يوم من عمري مع أبله فضيلة بقلم : الاعلامية د هاله فؤاد

عزيزي القارئ : تعودت في الفترة الأخيرة كتابة مقالات حول ماوراء الطبيعة
، ولكن في هذا المقال سأتكلم عن يوم من عمري مع أبله فضيلة ، وبعدها
سأستكمل معكم مقالات ما وراء الطبيعة ، إن شاء الله تعالى .
أبله فضيلة أو فضيلة توفيق عبدالعزيز مقدمة برامج الأطفال في الاذاعة
المصرية وخصوصا برنامج غنوة وحدوتة .
أجيال وأجيال تربت على صوت أبله فضيله المميز والحنون وشخصيتها الرائعة .
وهي تعتبر من أكثر وأهم الشخصيات التي أثرت على الفكر وعلى القيم الدينية
والثقافية والوطنية ، وذلك بتربية النشئ على مدى سنوات طويلة ، وأجيال
عديدة من الأطفال .
من منا لم ينتظر غنوة وحدوتة واستفاد من المعلومة من الحدوتة واستمتع
بالغنوة الجميلة .
كنا ننتظر بجانب الراديو البرنامج بلهفة وشوق وحب ، أثر فينا ولايمكن
ننساه طيلة العمر ، ولاننسى صاحبة الصوت الذي يدخل القلوب ويؤثر فيها .
أبله فضيله خريجة كلية الحقوق ، عملت في بداية حياتها في مكتب المحامي
ووزير النقل وقتها حامد باشا زكي ، وتتلمذت على يد المذيع الكبير محمد
محمود شعبان أو بابا شارو .
كانت أبله فضيلة في طفولتها تجمع جيرانها الأطفال وتقص عليهم القصص
والحكايات ، ثم أمتعت باقي الأطفال على مر الأجيال ، بالقصص والحكايات
الجميلة والمفيدة .
ولم يقتصر الأمر على ذلك ، بل كانت تستضيف شخصيات ذات ثقافة عاليه لكي
يستفيد الأطفال من فكرهم ومعلوماتهم ، ومنهم : نجيب محفوظ ، كامل الشناوي
، د /يحيى الرخاوي ، والفنان سيد مكاوي ، والموسيقار محمد عبدالوهاب ،
وغيرهم .
أما أنا فقد كنت من المستمعين الجيدين لبرنامج أبله فضيله غنوة وحدوتة،
لم تكن تفوتني حلقة أبدا ، وكم تخيلت شكل أبله فضيله وكم تمنيت أن أراها
وألتقي بها ، ولم أكن أعلم أنه بعد مرور سنوات طويله يتحقق لي هذا الأمل
وأراها وأتكلم معها وجها لوجه .
كم كنت سعيدة بهذا اللقاء الجميل والدافئ ، وليس أنا فقط بل إبني وإبنتي أيضا .
بدأ التخطيط للقاءعندما كان ابني في السنة النهائية لدراسته بالاعلام ،
وكان مطلوب منه مشروع للتخرج ،فكرت في جزء من المشروع عمل حوار مع أبله
فضيلة ، وحصلت على نمرة موبايلها وعرضت عليها الموضوع ، فرحبت بصوتها
الجميل الدافئ ، وحددت الميعاد .
وفي الميعاد اصطحبت ابني وابنتي وذهبنا الى أبله فضيله في شقتها في
المهندسين ، وأنا تسبقني الفرحه والشوق واللهفه للقائها .
واستقبلتنا بدفء وترحاب وابتسامه رائعة ، وأجلستنا وتبادلنا الحديث
والتعارف بحب وود .
وكأنها تعرفنا منذ زمن بعيد ، لم نشعر بالغربة ، جلسنا أكثر من ثلاث
ساعات لم نكن نريد أن نتركها ، وأبله فضيلة أيضا لم تكن تريد أن نتركها .
بعد تبادل الحديث الشيق الذي كلمتنا فيه عن طفولتها وشبابها وكيفية
التحاقها بالاذاعة وحديثها عن بابا شارو وأثره في حياتها .
كان في ذلك الوقت يتكرر إنقطاع الكهرباء ، فأخذتنا وأجلستنا في الشرفه
،لنكمل الحديث الشيق على ضوء القمر والجو الشاعري .
وعندما عاد التيار الكهربائي بدأ إبني في إدارة الحوار وكان حول كيفية
إلتحاق أبله فضيله بالاذاعة وخاصة برامج الأطفال .
وعن مدى الاتفاق والاختلاف بين طفل الماضي وطفل الحاضر ،وعن رأيها في
أولاد الشوارع وغيرها من الأسئلة .
وبعد الحوار الجميل والمثمر،سألناها عن الصور والجوائز الموجودة في
الصالون ، وأخذت تكلمنا عن كل صوره ، وعن كل جائزة وأنا وأولادي في
إنبهار ، ننظر إليها بحب ونستمع لحديثها الممتع والشيق .
لم نكن نريد أن نتركها وهي أيضا ، ولكن جاء وقت الرحيل ، والتقطنا بعض
الصور التذكارية مع أبله فضيلة، وطلبنا منها السماح لنا بزيارتها من وقت
لآخر ، فرحبت وسلمنا عليها ، وفي طريقنا إلى المنزل لم نسكت لحظة في
التعبير عن مدى فرحتنا بهذا اللقاء الجميل والحديث عن رقة ودفء الترحاب
،وعن جمال وحلو روح أبله فضيله وكأنها طفله بريئة بوجه مشرق بسام .
اللقاء نصيب ، حاولت مرارا وتكرارا الاتصال بأبله فضيلة بناء على رغبتي
ورغبة أولادي ، ولكن علمت أنها سافرت إلى كندا عند إبنتها .
ولكن بالرغم من ذاك كنت أعاود الاتصال من وقت لآخر ، حتى وقت قريب جدا ،
اتصلت بالموبايل رد شخص آخر ، اتصلت بالمنزل رن جرس التليفون دون رد .
ثم فوجئت بوفاة أبله فضيلة ، والتي وقعت على قلوبنا كالصاعقة ، فأنا
وأولادي المسألة بالنسبة لنا مختلفة لأننا قابلناها وأحببناها ، فهي
بالنسبة لنا ليست فقط أبله فضيلة مقدمة برنامج غنوة وحدوته ، لا أبله
فضيلة باللقاء الدافئ معنا أصبحت كأنها منا ، منذ ذلك اللقاء ونحن نذكرها
كثيرا ، والآن لن ننساها وسندعو لها بالرحمه طيلة عمرنا .
اللهم ارحم أبله فضيلة وأسكنها فسيح جناتك يالله ياكريم .