المخدرات سم قاتل بقلم د/ فرج احمد فرج

المخدرات سم قاتل

بقلم د/ فرج احمد فرج

يعد تعاطي المخدرات من أخطر الآفات التي نعاني منها في عصرنا الحالي فقد انتشرت بشكل مخيف في الآونة الأخيرة، وأثرت على صحة الفرد النفسية والبدنية وغيّرت من طريقة تفكيره وسلوكياته، ولم تقتصر أضرار المخدرات على الفرد، بل امتدت لتشمل الأسرة والمجتمع بأسره، مما يعني خطر شيوع الفساد الأخلاقي، والعنف، والجريمة.

ومن هذا المنطلق .. اطلقت جماعة صحبة ورد .. بمدينة السادس من اكتوبر،صرخة للجميع تحت شعار “معا نقضي علي السم القاتل ” لابنائنا وشبابنا الذي اصبح يتساقط مع فقدان الامل والرؤية الصحيحة .. فأباح لنفسه الهروب الي الوهم والنشوة الكاذبة .. فوقع فريسة للمخدرات وبائعي الوهم بكل اشكاله .

استضاف ذو خبرة وعلم في امسية حضرها لفيف من الرجال والنساء والشباب والصغار في حديث تبادل فيه الجميع عن ماهية المخدرات واثرها وخير من يستضاف لهذه الامسية اللواء صلاح حافظ محمد مساعد وزير الداخلية ووكيل الادارة العامة لمكافحة المخدرات في عمل دؤوب استمر قرابة 35 عاما سابقا فهو عمل ميدانيا في ضبط العديد من التشكيلات العصابية والاجرامية محليا ودوليا مع اكتساب خبراته من خلال الدورات التدربية بمساعدو برنامج الامم المتحدة في مجال مكافحة المخدرات .

وبرغم ان الحديث في هذه الامور الهامة والصعبة لا تلقي قبول من قبل الجمهور ، الا ان صحبة و ورد قد جعل من هذه الامسية ان تكون في قالب انساني ومرح .

فقدم مجموعة من شباب نادي 6 اكتوبر اسكتش تمثيلي ارتجالي عن مخاطر الادمان التي قد تصل بالمدمن للموت والقتل لاقرب الناس حولة .. تحت وهم النشوة والخيال في متعة زائفة .

وقدم مجموعة من ابناءنا ” قادرون بأختلاف ” فقرة رقص شعبي تراثي من الفلكلور الصعيدي بالعصي .

وسط هذه البهجة تقبل الحاضرين الشرح المستفاض من سيادة اللواء عن تاريخ المخدرات وانواعها ومسمياتها الشائعة في المجتمع المصري .. في محاضرة منبضبطة هائة مواهتمام شديد من قبل الحاضرين .

وبدءا ذي بدء ..تحدث عن تاريخ المخدرات .

في تراث الحضارات القديمة آثار كثيرة تدل على معرفة الإنسان بالمواد المخدرة منذ تلك الأزمنة البعيدة، وقد وجدت تلك الآثار على شكل نقوش على جدران المعابد أو كتابات على أوراق البردي المصرية القديمة أو كأساطير مروية تناقلتها الأجيال. فالهندوس على سبيل المثال كانوا يعتقدون أن الإله (شيفا) هو الذي يأتي بنبات القنب من المحيط، ثم تستخرج منه باقي الإلهة ما وصفوه بالرحيق الإلهي ويقصدون به الحشيش. ونقش الإغريق صوراً لنبات الخشاش على جدران المقابر والمعابد، واختلف المدلول الرمزي لهذه النقوش حسب الإلهة التي تمسك بها، ففي يد الإلهة (هيرا) تعني الأمومة، والإلهة (ديميتر) تعني خصوبة الأرض، والإله (بلوتو) تعني الموت أو النوم الأبدي. أما قبائل الإنديز فقد انتشرت بينهم أسطورة تقول بأن امرأة نزلت من السماء لتخفف آلام الناس، وتجلب لهم نوماً لذيذاً، وتحولت بفضل القوة الإلهية إلى شجرة الكوكا. وفيما يأتي نتناول تاريخ أشهر أنواع المخدرات التي عرفها الإنسان.

ثم عرج الحديث عن انواع المخدرات الشائعة في مصر بمسمياتها التي نعرفها .

الحشيش (القنب)

القنب كلمة لاتينية معناها ضوضاء، وقد سمي الحشيش بهذا الاسم لأن متعاطيه يحدث ضوضاء بعد وصول المادة المخدرة إلى ذروة مفعولها. ومن المادة الفعالة في نبات القنب هذا يصنع الحشيش، ومعناه في اللغة العربية “العشب” أو النبات البري، ويرى بعض الباحثين أن كلمة حشيش مشتقة من الكلمة العبرية “شيش” التي تعني الفرح، انطلاقاً مما يشعر به المتعاطي من نشوة وفرح عند تعاطيه الحشيش

ومن أوائل الشعوب التي عرفته واستخدمته الشعب الصيني، فقد عرفه الإمبراطور شن ننج عام 2737 ق.م وأطلق عليه حينها واهب السعادة،

وقد عرف العالم الإسلامي الحشيش في القرن الحادي عشر الميلادي، حيث استعمله قائد القرامطة في آسيا الوسطى حسن بن صباح، وكان يقدمه مكافأة لأفراد مجموعته البارزين، وقد عرف منذ ذلك الوقت باسم الحشيش، وعرفت هذه الفرقة بالحشاشين.

والنوع الثاني المنتشر عند العرب والمصريين الافيون ،أول من اكتشف الخشاش (الأفيون) هم سكان وسط آسيا في الألف السابعة قبل الميلاد ومنها انتشر إلى مناطق العالم المختلفة، وقد عرفه المصريون القدماء في الألف الرابعة قبل الميلاد، وكانوا يستخدمونه علاجاً للأوجاع، وعرفه كذلك السومريون وأطلقوا عليه اسم نبات السعادة، وتحدثت لوحات سومرية يعود تاريخها إلى 3300 ق.م عن موسم حصاد الأفيون، وعرفه البابليون والفرس، كما استخدمه الصينيون والهنود، ثم انتقل إلى اليونان والرومان ولكنهم أساؤوا استعماله فأدمنوه، وأوصى حكماؤهم بمنع استعماله، وقد أكدت ذلك المخطوطات القديمة بين هوميروس وأبو قراط ومن أرسطو إلى فيرجيل.

وعرف العرب الأفيون منذ القرن الثامن الميلادي، وقد وصفه ابن سينا لعلاج التهاب غشاء الرئة الذي كان يسمى وقتذاك “داء ذات الجُنب” وبعض أنواع المغص، وذكره داود الأنطاكي في تذكرته المعروفة باسم “تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب” تحت اسم الخشخاش.

وقد قاومت العديد من الدول التي ادمن شعبها هذا المخدر واعلنت ما يسمي بحرب الافيون ضد الدول اللاستعمارية التي كانت تستفيد من انتشاره وادمانه .

ولكن الصين مع استمرار معاناتها من ذلك النبات المخدر اعلن ماوتسي تونج في عام 1950 برنامج فعال للقضاء علي تعاطيه وتداوله.

 

 

المورفين

وهو أحد مشتقات الأفيون، حيث استطاع العالم الألماني سير تبرز عام 1806 من فصلها عن الأفيون، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى الإله مورفيوس إله الأحلام عند الإغريق. وقد ساعد الاستخدام الطبي للمورفين في العمليات الجراحية خاصة إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في الولايات المتحدة الأميركية (1861 – 1861) ومنذ اختراع الإبرة الطبية أصبح استخدام المورفين بطريقة الحقن في متناول اليد.

الهيروين

وهو أيضاً أحد مشتقات المورفين الأشد خطورة، اكتشف عام 1898 وأنتجته شركة باير للأدوية، ثم أسيء استخدامه وأدرج ضمن المواد المخدرة فائقة الخطورة.

الكوكايين عرفته امريكا اللاتينيه قبل الفي عام وانتشر الي معظم انحاء العالم ولاتزال هذه القارة اكبر منتج له حتي الان من نبات الكوكا والتي يستخرج منه بعزل المادة الفعالة منه ويستخدم في بعض الادوية نظرا لتائيره المنشط علي الجهاز العصبي.

 

 

وانعكس التاريخ الطويل لزراعة الكوكا في أميركا اللاتينية على طرق مكافحته فأصبحت هناك إمبراطوريات ضخمة -تنتشر في البيرو وكولومبيا والبرازيل- لتهريبه إلى دول العالم، وتمثل السوق الأميركية أكبر مستهلك لهذا المخدر في العالم.

القات

شجرة معمرة يراوح ارتفاعها ما بين متر إلى مترين، تزرع في اليمن والقرن الأفريقي وأفغانستان وأواسط آسيا.

اختلف الباحثون في تحديد أول منطقة ظهرت بها هذه الشجرة، فبينما يرى البعض أن أول ظهور لها كان في تركستان وأفغانستان يرى البعض الآخر أن الموطن الأصلي لها يرجع إلى الحبشة.

عرفته اليمن والحبشة في القرن الرابع عشر الميلادي، حيث أشار المقريزي (1364 – 1442) إلى وجود “.. شجرة لا تثمر فواكه في أرض الحبشة تسمى بالقات، حيث يقوم السكان بمضغ أوراقها الخضراء الصغيرة التي تنشط الذاكرة وتذكر الإنسان بما هو منسي، كما تضعف الشهية والنوم..”.

 

وفي نهاية اللقاء .. قام بالاجابة علي كافة الاسئلة التي توجه بها الحاضرون بكل اريحية وتبسيط .. وقد قامت مجموعة صحبة ورد اهداءه درع المجموعة شكرا وتقديرا للجهد الذي قدمه للحاضرين من علم واستفادة

 

فرج احمد فرج

باحث انثربولوجيا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى