عهد جديد بين مصر وتركيا.. تجاوزا خلافات الماضي بـ “دبلوماسية المصالح المشتركة والاحترام المتبادل”

لم يأتِ إعلان مصر وتركيا اليوم الثلاثاء، عن رفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء، مفاجئًا وإنما نتيجة لجهود دبلوماسية حثيثة جرت على مدار أكثر من عامين، توجت بترشيح مصر السفير عمرو الحمامي كسفير لها في أنقرة، بينما رشحت تركيا السفير صالح موتلو شن كسفير لها في القاهرة.

وجاء القرار بترفيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في إطار تنفيذ قرار رئيسي البلدين في هذا الصدد، وتهدف تلك الخطوة إلى تأسيس علاقات طبيعية بين البلدين من جديد، كما تعكس عزمهما المُشترك على العمل نحو تعزيز علاقاتهما الثنائية لمصلحة الشعبين المصري والتركي.

وعلى مدار عامين تجاوزت العامين قدمتها الدبلوماسية المصرية بحكمتها المعهودة فى إدارة ملف الأزمة بين مصر وتركيا، وصولا للتطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين وبدء مرحلة جديدة من التعاون المشترك بعد مرحلة من الخلافات امتدت لأكثر من عقد كامل .

وتضمنت  الجهود عقد مباحثات ثنائية متبادلة على مستوى وزيري خارجية البلدين، وإجراء جولتي مباحثات استكشافية وزيارات متبادلة لوزيري الخارجية بين القاهرة وأنقرة، ساهمت في تمهيد السبيل نحو تطبيع العلاقات ووضع أسس لمرحلة جديدة بين البلدين.

السيسي وأردوغان يتصافحان فى كأس العالم

وأتاحت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي أردوغان في حفل افتتاح نهائيات كأس العالم في قطر خلال نوفمبر عام 2022، الفرصة لتتويج جهود التقارب وطي صفحة الخلافات بمصافحة الزعيمين وتبادلهما حديثا وديا، إيذانا ببدء مرحلة جديدة من العلاقات.

الرئيس السيسى والرئيس التركى أردوغان يتصافحان خلال فعاليات كأس العالم

 

مساعدة مصر لتركيا في أزمة الزلزال تعجل بتطبيع العلاقات

ولعل الأزمة الإنسانية التى شهدتها تركيا فى فبراير الماضى -جراء ضرب زلزال مزدوج جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوة الأول 7.8 درجات والثاني 7.6 درجات، تبعتهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما أودى بحياة عشرات الآلاف معظمهم في الجنوب التركي، إضافة إلى دمار هائل، وتعرض ما لا يقل عن 230 ألف مبنى للتدمير أو لأضرار بالغة في تركيا- عجلّت بتغليب الخلافات على الوضع الإنسانى الكارثى الذى شهدته تركيا فى هذا الوقت وتقريب المسافات بين الحكومات، حيث أبدت مصر تضامنها الكامل شعبًا وحكومًا مع الشعب التركى فى مصابه الأليم وهو الأمر الذى عبّر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إتصال هاتفى مع نظيره التركى رجب طيب أردوغان.

مصر تقدم مساعدات إنسانية لتركيا جراء زلزال فبراير المدمر

 

 تعزية الرئيس السيسى لأردوغان فى ضحايا زلزال فبراير المدمر

فى أعقاب الزلزال المدمر الذى ضرب بعض المناطق فى تركيا فبراير الماضى، أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث قدم التعزية في ضحايا الزلزال. وقدم التعازي والمواساة في ضحايا الزلزال المروع، الذي أسفر عن آلاف الضحايا والجرحى، مؤكداً تضامن مصر مع الشعب التركي الشقيق، وتقديم المساعدة والإغاثة الإنسانية لتجاوز آثار هذه الكارثة.

من جانبه، قدم الرئيس التركي الشُكر للرئيس على هذه المشاعر الطيبة، مشيراً إلى أنها تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي الشقيقين.

زيارة شكرى لأنقرة ضمن مسار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا

لبى سامح شكري وزير الخارجية دعوة نظيره التركى بزيارة العاصمة التركية أنقرة، حيث تستهدف الزيارة مواصلة المناقشات المرتبطة بمسار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا بما يكفل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين فى مختلف المجالات، استكمالاً للمباحثات التي أجريت بين الجانبين خلال زيارة وزير خارجية تركيا إلى القاهرة في شهر مارس الماضي، فضلاً عن التشاور حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

زيارة رسمية لوزير الخارجية سامح شكرى لأنقرة

 

وعقد سامح شكري وزير الخارجية ونظيره التركي “مولود تشاووش أوغلو” خلال الزيارة، اجتماعاً ثنائياً مغلقاً بالخارجية التركية، وأكد شكرى إن تسارع وتيرة العلاقات المصرية التركية يعكس وجود إرادة سياسية للارتقاء بالعلاقات بين مصر وتركيا فى المجالات كافة، مشيرا الى إنه من المقرر عقد قمة على مستوى الرؤساء خلال الفترة المقبلة والتى جرى التحضير لها خلال الفترة الماضية.

