أنظمة الحكم بعد تطوير نظرية ميكيافيللي

أنظمة الحكم بعد تطوير نظرية ” ميكيافيللي ” ..

 

د.علي أحمد جديد

 

كان كتاب ” الأمير ” لميكيافيلي صاحب نظرية (الغاية تُبرِّرُ الوسيلة) هو الأنجح في إرشاداته للنظم الحاكمة في السيطرة على الشعوب . وكانت ومازالت هذه الأنظمة تعتمد إرشاداته ، وكانت النسبة الأكبر في اتباع إرشاداته هي الأنظمة الديكتاتورية في العالم . ومع التطور المتسارع في التكنولوجيا المتقدمة والتي انعكست بصورة مباشرة على وعي المجتمعات وتطورها ، كان لابد من ابتكار إرشادات جديدة في إحكام قبضة “الحكومات الديكتاتورية” على الشعوب ، كما جاء في كتاب (أسلحة صامتة في حروب هادئة)

للمفكر الأمريكي المعروف “نعوم تشومسكي” إذْ يُعَدُّ “تشومسكي” من أهم المؤثرين في الثورة المعرفية والفلسفة التحليلية في هذا العصر ، وتمتد آثاره وإنجازاته إلى علوم الكمبيوتر والرياضيات أيضاً ، كما يسمى “تشومسكي” أبو علم اللسانيات وله أكثر من 100 كتاباً في علوم اللغة والفلسفة والسياسة . ولعل من أوضح الإرشادات التي في كتابه وأهمها هي تلك التي تقول :

“حافظ على تشتّت اهتمامات الشعب بالمشاكل الاجتماعية الحقيقية ، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة . اجعل الشعب منشغلاً ، منشغلاً ، منشغلاً ، دون أن تترك له وقتاً للتفكير ، حتى ينصاع مثل بقيّة الحيوانات ، وعليك

العمل بطريقة يكون الشعب خلالها غير قادر على استيعاب (التكنولوجيا) والطّرق المستعملة للتحكّم به واستعباده . كما يتوجب عليك تشجيع الشّعب ودفعه لأن يكون غبيّاً ، وهمجيّاً ، وجاهلاً .. وأن تجعل الفرد يظنّ أنّه المسؤول الوحيد عن تعاسته ، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو النقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته .. وهكذا ، لينتهي إلى قناعة بأنه عوضاً على أن يثور على النّظام الإقتصادي ، يجب أن يقوم بامتهان نفسه وأن يحس بالذنب ، وتحميله كل مايعانيه ، وذلك ما سيولّد دولة اكتئابيّة يكون أهم آثارها الإنغلاق وتعطيل التحرّك !. لأنه وخلال الخمسين سنة الماضية ، حفرت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّةً لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وبين تلك التي تحتكرها وتستعملها النّخب الحاكمة . وبفضل علوم الأحياء وبيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي ، توصّلت “الأنظمة” إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي . فأصبحت هذه “الأ نظمة” قادرة على معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرفه هو عن نفسه ، وهذا يعني أنّ الأنظمة – في أغلب الحالات – باتت تملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم” .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى