الدبلوماسية السعودية… من مقتل خاشقجي إلي الوساطة الدولية:-
إعتمدت المملكة العربية السعودية مؤخراً دبلوماسية أكثر إنفتاحاً من تلك التي شهدناها خلال سنوات حكم الرئيس دونالد ترامب للولايات المتحدة الأمريكية والتي أظهرت ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) بالتابع للسياسات الامريكية ومنفذ السياسة الخارجية لأمريكا في الشرق الأوسط ولكن الأمر إختلف مع صعود الرئيس جو بايدن للحكم وتراجعت علاقات امريكا والسعودية قليلا في عهده أو لم تستمر بذات القوة مع ترامب، وفي المقابل شهدت الدبلوماسية السعودية تطور جديد يتمثل في عودة العلاقات مع إيران وتركيا وقطر بعد قطيعة إستمرت لسنوات وكذلك تطورت العلاقات السعودية مع روسيا، وبالاضافة الي الجهود الكبيرة التي تبذلها في الوساطة بين الدول وعقد مؤتمرات دولية واقليمية لا سيما في مجال الاقتصاد وكذلك الامن والسلم الدوليين.
ساعدت العلاقة المتوازنة للسعودية مع اوكرانيا وروسيا لقبولها كوسيط بينهما، فهنالك جهود محسوسة للسعودية لوقف هذة الحرب والحد من عواقبها الانسانية فقد إستطاعت التوسط في عملية تبادل الأسرى بين الدولتين، ويمكن القول أن نجاح عملية تبادل الأسرى هذة هو ما أبرز أمكانية السعودية في لعب دور الوساطة في اهم حرب في هذا القرن خاصة وأن أثرها يقع علي العالم بأسره فمنذ بداية الحرب أرتفعت اسعار الحبوب والنفط في العالم كما أن تهديد روسيا بإستخدام السلاح النووي ينذر بكارثة إنسانية قد تكون الأصعب علي الكوكب.
وفي الايام القليلة الماضية جمعت السعودية أكثر من40 دولة في اطار مواصلة جهودها للتوسط بين أوكرانيا وروسيا الإ أن روسيا لم تحضر هذة الإجتماعات وإكتفت بالأطلاع علي النتائج والواضح أن روسيا لا تفكر في مفاوضات جادة في الوقت الراهن بقدر التقدم العسكري علي أرض المعركة بخلاف أوكرانيا والتي تسعى الي حل النزاع من الخارج بالطرق الدبوماسية تارة وتارة أخرى بالدعم العسكري من الدول الحليفة كما أن أوكرانيا تسعى لعزل روسيا عالميا بالحصول علي تأييد الدول لها وإدانة روسيا علنا بالإضافة الي أن أوكرانيا تحمل شروطها للتسوية في كل المبادرات وهي شروط المتقدم في الحرب وليس الذي في موقف المدافع وهذا ما يفسر عدم رغبة روسيا الجادة في خوض تفاوض مع اوكرانيا حتى لو كانت اوكرانيا صاحبة حق فمن الضروري قلب المعركة لصالحها حتى تحصل علي اشتراطاتها من روسيا، وربما تتطلب هذة الوساطة في المسقبل القريب أن تصيغ السعودية وشركائها بنود التفاوض والضغط علي الطرفين لإنهاء هذة الأزمة وعقد مفاوضات أكثر موضوعية بدلاً عن صيغة المؤتمرات الدولية أو كما تعرف ب دبلوماسية المؤتمرات.
وفي نفس الإطار نجد أن السعودية تتوسط بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في أزمة السودان التي ايضا تنذر بكارثة إنسانية أخرى في القارة السمراء خاصة وأن السودان يعاني من الفقر وهشاشة الأمن، وقد استطاعت السعودية الجمع بين ممثلين للجانبين المتحاربين في جدة وتوقيع اتفاقيات خاصة بوقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية ولكن هذة الاتفاقيات كانت تخترق في كل مرة ولم يلتزم بها الطرفان ويتهم كل منهما الاخر في خرقها مما جعل السعودية تعلق هذة المفاوضات وإعادتها مرة أخرى.
لا يمكن لأحد أن ينكر جهود الدبلوماسية السعودية في حل الكثير من الأزمات العالمية والمحلية ،ولكن ما يؤخذ علي المملكة العربية السعودية سجلها من الجرائم الإنسانية لا يمكن أن تسقط بالتقادم ك(مقتل خاشقجي) فمن الجدير للسعودية وهي تسعى أن تلمع من صورتها دوليا أن تقدم كل من له يد في الجرائم الي محاكمة عادلة فهكذا يكون طي الصفحات وليس بالتناسي، وليس ببعيد حرب اليمن التي قادتها السعودية وهي تحاول اليوم مسحها من الذاكرة بتقديم دعم مالي لسد عجز الموازنة في اليمن والتحدث عن حرب اليمن بين كنزاع بين الحكومة وجماعة الحوثيين دون ذكر عاصفة الحزم التي فاقمت من الوضع الإنساني والإقتصادي والأمني في اليمن.