منسق حوار الأديان بالأزهر سابقًا: استفزاز مشاعر المسلمين ينذر بموجة من الإرهاب والعنف

من جديد.. جدد الأزهر الشريف أعلى مؤسسة دينية إسلامية بالعالم مطالبه بالاستمرار في مقاطعة المنتجات السويدية والدنماركية، مهما كانت “صغيرة وتافهة”؛ نصرةً لدين الله وكتابه، كما دعا حكومات العالم الإسلامي ومنظماته الإسلامية لضرورة التضامن لاتخاذ موقف موحد ومدروس تجاه انتهاكات هذه الدول التي لا تحترم المقدسات الدينية، ولا تفهم إلا لغة المادة والمصالح الاقتصادية.ذلك ردًا على إصرار دولتي السويد والدنمارك على تمرير قرارات تفتح الأبواب لسياسات العداء والعنصرية المقيتة ضد الإسلام والمسلمين، والسماح للمجرمين الإرهابيين بحرق المصحف واستفزاز ما يقارب الملياري مسلم حول العالم.
وفي بيان شديد اللهجة، أكد الأزهر الشريف واتفقت معه المؤسسات الدينية، بل والأنظمة الحاكمة بالدول الإسلامية كافة، أن هذه المجتمعات كشفت عن هويتها العنصرية وتبنيها سياسات همجية تنشر العنف والكراهية والتعصب.
هل حرق المصحف حرية
يرى الدكتور كمال عبدالسلام بريقع المنسق العام السابق لمركز حوار الأديان بالأزهر الشريف في تصريحات خاصة لـ “بوابة الأهرام” أن حرق نسخ من القرآن الكريم لا علاقة له بحرية التعبير، وإنما هو تعبير عن الكراهية تجاه الإسلام والمسلمين، وهذه هي التسمية الصحيحة التي ينبغي أن يتم توصيف هذه الجريمة بها.
يتابع، حرية التعبير حق من الحقوق الأساسية التي ينبغي أن يتمتع بها الإنسان والتي يدافع عنها العقلاء والحكماء في كل مكان، ولكن هي الحرية المنضبطة التي تنتهي عند حدود حرية الآخرين، وقد أكد القرآن في أكثر من موضع حق الإنسان في اختيار العقيدة التي تريح قلبه وعقله وضميره وحقه في ممارسة المعتقد الذي يؤمن أنه يقوده إلى الطريق الصحيح؛ طريق النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة، وهي الحرية التي يحكمها العقل الذي يميز الإنسان عن سائر المخلوقات والذي أصبح بموجبه مكلفًا ومسئولًا عن أفعاله واختياراته في هذه الحياة.
حرية تعبير أم سخرية من المقدسات الدينية
يقول المنسق السابق لمركز حوار الأديان: عندما تكون حرية التعبير وسيلة للسخرية من مقدسات أتباع الديانات الأخرى والاستهزاء بهم واستفزاز مشاعرهم وإهانة مقدساتهم والتمييز ضدهم تصبح في هذه الحالة جريمة ينبغي أن يعاقب عليها القانون.
يتابع محذرًا، ما حدث في الغرب قد ينذر بحدوث انقسام بين طوائف المجتمعات الغربية والتي يعيش فيها أكثر من 50 مليون مسلم في حال تكراره واصرار الحكومات على انتهاج تلك السياسات التي أقل ما يمكن أن توصف به بأنها سياسات غير مسئولة ويعطي ذريعة لجماعات العنف لارتكاب مزيد من الجرائم في حق المسالمين، وذلك فضلا عن استفزاز مشاعر ما يزيد على 1.8 مليار مسلم يعيشون في دول متفرقة حول العالم ويعيش بينهم العديد من أتباع الديانات والطوائف المختلفة ويتمتعون بكافة الحقوق والواجبات دون تمييز ضدهم على أسس المعتقد أو الدين.
حوار مع أستاذ علم اللاهوت.. الغرب يكيل بمكيالين
هنا يلفت الدكتور كمال عبدالسلام بريقع، إلى السياسات الغربية التي تكيل بمكيالين.. فيقول: عام 2006 حين نشرت الصحف الغربية خبر حبس المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفنج ثلاث سنوات بتهمة انكار الهولوكوست أثناء زيارته للنمسا في عام 1989، وذلك في حوارين مختلفين واصفًا أن حكايات حرق اليهود في غرف الغاز حكايات خرافية، دار حوار بيني وبين أحد أساتذة اللاهوت في جامعة برمنجهام وقلت له متسائلًا: أين هذا الحكم الذي صدر ضد هذا الرجل من قيم حرية التعبير التي يتغني بها الغرب؟ وقد كانت إجابته صادمة بالنسبة لي لأنني كنت أعتقد وقتها أن كثير من الأساتذة يتمتعون بالنزاهة والحياد العلمي عند مناقشة مثل هذه القضايا، قال: إن الحكم الصادر بحقه بسبب أنه غير متخصص في التاريخ وتكلم في مسألة تاريخيه لا تدخل في نطاق تخصصه، قلت له لقد تراجع الرجل عن رأيه وقال إنه أصبح يصدق أن هتلر أعدم ملايين من اليهود في غرف الغاز وأعرب عن أسفه واعتذاره عن رأيه السابق ومع ذلك تم إيداعه في السجن لأن هيئة المحلفين اعتبرت اعتذاره أسلوبًا تكتيكيا للهروب من العقوبة، فسكت الرجل ولم يرد، وأنهيت حديثي معه أن ذلك يكشف عن سياسات الغرب التي تكيل بمكيالين وأن هناك تمييز كبير بين معاملة القصايا التي تخص المسلمين وأتباع الديانات الأخري علي الأقل في التناول الإعلامي وتعاطيه مع مثل هذه القضايا، وأننا جميعا نعرف أن هناك قوانين غربية مثل قانون معاداة السامية هي السبب في حبس ديفيد ايرفينج وأن اللوبي اليهودي المتغلغل في معظم المؤسسات في الغرب لم ولن يتقبل المساس بما يعتبره حقائق تاريخيه شبه مقدسة، لابد أن يعترف بها الجميع رغما عنهم وإلا فتهمة معاداة السامية جاهزة لوضعهم تحت طائلة القانون، كان هذا الحوار وقتها متزامنًا مع نشر الرسوم الدانماركية المسيئة للمسلمين وكانت القنوات الإعلامية في الغرب تدافع عن نشرها بنفس الحجة الواهية ، وعلي الرغم من رفض بريطانيا آنذاك إعادة نشرها مثل ما فعلت بعض الصحف في دول أخري.
تجريم التحيز تجاه الإسلام والمسلمين
يشدد المنسق السابق لمركز حوار الأديان الدكتور كمال بريقع، على ضرورة تجريم هذا التحيز تجاه الإسلام والمسلمين ولا بد أن يعمل المسلمون في الغرب علي تحقيق الاحترام المتبادل بينهم وبين أتباع الديانات الأخري.
يتابع ، الحوار القائم علي المساواة بين الطرفين ، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا هو الطريق الصحيح نحو بناء مجتمعات متماسكة تصبح التعددية فيها هي القاعدة ، والمساواة هي الشعار ، وحقوق الإنسان مضمونة للجميع دون تفريق بين أتباع ديانة وأخري ، ولن يتحقق هذا إلا من خلال ترسيخ أسس الحوار الصحيحة بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى وأن يقفوا معهم علي قدم المساواة، وأن يكون هذا الحوار حوارا مخلصا يسعي لتحقيق العيش المشترك وخلق مجتمعات آمنة ، بعيدا عن تحقيق اجندات خفية أو الانزلاق نحو دعوات مشبوهة تحت أي مسمي من الممكن أن يهدد هويات الشعوب الدينية أو الثقافية وذلك في ظل انتشار العولمة التي جعلت العالم أشبه بالقرية صغيرة، وهذا يستلزم الحفاظ علي الهوية الدينية وحمايتها من خطر الذوبان فالاختلاف سنة كونية فطر الله الناس عليها .