الرقائق الإلكترونية محور حرب طاحنة بين الصين وأمريكا.. هل نتجه إلى حرب تكنولوجية؟
الولايات المتحدة تشدد القيود على مبيعات الرقائق الإلكترونية إلى الصين ......
كان لقاء قمة العشرين في أوساكا في اليابان عام 2019 قد شهد إعلان كلٍّ من الصين والولايات المتحدة عن التوصل إلى انفراجه دولية في الحرب التجارية الدائرة بين الطرفين .
لكن وقف إطلاق النار المفترض مجرد وهم من بين الأوهام العديدة الأخرى التي عُرفت بها دبلوماسية الوصل والقطع بين بكين وواشنطن، فالحرب على أشدّها، والبنادق لا تتوقف عن إطلاق النار.
على مدى أكثر من قرن، أشعل التدافع على النفط حروبا وخلق تحالفات غير عادلة وأثار خلافات دبلوماسية.
لكن حالياً يتصارع أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم على مورد ثمين آخر هو أشباه الموصلات والرقائق الاكترونية التي تُشَغِل حياتنا اليومية حرفيا.
فما هي أهمية الرقائق الإلكترونية أو أشباه الموصّلات؟
هي شريحة رقيقة من مادة نصف موصلة مثل بلورة أحادية من السيليكون النقي تستعمل لتصنيع الدارات المتكاملة وأجهزة أخرى ميكروية وحيث توجد رقائق السيليكون في كل جهاز هذه الأيام وهذا يتضمن الهواتف والحواسيب والسيارات حتي أدوات المطبخ .
وتحتل تقنية الرقائق الإلكترونية موقع الصدارة في الكثير من الصناعات، وهي رقائق متناهية الصغر، لكن لا غنى عنها لتصبح مكون أساسي في جميع المنتجات الإلكترونية.
صناع الرقائق ما مدى صِغر تلك الشرائح؟
أصغر بكثير من خصلة شعر الإنسان والتي تتراوح ما بين 50 إلى 100 ألف نانومتر وتعتبر هذه الرقائق الأصغر حجما الأكثر قوة مما يعني أنها تدخل في أجهزة أكثر قيمة مثل أجهزة الكمبيوتر العملاقة والذكاء الاصطناعي إن تصنيع أشباه الموصلات معقد ومتخصصة ومتكاملة.
وتقع هذه الأجزاء الصغيرة من السيليكون في قلب صناعة تبلغ قيمتها 500 مليار دولار ومن المتوقع أن تتضاعف بحلول عام 2030.
فمثلا عندما يحتوي جهاز هاتف آي فون على شرائح تم تصميمها في الولايات المتحدة ويتم تصنيعها في تايوان أو اليابان أو كوريا الجنوبية ثم تم تجميعها في الصين او الهند اوفي دولة في شرق اسيا
حقا انها صناعة معقد ومتخصصه ومتكاملة تماما في ان…..
أهم الدول والشركات التي تصميم وتصنع الرقائق الإلكترونية أو أشباه الموصلات :
تم اختراع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، ولكن مع مرور الوقت ظهرت شرق آسيا كمركز تصنيع وتجميع اشباه الموصلات إلى حد كبير بسبب الحوافز الحكومية بما في ذلك الإعانات الخارجية
وتقود دول متقدمة محددة سلاسل التوريد العالمية لأشباه الموصلات وهي الولايات المتحدة الأمريكية وتايوان واليابان وهولندا وكوريا الجنوبية وهي الدول التي تقدم تصميمات ومعدات تصنيع أشباه الموصلات، ولديها حقوق ملكية فكرية لا يُسمح بالتعدي عليها .
وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية تصميم أشباه الموصلات عالميا بحصة سوقية 45% وتشكل مع اليابان حصة إجمالية 70% من سوق إنتاج معدات تصنيع أشباه الموصلات بينما تبلغ حصة تايوان 20% وكوريا الجنوبية 25%.
أما على مستوى تصنيع الرقاقات الإلكترونية وهي الشركات التي تعرف تقنيا بـ المسابك (Foundries) وتتخصص في تصنيع وإنتاج الرقاقات الإلكترونية دون أن تكون مالكة لحقوق تصميماتها أو المعدات عالية التقنية اللازمة لذلك وهي تعمل بمثابة مصادر خارجية لإنتاج الرقاقات، وتتركز في آسيا وتمثل تايوان والصين وكوريا الجنوبية ما يقرب من 87% من سوق ( المسابك ) العالمي لصنع الرقاقات الإلكترونية وتسيطر 10 شركات على هذه الصناعة .
شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم كما أنها سادس شركة في العالم من حيث قيمتها السوقية التي تزيد عن 600 مليار دولار وهي مورد الرقائق الإلكترونية لشركات أبل وإنتل وانفديا وكثير من الشركات الأخرى .
اين موقع الصين من هذه الصناعة ……
وفي المقابل تضغط الصين بشكل قوي للتفوق في هذا السباق على سبيل المثال في قطاع صناعة السيارات طورت الصين عدداً كبيراً من شركات تصميم الرقائق في السنوات الأخيرة لكنها ما زالت غير قادرة على صنع الرقائق المتقدمة
وقد أعلنت الصين عن مخططاتها لبناء مصنع بتكلفة 2.35 مليار دولار بتمويل من الحكومة في مدينة شنتشن الصينية وقد بدأت الإنتاج خلال العام الجاري
وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر الماضي سنركز على الاحتياجات الاستراتيجية الوطنية ونجمع القوة لإجراء البحوث العلمية والتكنولوجية المحلية والرائدة وسننتصر بحزم في معركة التقنيات الأساسية الرئيسية ولمواجهة القيود المفروضة عليها تجهز حزمة بقيمة 143 مليار دولار لدعم شركات الرقائق الإلكترونية خلال ال 4 سنوات القادمة
وحيث إن بكين تهدف من خلال حزمة الحوافز إلى تكثيف الدعم لشركات الرقائق الصينية، من أجل بناء أو توسعة أو تحديث المرافق المحلية للتصنيع والتجميع والتعبئة والبحث والتطوير.
كيف تعرقل الولايات المتحدة تقدم الصين؟
تحاول إدارة بايدن عرقلة وصول الصين إلى التكنولوجيا التي تصنع الشرائح.
في أكتوبر أعلنت واشنطن عن فرض قيود تصدير مشددة تجعل من المستحيل عمليا على الشركات بيع الشرائح ومعدات تصنيع الرقائق والبرامج التي تحتوي على التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين بغض النظر عن مكان وجودها في العالم فيما يعرف بقانون الرقائق.
كما وافق الرئيس الأميركي جو بايدن في أغسطس الماضي لشركات ومعامل أبحاث لتقديم منح بقيمة 52.7 مليار دولار لإنتاج وأبحاث أشباه الموصلات الأميركية .
وكما منعت المواطنين الأمريكيين والمقيمين الدائمين من دعم تطوير أو إنتاج الشرائح في مصانع معينة في الصين. وهذه ضربة قوية للصين لأنها تستورد الأجهزة والموصلات التي تغذي صناعة الشرائح الناشئة وتضغط ايضا الولايات المتحدة على اليابان وهولندا لتشديد قيود الصادرات إلى الصين من المعدات المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات .
وأعلنت شركة ميكرون، أكبر شركة مصنعة لرقائق الذاكرة وهي ضرورية لأجهزة الكمبيوتر العملاقة والأجهزة العسكرية وأي جهاز به معالج ومقرها الولايات المتحدة عن خطط لإنفاق ما يصل إلى 100 مليار دولار على مدار العشرين عاما القادمة في مصنع إنتاج شرائح الكمبيوتر في شمال نيويورك.
ويقول سانجاي ميهروترا، الرئيس التنفيذي لشركة ميكرون تكنولوجي قانون الرقائق قادر على سد فجوة تكلفة الإنتاج بين الولايات المتحدة وآسيا وستستمر شركة ميكرون في الاستثمار في مصانعها في آسيا المهم هو أنه سيكون هناك مجال متكافئ في جميع أنحاء العالم
القيود التي تفرضها الولايات المتحدة تؤلم الصين بشدة:
يقال إن شركة آبل ألغت صفقة لشراء شرائح ذاكرة من واحدة من أنجح شركات الرقائق في الصين وهي شركة يانغ تسي ميموري تكنولوجي (واي إم تي سي)، في أعقاب فرض القيود الأمريكية.
ووفقا لما قاله باوالرئيس الأمريكي في تصريح له إن تجربة هاواوي ستتكرر في الشركات الأخرى وأضاف قائلا إن عملاق الاتصالات الصيني هواوي انتقل من كونه ثاني أكبر صانع للهواتف الذكية في العالم بعد سامسونغ إلى مصنع هواتف خارج المنافسة
وهذا ما يوكد مدى قدرة واشنطن على خنق أي شركة تكنولوجيا صينية:
ولكن لا يزال هناك الكثير من التعاون بين الشركات الأمريكية والتايوانية والصينية والشركات من البلدان الأخرى، وسنرى في الفترة المقبلة جهودا مكثفة من قبل الولايات المتحدة لإبعاد الصين عن شبكات الابتكار، ونشهد جهودا صينية لبناء سلسلة توريد خاصة بها بدون الولايات المتحدة. وهذا له تداعيات هائلة على الاقتصاد العالمي حيث سيتم إجبار اللاعبين في هذا المجال على اختيار أحد الطرفين، وربما يتم منع الكثيرين منهم من الوصول إلى السوق الصينية.
شكرًا
رائع
مقال رائع جدا جدا
مرحبا يستر استاذ تامر