مصر وفرنسا علاقات إستراتيجية وطيدة تقوم علي أسس تاريخية وحضارية وثقافية وتعاون مشترك

تتمتع مصر وفرنسا بعلاقات قوية على عدة مستويات، فعلى المستوى السياسي تلاقت وجهات نظر القاهرة وباريس عبر حوارات ثنائية، حول عملية السلام في الشرق الأوسط، والوضع في لبنان، والسودان، فضلًا عن البرنامج النووي الإيراني، كما أخذت الدولتان مواقف متقاربة على مستوى عدد من القضايا، وكذلك التصدي للإرهاب.
وخلال جائحة كورونا، جمعت عدة اتصالات الرئيسين المصري والفرنسي وتباحثا خلالها حول سبل التعاون المشترك إزاء أزمة فيروس كورونا المستجد، فضلاً عن تناول الاتصالات للتطورات الأخيرة للملف الليبي، والتوافق حول ضرورة تحقيق التسوية السياسية للقضية.
ومن الناحية العسكرية، ترتبط القاهرة وباريس بعلاقات عسكرية قوية فهناك جزء كبير من تجهيزات القوات المسلحة المصرية، منذ منتصف السبعينيات، فرنسي الصنع مثل طائرات الميراج والألفاجيت والمروحية غازيل وأجهزة الاتصال والإشارة، كما أن هناك حوارًا دائمًا بين البلدين في مجال التكنولوجيا وصيانة المعدات وتبادل الخبرات، وبالنسبة إلى الجانب الفرنسي، يتطور هذا الجانب من خلال الوفد العام للتسليح DGA الذي يتبع وزارة الدفاع
تقوم العلاقات المصرية الفرنسية علي أسس تاريخية وحضارية وثقافية، فقد كان للبعثة العلمية التي رافقت الحملة الفرنسية علي مصر السبق في فك طلاسم حجر رشيد، وقراءة اللغة المصرية القديمة، وهو الأمر الذي أسهم في التعرف علي حضارة الفراعنة، وفهم ما تركوه من كتابات علي جدران المعابد وعلي المسلات، وشكلت بعثات الطلاب المصريين إلي فرنسا ركنًا مهمًا في بناء الدولة الحديثة في عهد محمد علي وخلفائه من الأسرة العلوية.
وقد حافظت مصر وفرنسا علي علاقات متميزة في العصر الحديث علي جميع المستويات ومختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها، وفي العرض التالي نتناول خصوصية العلاقات بين البلدين وتاريخ وحاضر العلاقات علي المستوي السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري.
العلاقات الثنائية بين البلدين:
وتتميز العلاقات المصرية الفرنسية بالقوة والمتانة، وشهدت منذ تولى الرئيس السيسي طفرة هائلة وكبيرة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وتشهد العلاقات بين البلدين الصديقين حالة زخم بدأت منذ زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لباريس في شهر ديسمبر 2020، وأعقبها زيارة أخرى في شهر مايو الماضى، بالإضافة إلى التواصل المستمر والدائم بين الرئيسين السيسي و ايمانويل ماكرون والتنسيق المشترك في الملفات المختلفة.
وتميزت العلاقات المصرية الفرنسية بخصوصية، حيث ظلت طوال القرنين الماضيين مسيرة مفتوحة بين باريس والقاهرة، جعلت من العمل السياسي والدبلوماسي بين البلدين ركيزة مهمة من ركائز العلاقات الثنائية.
الزيارات المتبادلة بين البلدين:
فى عام 2015 شارك الرئيس الفرنسي بصفة ضيف شرف، في تدشين أعمال توسيع قناة السويس الجديدة .
فى أبريل عام 2016 أجرى الرئيس الفرنسي زيارة مصر.
وفى أكتوبر 2017 أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي زيارة رسمية إلى باريس.
فى يناير 2019 أجرى الرئيس الفرنسي زيارة لمصر.
وفى 2020 قام الرئيس السيسي بزيارة الى فرنسا في نهاية العام الماضي، وتعد هذه الزيارة السادسة للرئيس السيسي إلى فرنسا، حيث يشارك في مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، وقمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية.
وفي مايو 2021..قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة لفرنسا للمشاركة في كلٍ من مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، وقمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية، حيث استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه.
وفي نوفمبر من ذات العام.. زار الرئيس السيسي فرنسا للمشاركة في مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا، وذلك تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسي، وفي ضوء العلاقات الوثيقة التي تربط مصر وفرنسا، فضلاً عن دور مصر المحوري في دعم المسار السياسي في ليبيا الشقيقة على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي، والتقى الرئيس السيسي على هامش المؤتمر مع ماكرون.
كما قام الرئيس السيسي في فبراير 2022 بزيارة إلى فرنسا تلبية لدعوة ماكرون للمشاركة في قمة “محيط واحد”، وزار الرئيس السيسي باريس في شهر يوليو من العام نفسه.
وزار الرئيس الفرنسي مصر في شهر نوفمبر الماضي حيث شارك في أعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ التي ترأستها واستضافتها مصر بمدينة شرم الشيخ، حيث استقبل الرئيس السيسي في شهر نوفمبر 2022، الرئيس الفرنسى على هامش انعقاد قمة المناخ بشرم الشيخ، وأشاد الرئيس السيسي، خلال اللقاء، بتطور العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، معربا عن تطلع مصر لتعزيز التنسيق السياسي وتبادل وجهات النظر مع فرنسا إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً ما يتعلق بقضايا أمن الغذاء وأمن الطاقة، والقطاعات التي تتمتع فيها فرنسا بتميز مثل النقل وصناعة السيارات الكهربائية.
العلاقات الاقتصادية بين البلدين:
وتعد فرنسا شريكا اقتصاديا بالغ الأهمية لمصر، كما تعد مصر أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للشركات الفرنسية كما تعزز في الفترة الأخيرة، خاصة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي .
وسجلت المبادلات التجارية بين فرنسا ومصر خلال الـ 9 أشهر الاولى من عام 2021 نحو مليار و 831 مليون دولار.
وتشمل أهم الصادرات المصرية إلى السوق الفرنسي، كلا من الخضراوات والنباتات والبذور الصالحة للأكل، والفاكهة والحمضيات والأسمدة والزيوت العطرية وأشغال الكروشيه، والملابس والنسيج، والألومنيوم، و بعض الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية.
فيما تضمنت أهم الواردات المصرية من السوق الفرنسية، الحبوب والمنتجات الكيميائية العضوية ومنتجات الصيدلة، وكذلك زيوت عطرية والمنتجات الكيميائية المتنوعة والألومنيوم ومصنوعاته والمفاعلات النووية، وآلات وأجهزة ومعدات كهربائية، أدوات وأجهزة للبصريات.
الاستثمارات الفرنسية:
وتعتبر فرنسا أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر كما تعد مصر ثالث أهم مستقبل للاستثمارات الفرنسية في المنطقة وتعمل في مصر نحو 140 شركة فرنسية في العديد من المجالات .
العلاقات العسكرية بين البلدين:
ترتبط العلاقات العسكرية الفرنسية المصرية بتاريخ البلدين فمنذ نهاية حملة نابليون بونابرت على مصر في عام 1798، استعان محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية التي حكمت مصر حتى 1952، بضباط فرنسيين عندما أراد تأسيس جيش مصري حديث وبحرية مصرية حديثة.
العلاقات الدبلوماسية:
وفي 1971، وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا ومصر بثماني سنوات، تم فتح بعثة عسكرية بسفارة فرنسا بالقاهرة، مع تعيين مقدم من القوات الجوية لملحق للقوات المسلحة الفرنسية في مصر.
كما شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة عقد عدد كبير من الصفقات العسكرية بين البلدين، خصوصا فيما يخص القوات الجوية والقوات البحرية.
ووقعت مصر في 2015 اتفاقية مع فرنسا لتسليم 24 طائرة رافال وفرقاطة متعددة المهام من طراز فريم، وفي العام 2016 تسلمت مصر من فرنسا حاملتي المروحيات جمال عبدالناصر وأنور السادات من طراز ميسترال، ومؤخرا أبرمت مصر اتفاقية لتوريد 30 طائرة طراز رافال، وجرى الاتفاق على تزويد البحرية المصرية بـ4 فرقاطات جونيد تم تصنيع 3 منها في مصر، وفي العام 2017 انضمت الفرقاطة المصرية الفرنسية الصنع الفاتح للأسطول البحري المصري.
قمة “ميثاق التمويل العالمي الجديد”
وتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم الأربعاء، إلى العاصمة الفرنسية باريس، للمشاركة في القمة الدولية “ميثاق التمويل العالمي الجديد”، التي ستعقد على مدار يومي ٢٢ و٢٣ يونيو الجاري.
وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن مشاركة الرئيس في هذا الحدث الهام تأتي تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، فى ضوء العلاقات الاستراتيجية الوثيقة والمتنامية، التى تربط بين مصر وفرنسا، فضلاً عن دور مصر الفاعل على مستوى الاقتصادات الناشئة بشكل عام، بما يساهم في تعزيز المبادرات الدولية الهادفة لدعم الدول النامية والأقل نمواً، وتيسير نفاذها للسيولة اللازمة لمواجهة التداعيات الاقتصادية للعديد من التحديات العالمية المتلاحقة، خاصةً تغير المناخ وجائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، وما لحقها من أزمات للطاقة والغذاء وسلاسل الإمداد، حيث ستسعى القمة إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل صياغة الآليات المناسبة لتوفير التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة في تلك الدول.
وأوضح المتحدث الرسمي، أن الرئيس يعتزم التركيز خلال أعمال قمة باريس على مختلف الموضوعات التى تهم الدول النامية، فيما يتعلق بأهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير نفاذها إلى التدفقات المالية المطلوبة، في ظل ما تعانيه هذه الدول من تحديات، نتيجة الأزمات العالمية المتصاعدة، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة تقديم المساندة الفعالة لها فى سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، بما فى ذلك التزام الدول المتقدمة بتعهداتها فى إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ، مع إلقاء الضوء في هذا الصدد على محاور الرئاسة المصرية للقمة العالمية للمناخ بشرم الشيخ COP27، وأهم الإنجازات التي تحققت في هذا الخصوص، فضلاً عن استعراض التجربة المصرية الوطنية في التعامل مع قضية تغير المناخ والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة.
كما يتضمن برنامج زيارة الرئيس، إلى فرنسا عقد لقاءات مع عدد من القادة وكبار المسئولين الفرنسيين والدوليين، للتباحث حول دفع أطر التعاون الثنائى والتشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.