شكرى في أنقرة لمؤازرتها فى الزلزال

وقام سامح شكرى وزير الخارجية بزيارة هى الأولى منذ عام 2013، الى العاصمة التركية أنقرة، من أجل نقل رسالة تضامن من مصر مع الدولتين وشعبيهما، عقب زلزال 6 فبراير الذي خلف خسائر فادحة.

وزير الخارجية يزور تركيا لمؤزارتها فى زلزال فبراير

 

وأكد شكرى استعداد مصر الدائم لتقديم يد العون والمساعدة للمتضررين في المناطق المنكوبة بالبلدين، وأن مصر حكومة وشعبا، لا يمكن أن تتأخر يوما عن مؤازرة أشقائها، مثمنًا الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات المصرية ـ التركية مرة أخرى، بعد التطورات التى شهدتها العلاقات الفترة الماضية، وفتح قنوات التواصل بين الأجهزة الحكومية، فنحن ننظر إلى الأمام للتحقيق في كل ما هو في مصلحة شعبي مصر وتركيا.

مصر تقدم مساعدات إنسانية لتركيا جراء زلزال فبراير

قال وزير الخارجية سامح شكري، إن المساعدات التي قدمتها مصر لتركيا أقل ما يمكن فعله في إطار حرص مصر على رفع المعاناة عن المتضررين جراء الزلزال الذي ضرب تركيا، مشيرا إلى أن هناك توجيهات بإعطاء أولوية لمرور سفن المساعدات من قناة السويس.

مساعدات مصرية إنسانية لتركيا جراء زلزال فبراير

وأضاف شكري من  ميناء “مرسين” التركي حيث وصلت مساعدات مصرية لتركيا، أن المصريين، حكومة وشعبا وقيادة، تألموا من هذه الكارثة التي طالت الشعب التركي الصديق، مؤكدا أن مصر ستفعل كل ما بوسعها لدعم الجهود المبذولة لمؤازرة الشعب التركي، مشيرًا الى أن مصر ستواصل هذا الدعم وتسهيل وتيسير المساعدات المتجهة إلى تركيا بإعطائها أولوية مرور من قناة السويس، وهذا ناتج عن قوة العلاقة بين الشعبين المصري والتركي.

 

وأكد وزير الخارجية سامح شكري، أنه اطلع خلال المباحثات الثنائية مع نظيره التركي، فى مطار أضنة، على الأولويات المطلوبة لدى الأشقاء في تركيا، فيما يتعلق بالمساعدات، لافتا إلى أن مصر سوف تعمل على توفير ما تستطيع فى إطار السعي سواء من خلال الحكومة المصرية، والهلال الأحمر المصري، ومنظمات المجتمع المدني، لمواجهة هذه الكارثة ورفع آلام المصابين بقدر الإمكان، وتوفير سبل الإعاشة لهم.

مشاركة مصر فى تنصيب الرئيس أردوغان

وشارك سامح شكرى وزير الخارجية بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى تمثيل مصر في مراسم حفل تنصيب رئيس تركيا رجب طيب أردوغان.

وجاءت مشاركة وزير الخارجية تأتي في إطار التطور الذي يشهده مسار العلاقات المصرية التركية خلال الفترة الأخيرة، وحرص الدولتين على عودة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها بشكل كامل بما يحقق طموحات الشعبين المصرى والتركي.

بداية المحادثات الاستكشافية مصرية تركية

مسيرة عودة العلاقات المصرية التركية بدأت في مايو 2021، حيث عُقدت مباحثات دبلوماسية استمرت يومين بين مصر وتركيا في القاهرة، برئاسة نائب وزير الخارجية المصري حمدي لوزا، ونائب وزير خارجية تركيا “سادات أونال”.

ووصف بيان مشترك نشرته وزارة الخارجية، المباحثات “الاستكشافية” بأنها كانت “صريحة ومعمقة، حيث تطرقت إلى القضايا الثنائية فضلا عن عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط”.

السفير حمدى لوزا نائب وزير الخارجية خلال المحادثات الاستشكافية بين مصر وتركيا

 

وفى سبتمبر من نفس العام، أجرى السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية، الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا، والتي تناولت العلاقات الثنائية بين الجانبين، فضلا عن عدد من الملفات الإقليمية. وجاءت الزيارة استجابة للدعوة المقدمة من وزارة الخارجية التركية.

تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا

 

وأقامت تركيا علاقات دبلوماسية مع مصر في عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، ورفعت مهمتها في القاهرة إلى مستوى السفراء في عام 1948. يملك البلدان سفارات وقنصليات في عواصم الدول الأخرى. وقّع البلدان على اتفاقية للتجارة الحرة في ديسمبر عام 2005. ويُعد البلدان عضوين كاملين في منظمة الاتحاد من أجل المتوسط. ووقعت مصر وتركيا مذكرة تفاهم لتحسين ومواصلة العلاقات العسكرية والتعاون بين البلدين في 16 أبريل عام 2008.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى