القرابين البشرية بين التقرب للآلهة والتقرب للجن

بقلم : الاعلامية / د هاله فؤاد
القربان هو شيء أو نبات أو حيوان وأحيانا إنسان يقدم عادة للآلهة وأحيانا
للجن ،وذلك حبا أوخوفا .
كلمة قربان هي كلمة سريانية ( كوربونو) وهي التقدمية التي يقدمها الانسان
لله ، أو يقدم نفسه قربانا أي تسليم قلبه ومشاعره ومشيئته.
والقربان في اللغة العربية هو مايتقرب به إلى الله تعالى في العبادة من
خلال تقديم إرادة المرء بحرية لإرادة الله مع نية الاستسلام والايمان
بالله للتقرب منه .
والأضحية والقربان هما مترادفات ، فالانسان يذبح الأضحية للتقرب إلى الله تعالى .
والقرابين منذ نشأة الحياة على الأرض
قال الله تعالى :
واتل عليهم نبأ ابني ءادم بالحق إذ قربا قربانا
صدق الله العظيم
القربان في الاسلام :
القربان في الاسلام هو كل طاعة يتقرب بها إلى الله تعالى كالصلاة والصيام
والصدقة والذبح ، ولكن لكثرة إطلاقه على الذبح فأصبح يعرف به .
القربان في اليهودية :
ان ذبح القرابين طقس إسرائيلي له موعدان ، في عيد الفصح وآخر في عيد
الغفران ، لكنهم يركزون أكثر على عيد الفصح لطابعه الخلاصي وفق النظرية
التوراتية التي تقول أن الذي دفع الرب للتدخل ، وإنهاء شتات بني إسرائيل
في مصر ، وأخذهم إلى الأرض المقدسة ، هو ذبح القربان الحيواني ، والدم هو
الدلالة على مصدر الخلاص ،بحسب زعمهم .
والهدف وراء ذبح القرابين في المسجد الأقصى بحسب الزعم التوراتي ، يعود
إلى أنه أهم طقس يهودي مندثر ، لذلك يرون في إحيائه شكلا معنويا لإحياء
الهيكل ، كما يعتبره المتطرفون من أهم دلالات الوجود اليهودي في المسجد
الأقصى .
كما تحاول جماعات الهيكل المزعوم إدخال القرابين النباتية مثل الأترج ،
الصفصاف ، سعف النخل ، ورود الآس إلى المسجد الأقصى خلال أيام عيد العرش
، وذلك لترسيخ التعامل مع المسجد الأقصى بصفته هيكلا .
القرابين البشرية :
كانت ظاهرة تقديم القرابين البشرية شائعة بشكل عام من الصين شرقا إلى
المكسيك غربا ، فشعوب الأزتك في المكسيك كانت تعبد ماتعتقد أنه إله الشمس
، وتعتقد أن الدم البشري هو قوة الحياة المقدسة التي ينبغي أن تقدم
لإلههم .
وكذلك وجد في جزيرة كارولينا في خليج المكسيك ، تمثال معدني كبير لإله
مكسيكي قديم ، وجد فيه رفات كائنات بشرية ، لاشك أنها ماتت بالحرق قربانا
لإلههم .
كان الفينيقيون والقرطاجنيون ، وغيرهما من الشعوب السامية يقدمون
القرابين من البشر للإله “ملخ” وهو إله كنعاني قديم .
تم إكتشاف بقايا تعود إلى ثمانية وستين إمرأة وستة رجال في بلاد الرافدين
في مدينة أور في إحدى المقابر التي يطلق عليها حفرة الموت ، ويرجح
العلماء أن تكون هذه الجثث عبارة عن قرابين بشرية قدمت للآلهة بالاضافة
إلى الجواري والخدم الذين كانو ا يدفنون مع ملوكهم ليخدموهم بعد الموت .
أما حضارة أمريكا وعلى رأسها حضارة الانكا فقد كانت مؤمنة أن الدم البشري
هو الطريق للغفران وللرزق وتفضل هذه الحضارات أن تكون القرابين البشرية
أطفالا لأنهم الأكثر نقاء .
وكانت القرابين البشرية تهدف إلى الحماية من الكوارث الطبيعية التي
يعتقدون أن تقديم القربان سوف يوقفها أو يكبحها حينما ترضى عنهم الآلهة .
أطفال لولايلاكو التضحيات البشرية في حضارة الانكا ، في عام 1999 م
وبالقرب من قمة بركان لولايلاكو بالأرجنتين ، تم العثور على 3 مومياوات
في حالة جيدة جدا لأطفال من الانكا ، قتلوا ضمن طقوس القرابين البشرية في
إمبراطورية الإنكا القديمة .
القرابين البشرية في اليابان :
كانت ظاهرة التضحية البشرية في المجتمع الياباني بمثابة نوع من التوسل ل
” آني ” كي يوقف المطر الغزير أو لإيقاف هزات
الأرض ، حيث كانوا يفسرون جميع ظواهر الطبيعة التي كانوا يتعرصون إليها
بالقوى الالهية وغضبها عليهم ،وأن تقديم القرابين البشرية يحميهم ويدفع
عنهم ذلك .
وكانوا يستخدمون الاجساد البشرية لبناء القلاع والجسور لوجود معتقدات
قديمة تؤمن بأن التضحية بالبشر واستخدام أجسادهم في البناء سيحقق بنية
قوية واستمرارا لهذه الأبنية .
