أعمال التمريض خلال حرب أكتوبر 73

كما جمعت شهادات الأبطال المصابين فى حرب أكتوبر خلال فيلم «جيوش الشمس» مع المخرج شادى عبدالسلام، وهو فيلم تسجيلى يحتوى على مشاهد حقيقية من أحداث حرب أكتوبر 1973،

وسجلت خلاله النجمة المناضلة شهادات الجنود المصابين والجرحى عن الحرب
ولخصت نادية لطفى نظرتها للسينما والفن، قائلة: «الفن لا يقل تأثيرا وفعالية عن الجيش، فكما يوجد قوات مسلحة حربية، يعتبر الفن قوات مسلحة إنسانية واجتماعية».

محمد عوض

وكان يأخذ أقفاص الخضراوات والفاكهة ومعها جراكن مياه وينقلها بالسيارة مسافة 20 كيلو لتوصيلها للجنود بالسويس ويعود بالعساكر الجرحى».

وأكد ابن محمد عوض أن والده ينقل الغذاء للجنود وينقل الجرحى للعلاج كما كان يذهب بفرقته على الجبهة ليقدم عروضًا للجنود، كما سافر ليعرض للجنود فى حرب اليمن، وتعرض للموت».

أحمد بدير
شارك الفنان أحمد بدير فى حرب أكتوبر وعاش لحظة العبور، وعن هذه الفترة المهمة فى حياته قال:«عايشت يوم السادس من أكتوبر من قلب المعركة التى كنت أنتظرها منذ سنوات كغيرى من المصريين، وكان هذا اليوم بالنسبة لى من أعظم وأطول الأيام فى التاريخ، كل لحظة فيه لا أستطيع نسيانها من ذاكرتى».

وتابع: كان العبور هو اللحظة الحاسمة لاسترجاع الأرض، وكان عبورا من اليأس والضعف إلى القوة والانتصار ومن الظلام إلى النور
وأشار بدير إلى أنه كان وقت الحرب يعمل مراسلا حربيا فى الشؤون المعنوية، وكان يشارك فى إعداد مواد إعلامية تهز كيان العدو الإسرائيلى وترفع معنويات الجنود المصريين، وكان أبرزها برنامج «صوت المعركة» الذى قدمه الإعلامى حمدى الكنيسى.

حمادة إمام
وفى حوار مع الدكتورة ماجى الحلوانى، أستاذ وعميد كلية الإعلام الأسبق، تحدثت عن الدور البطولى والنضالى لزوجها الراحل الكابتن حمادة إمام نجم الزمالك والمعلق الرياضى الشهير.

وقالت الحلوانى: تربى الكابتن حمادة إمام تربية عسكرية، والتحق بالكلية الحربية وشارك فى حرب أكتوبر، ووصل إلى رتبة عميد. «كرمه الرئيس عبدالناصر وأعطاه نوط الواجب، بعدما فازوا على فريق وست هام يونايتد الإنجليزى عام 1966، وأحرز فيها حمادة 3 أهداف من أصل 5،

كما كرمه الفريق فوزى وهو طالب فى الكلية الحربية، ومنحه رتبة أومباشى، وكان شبلًا صغيرًا لا يتجاوز عمره 19 عامًا، وتم تكريمه أمام الكلية الحربية كلها، وكرمه رئيس اليمن على عبدالله صالح أثناء زيارة لليمن وقابل معظم الرؤساء، عبدالناصر، السادات، مبارك».

تحكى عميدة كلية الإعلام عن مشاركة حمادة إمام فى حرب أكتوبر، قائلة:« كان حمادة فى المخابرات الحربية وقام باستجواب الأسرى الإسرائيليين»
ولم يقل دور الإعلام في حرب 73 فقد قرر الإعلام المصرى في حرب أكتوبر 73 ، اتباع عدم التصريح أو الإعلان عن أى معلومات يستفيد منها العدو فى الحرب،

البداية كانت مع الدكتور محمد عبدالقادر حاتم، وزير الإعلام الأسبق والذي قال “كانت أمامي فجوة عدم الثقة بين الشعب وأجهزة الإعلام منذ 1967″، فكنت بين ناري وضع خطة لمفاجأة العدو وفي نفس الوقت مصادقة الشعب المصري.

ولكن وسائل الإعلام نجحت في الشيئين على حد سواء ، فقد قال فيه الجنرال إيلي زعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عام 1973 في كتابه “حرب يوم الغفران”: وشهد العالم كله على قوة الإعلام المصري وتوجهه الذي خدع الإسرائيليين.

“حرب نفسية” دخل فيها الإعلام المصري، قبل دخول بلاده لحرب السلاح، وأصبح الهدف الذى يسعى له هو ” لا غموض في الرسالة الإعلامية”، ورفع الروح المعنوية لدى الشعب، وإذاعة الأغاني الوطنية.

ومع بداية حرب أكتوبر قام الإعلام المصرى بنقل صورة حقيقية لما يدور من أحداث على أرض المعركة، من خلال المراسلين الحربيين، واستمر فى الاستشهاد بأقوالهم وأقوال القادة الإسرائيليين.

وأما عن منشتات الصحف المصرية منذ اندلاع الشرارة الاولي للحرب فكانت تتبع المصداقية لتكملة خطة الدولة, فكانت مصداقية الإعلام المصرى عونًا فى كسب تعاطف المجتمعات الأخرى واحترامهم ، وقبل ذلك استعادة المصريين لثقتهم فى إعلامهم التى اهتزت بشدة عام 1967،

لذلك فإعلام الدولة استوعب دروس هزيمة مصر والعرب فى عام 1967 ومهد للحرب بتخطيط ودقة عالية وبخداع إستراتيجى بالتنسيق مع القيادة السياسية، وقاد المعركة بشفافية واقتدار وإيمان بالله، فحاز التحام الشعب ووحدة العرب واحترام العالم كله.
وأخيرا، نستطيع القول،

إن ذكرى السادس من أكتوبر ١٩٧٣ ، دائما ما تذكر الجميع، أن مصر العُظمى ستبقى دائماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأنها بلد الخير والبناء والإصلاح، بلد السلام والأمان، ودائما رايتها عاليةً خفاقة في عنان السماء والتاريخ خير شاهد منذ آلاف السنين.. فاللهم احفظ مصرنا الغالية..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى