مصر تحتفل بـ«يوم الشهيد».. ذكرى البطولة الخالدة للفريق أول عبدالمنعم رياض في أرض المعركة

تحتفل مصر في التاسع من مارس من كل عام بـ”يوم الشهيد”، ذكرى استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض.
وقدم أروع مثال في التضحية والحفاظ على أرض مصر وكرامة الوطن، بعد تقدمه الصفوف الأمامية ـ كعادة رجال القوات المسلحة دائمًا ـ في ثاني أيام حرب الاستنزاف مع العدو الإسرائيلي.
مسيرة بطولية
ويعتبر الفريق عبدالمنعم رياض، واحدًا من أشهر العسكريين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين؛ حيث شارك في الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و1942، وشارك في حرب فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967 وحرب الاستنزاف.
وتولى البطل عبدالمنعم رياض، عملية الإشراف على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف الذي أقامه العدو الإسرائيلي، خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه، وتحدد يوم 8 مارس 1969 موعدا لبدء تنفيذ الخطة.
وفي التوقيت المحدد، انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة، وتدمير جزء من مواقع خط بارليف، وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.
يوم الاستشهاد
في صبيحة اليوم التالي، قرر رياض، أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن قرب نتائج المعركة، ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدما التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترًا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6، وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق.
ويشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها، ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض، متأثرًا بجراحه، بعد 32 سنة قضاها عاملا في الجيش.
نعي وترقية
ونعى الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، البطل الشهيد ومنحه رتبة “الفريق أول”، ونجمة الشرف العسكرية، التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر، كما خرجت جموع الشعب لتشييع جنازته.
وحمل اختيار 9 مارس من كل عام ليكون يوما تحتفل به مصر بذكرى شهدائها الأبطال، واتخذت من استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رمزا وتأكيدا أن نيل شرف الشهادة يتوق له جميع رجال القوات المسلحة.
أقوال مأثورة
وجاء استشهاد البطل عبدالمنعم رياض، متوافقًا مع أقواله التي عاش يطبقها في حياته العسكرية حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في ميدان المعركة.
ومن بين أقوال الشهيد البطل: “أنا لست أقل من أي جندي يدافع عن الجبهة ولابد أن أكون بينهم في كل لحظة من لحظات البطولة”، و”إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه”، و”لن نستطيع أن نحفظ شرف هذا البلد بغير معركة عندما أقول شرف البلد، فلا أعني التجريد وإنما أعني شرف كل فرد شرف كل رجل وكل امرأة”، و”كن دائما بين جنودك في السلم ومعهم في الصفوف الأمامية في الحرب”، و”كن قدوة صادقة لجنودك”، و”اهتم بشئون جنودك ومشاعرهم”.
ومن بينها أيضًا: “إذا حاربنا حرب القادة في المكاتب بالقاهرة فالهزيمة تصبح لنا محققة، إن مكان القادة الصحيح هو وسط جنودهم وفي مقدمة الصفوف الأمامية”، و”لا أصدق أن القادة يولدون إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة.. إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار”، و”لا تكن تقليديا أو نمطيا واسعى للإبداع والابتكار”.
من هو الشهيد عبدالمنعم رياض؟
الشهيد محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله (22 أكتوبر 1919- 9 مارس 1969) ولد في قرية سبرباي إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في 22 أكتوبر 1919، ونزحت أسرته من الفيوم، وكان جده عبد الله طه على الرزيقي من أعيان الفيوم، وكان والده القائم مقام (رتبة عقيد حاليًا) محمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية والتي تخرج على يديه كثيرون من قادة المؤسسة العسكرية.
ودرس عبد المنعم رياض في كُتاب القرية وتدرج في التعليم حتى حصوله على الثانوية العامة من مدرسة الخديوي إسماعيل، والتحق بكلية الطب بناءً على رغبة أسرته، ولكنه بعد عامين من الدراسة فضل الالتحاق بالكلية الحربية التي كان متعلقا بها، وانتهى من دراسته بالكلية الحربية عام 1938 برتبة ملازم ثان.
ونال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول، وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز في إنجلترا عامي 1945 و1946.
وأجاد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وانتسب أيضا لكلية العلوم لدراسة الرياضيات البحتة، وانتسب وهو برتبة فريق إلى كلية التجارة لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد، وأتم دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا عام 1966.
وفي عامي 1962 و1963 اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات حصل في نهايتها على تقدير الامتياز.
وشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، كما شغل من قبل منصب رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة المصرية، وعين عام 1964 رئيسًا لأركان القيادة العربية الموحدة، وفي حرب 1967 عين قائدًا عامًا للجبهة الأردنية.