ومن أشهر الأبنية التي شيدت بالأجساد البشرية هي قلعة ماتسوي .
القرابين البشرية في الصين :
إكتشف علماء آثار صينيون عظام أطفال وبالغين في موقع أثري بمنطقة منغوليا
الداخلية شمالي الصين ، حيث يعتقد أنها بقايا قرابين بشرية .
إكتشف علماء آثار في الصين جماجم أكثر من 80 إمرأة شابة قدمن كقرابين على
الأرجح قبل أكثر من أربعة آلاف سنة ، وعثر على البقايا في ما سمي
بالمقبرة الجماعية في موقع شيماو الأثري العائد إلى العصر الحجري الأخير
في شمال البلاد .
وتوقف تقديم القرابين في الصين عام 221 قبل الميلاد مع توحيد البلاد .
القرابين البشرية عند الفراعنة :
إن الفراعنة في بدايتهم قدموا القرابين البشرية لمختلف الآلهة ، وهذا ما
أكدته الاكتشافات الأثرية في مدينة أبيدوس ، والتي قدر العلماء وجودها
منذ خمسة آلاف سنة ، ضمت مقابر ومذابح إلهية بالقرب من مدافن الفراعنة
الأوائل .
والقرابين عند الفراعنة كانت تعرف باسم تقدمة القرابين أو “حتب دى نسو “.
إن التضحية البشرية في مصر القديمة إتخذت شكلان رئيسيان هما :
الأول : كان الضحية فيه غالبا من المجرمين وأسرى الحرب ، وفي بعض
الحالات أستخدم الضحية كأسلوب لتنفيذ عقوبة الاعدام .
الثاني : كان يتم بعد وفاة الملك ، حيث يتم قتل خدمه ومساعديه حتى
يتمكنوا من مرافقته في الحياة الأخرى ، وهذا كان سائدا في بدايات العصر
الفرعوني .
القرابين في عهد الفراعنة كانت تقدم لآلهة ظواهر الطبيعة كالخصب والقحط والسيول .
عروس النيل:
اعتقد الفراعنة أن النيل لايجري كل عام إلا بعد تقديم عروس جميلة عذراء
يزفونها إليه يوم عيد الصليب ليرضى ، وعندما جاء الفتح الاسلامي ألغيت
هذه الشعيرة الفرعونية ، وتم إستبدالها بدمية .
تقديم القرابين البشرية إرضاء وخوفا من الجن :
إن بعض المشعوذين الذين يبحثون عن الكنوز الدفينة يعتقدون أن تقديم
الأطفال قربانا يسمح لهم بأخذ الكنوز الدفينة . وهي ممارسة تعود إلى عصور
ماقبل التاريخ حينما كانت القبائل البدائية تقدم قرابين بشرية لآلهتهم .
وللأسف هذه المعتقدات لاتزال موجودة حتى الآن في بعض البلدان الافريقية ،
وفي الهند ، والمغرب ، وحتى في مصر .
يبحث المشعوذون أطفال لهم مواصفات خاصة يعرفون بالأطفال الزوهريون ،
فماهي مواصفاتهم ؟
الزوهريون هم أطفال لديهم خصائص خلقية وروحية مميزة فمثلا في كف يدهم
اليمنى يوجد خط مستقيم ومتصل يقطعها بشكل عرضي وفي عيونهم بريق خاص ،
وزعموا أن الانسان الزوهري يولد في البروج الهوائية حسب تصنيف الأبراج ،
وأنه من ولد الجن، يضعونه مكان ولد الانس فور ولادته ، وأن له دما متميزا
عن غيره .
والزوهري هو وسيط جيد بين الانس والجن فالانس تراه إنسا والجن تراه جنيا
، يعني جني بجسد إنسي .
ولذلك يستغله السحرة والمشعوذون لفتح الأقفال المرصودة من الجن واستخراج
الكنوز المدفونة ، ولعل أبرز مثال من الأدب العربي القصة المشهورة ”
علاءالدين والمصباح السحري ” ، فهي تعتبر تجسيد لقصة الطفل الزوهري
واستخراج الكنوز .
ومن بين الدول التي تعتقد في ظاهرة تقديم الأطفال كقرابين لفتح الكنوز ،
أوغندا فقد قتل حتى الآن أكثر من مائة طفل بسبب هذه الممارسات .
في مصر يتم تقديم الأطفال لفتح المقابر الفرعونية لاستخراج الكنوز
الدفينة ، فعند فتح المقابر الفرعونية ، لازم يكون في ساحر بيقولوا عليه
شيخ ، بيسموه شيخ العزيمة بمعنى قراءة الطلاسم واستحضار الجن ، بدماء
الأطفال ، ويكون كما ذكرنا سابقا طفلا زوهري لايتخطى العشرة أعوام ، ولكن
أحيانا اذا في شاب فيه نفس المواصفات يتم قتله وتقديمه قربانا .
ومن أمثلة ذلك :
أقدم أب من محافظة الفيوم على قتل إبنته ليقدمها للجن للحصول على الآثار،
كما قتل أخ أخته وقدمها قربانا للجن للحصول على آثار في محافظة القليوبية
بناء على طلب أحد الدجالين .
وقد قرر أهل العلم أن الاستعانة بالجن من الأمور الشركية وأن الجن تخاف
من الانس ، ولكن بعض الناس عن جهل يظنون أن الجن يضرونهم أو يؤذونهم
فيقدمون لهم بعض الهدايا والقرابين حتى يسلموا من أذاهم .