في ذكرى استشهاده .. الشهيد أحمد حمدي “صاحب اليد النقية” التي صممت “كباري العبور” في حرب أكتوبر

عُرف في الأوساط العسكرية المصرية بـ”اليد النقية”؛ نظرا لتعامله مع آلاف العمليات لتفكيك الألغام دون أن يفشل في عملية واحدة، كما أنه مهندس العبور الذي أنشأ الكباري التي مر عليها الجيش المصري من غرب إلى الشرق القناة، وأحد أبطال سلاح المهندسين بالقوات المسلحة، وصاحب فكرة إقامة نقاط للمراقبة على أبراج حديدية على الشاطئ الغربي للقناة بين الأشجار لمراقبة تحركات العدو..إنه الشهيد البطل أحمد حمدي.
أطلق اسمه على أول دفعة تخرجت في الكلية الحربية بعد حرب أكتوبر في 2 يناير 1974م.
ولد أحمد حمدي عبد الحميد حمدي في 20 مايو عام 1929م بالمنصورة، تخرج في كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الميكانيكا عام 1951م، وفى العام نفسه التحق بالقوات الجوية، ونُقل لسلاح المهندسين عام 1954م، ثم تدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة “لواء”، وتولى عدة مناصب قيادية أهمها كبير معلمي مدرسة المهندسين، وقائد وحدات الكباري، ونائب سلاح المهندسين.
حصل على دبلوم الدراسات الميكانيكية من جامعة القاهرة عام 1957م، ثم على دورة القادة والأركان من أكاديمية ميخائيل فاسيليفتش فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتي بدرجة امتياز عام 1961م، وأيضًا دورة الأركان الكاملة بدرجة امتياز، والدورة الإستراتيجية التعبوية بأكاديمية ناصر العسكرية بدرجة امتياز.
شارك في عدة حروب، ومنها حرب العدوان الثلاثي عام 1956 م، وحرب الاستنزاف 1967م، وأكتوبر عام 1973م، وأسهم في التخطيط والتجهيز الهندسي لمنطقة سيناء، حيث كان وقتها نائبًا لرئيس الفرع الهندسي بالمنطقة الشرقية، وبعد صدور الأمر بالانسحاب في 6 يونيو 1967 قام بتكليف من الفريق “صلاح محسن” قائد الجيش الميداني بنسف المستودع الرئيسي للقوات المسلحة بسيناء الذي كان يضم كمية كبيرة من الذخيرة والوقود والأسلحة والمهمات والطعام، وأيضًا نسف خط أنابيب المياه الممتد من الإسماعيلية إلى عمق سيناء حتى لا يستفيد منها العدو، وتمكن من سحب بعض المهمات من أحد المستودعات بالشاطئ الشرقي للقناة ونقلها غرب القناة وأعاد تنظيم وتجهيز الدفاعات.
كُلِّف بتشكيل وإعداد لواء كباري جديد كامل، وهو الذي تم تخصيصه لتأمين عبور الجيش الثالث الميداني عام 1971م، وتحت إشرافه المباشر تم تصنيع وحدات لواء الكباري واستكمال معدات وبراطيم العبور، وكان له الدور الرئيسي في تطوير الكباري الروسية الصنع لتلائم ظروف قناة السويس.
شهد له جميع زملائه وقادته بنبوغه وعبقريته، وتميز بقدرته على تفكيك الألغام، حتى لقبه زملائه “باليد النقية”، وكان موسوعة علمية هندسية عسكرية في الميكانيكا والمعمار والتكتيك وكافة العلوم العسكرية ويتميز بعقلية صافية وذهن حاضر.
تولى قيادة سلاح المهندسين المخصص لتنفيذ الأعمال الهندسية بالجيش الثاني الميداني، والذي كان القاعدة الأساسية لحرب أكتوبر1973م.
وفى يوم 14 أكتوبر 1973 كان يشارك وسط جنوده في إعادة إنشاء كوبري لضرورة عبور قوات لها أهمية خاصة وضرورية، لتطوير وتدعيم المعركة، وأثناء ذلك ظهرت مجموعة من البراطيم متجهة بفعل تيار الماء إلى الجزء الذي تم إنشاؤه من الكوبري معرضة هذا الجزء إلى الخطر وبسرعة بديهة وفدائية قفز إلى ناقلة برمائية كانت تقف على الشاطئ قرب الكوبري وقادها بنفسه وسحب بها البراطيم بعيدًا عن منطقة العمل، ثم عاد إلى جنوده لتكملة العمل برغم القصف الجوي المستمر، وفجأة وقبل الانتهاء من إنشاء الكوبري أصيب بشظية متطايرة بين جنوده، وأشار لجنوده بعدم التقدم وآخر ما قاله (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ثم استشهد.
مُنحت سيرته العسكرية نجمة سيناء من الطبقة الأولى، وأهدى القائد الأعلى للقوات المسلحة سيف الشرف العسكري لأسرة الشهيد تقديرًا لبطولاته وعظمة تضحياته، واختير يوم استشهاده ليكون يوم المهندس، أطلق الرئيس محمد أنور السادات اسم الشهيد على النفق الذي يعبر تحت قناة السويس ويربط سيناء بباقي أرض مصر، وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي نفق الشهيد أحمد حمدي 2، وهدفه توزيع ضغط حركة السيارات، وأطلق اسمه على مدرسة في مسقط رأسه بالمنصورة، وعلى أحد شوارع العاشر من رمضان وأحد شوارع مدينة السويس الباسلة.
تزوج السيدة تفيدة الأيوبي وأنجب ثلاثة أبناء؛ أمنية، وعبد الحميد، ونجلاء، بلغ أكبرهم عند وفاته 12 عاماً وأصغرهم أربعة أعوام.