تعليممقالات

دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة

بقلم أ/ عبير ابراهيم سماحة

تُعتبر برامج الطفولة المبكرة أساسًا حيويًا لتطوير ونمو الأطفال في المراحل الأولى من حياتهم. واحتراماً لمبدأ التنوع والشمولية، يجب أن تكون هذه البرامج مفتوحة أمام جميع الأطفال، بما في ذلك الأطفال من ذوي الاعاقة . يسعى دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في هذه البرامج إلى تحقيق التنمية الشاملة لهم وضمان توفير الفرص المتكافئة لجميع الأطفال.
كما تعد برامج الطفولة المبكرة من العوامل الحاسمة في بناء أسس التنمية والتعليم للأطفال.و تسعى هذه البرامج إلى توفير بيئة تعليمية تحفيزية ومحببة تسهم في نمو الأطفال وتطورهم في مراحلهم الأولى من الحياة. واعتبارًا من القرن الواحد والعشرين، تزداد اهتمامات المجتمع العالمي بتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والاستدامة، وهذا يعني ضرورة دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في هذه البرامج.
إليكم نظرة على أهمية دمج الأطفال ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة وفوائده فدمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة يحمل العديد من الفوائد للأطفال والمجتمع على حد سواء.

وتتلخص الاهمية في النقاط التالية :-

1. تعزيز التنمية الشاملة:
يتيح دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة الفرصة لتطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية والحركية واللغوية بجانب أقرانهم الأخرين. هذا يساعد في تعزيز تنمية الطفل بشكل شامل وتجهيزه للتفاعل مع المجتمع بفعالية في المستقبل.

2. تعزيز التفاهم والاحترام:
من خلال تجربة التعامل مع الأطفال من ذوي الاعاقة في سن مبكرة، يتعلم الأطفال الأخرى قبول الاختلاف وتطوير التفاهم والاحترام تجاه الأفراد الذين يمكن أن يكونوا مختلفين عنهم.

3. دعم الأسر:
يعمل دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة على تقديم دعم إضافي لأسر هؤلاء الأطفال. يمكن للأهل الاستفادة من المشورة والتوجيه من قبل محترفي التعليم والصحة النفسية لتلبية احتياجات أطفالهم بشكل أفضل.

4. تحقيق مبدأ التكافؤ:
يمثل دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة تطبيقًا عمليًا لمبدأ التكافؤ وتعزيز حقوق الإنسان. يجب أن يكون لكل طفل، بغض النظر عن قدراته الخاصة، الفرصة للتعلم والنمو والمشاركة في المجتمع.

5. تأهيل المجتمع:
يمكن أن يسهم دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة في توعية المجتمع بأهمية التنوع والتفاهم. يمكن للمجتمع أن يتعلم كيفية دعم الأفراد الذين يواجهون تحديات والمساهمة في تحقيق التكافؤ.
وبعد عرض اهمية دمج الاطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة ، نجد سؤال يطرح نفسه وهو كيف يمكن تحقيق دمج فعال للأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة؟ ؟ ونجد أن ذلك يتحقق من خلال مجموعة من النقاط وهى :-
– **التخطيط المبكر:** يجب أن يتم التخطيط لاستقبال الأطفال من ذوي الاعاقة في مرحلة مبكرة، بما في ذلك تقديم الدعم والتكيفات اللازمة في البنية التحتية والمواد التعليمية.

– **التدريب والتأهيل:** يجب توفير التدريب والتأهيل للمعلمين والموظفين لضمان تقديم الدعم والرعاية اللازمة للأطفال من ذوي الاعاقة.

– **التواصل والشراكة:** يجب تعزيز التواصل بين المعلمين وأهل الأطفال للتعرف على احتياجات كل طفل بشكل فردي وضمان تلبيتها.
– **تقديم الدعم الفردي:** يجب توفير الدعم الفردي للأطفال من ذوي الاعاقة حسب احتياجاتهم، سواء كان ذلك من خلال معالجين أو مختصين في التعليم الخاص.
ومن المصطلحات الحديثة في مجال الدمج نجد مصطلح انتشر أخيرا وهو التعليم الدامج ،
فالتعليم الدامج هو نموذج من نماذج التعليم يهدف إلى دمج الطلاب الذين لديهم احتياجات تعليمية خاصة أو اعاقات في البيئة التعليمية العامة مع زملائهم الأقران الذين ليس لديهم هذه الاحتياجات. ويعتبر التعليم الدامج نموذجًا هامًا في مجال التعليم يعمل على تعزيز التسامح والمساواة وتوفير فرص تعليمية عالية الجودة لجميع الطلاب. ويتطلب نجاحه تعاوناً وجهوداً مشتركة من المعلمين والمدرسين والأهل والمجتمع بأسره.يهدف هذا النموذج إلى تعزيز التفاهم والتسامح وتقبل الاختلافات في المجتمع وتوفير فرص تعليمية متساوية لجميع الطلاب.
و إليكم بعض الجوانب الهامة التي يهدف اليها التعليم الدامج:

1. **تقديم التعليم المخصص:** في التعليم الدمج، يتم تقديم التعليم الخاص بالاحتياجات الخاصة للطلاب الذين يحتاجون إليه داخل البيئة التعليمية العامة. يشمل ذلك توفير خدمات دعم إضافية، مثل معلمي التعليم الخاص ومستشاري السلوك.

2. **الاحترام والمساواة:** التعليم الدمج يعتمد على مفهوم المساواة والاحترام بين جميع الطلاب بغض النظر عن احتياجاتهم الخاصة. يتم تشجيع التفاعل الاجتماعي بين الطلاب وتشجيع الاندماج الاجتماعي.

3. **تقديم دعم متعدد المستويات:** يعني التعليم الدامج توفير دعم متعدد المستويات للطلاب، بما في ذلك الدعم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي. يهدف ذلك إلى مساعدة الطلاب في تحقيق أقصى إمكاناتهم.

4. **التعلم من خلال التفاعل:** يشجع التعليم الدمج على التعلم من خلال التفاعل مع الزملاء. يمكن للطلاب الاستفادة من تجارب أقرانهم وتطوير مهارات التعاون والتفاوض.

5. **تحقيق التنوع والشمولية:** من خلال تقديم فرص التعليم لجميع الطلاب، بما في ذلك أولئك الذين لديهم اعاقة، يمكن تحقيق التنوع والشمولية في البيئة التعليمية والمجتمع بشكل عام.

6. **التحديات والاحتياجات:** يجب مراعاة أن هناك تحديات تواجه تنفيذ التعليم الدمج، بما في ذلك توفير الدعم اللازم للمعلمين وضمان تلبية احتياجات الطلاب بشكل فعال.
التعليم الدَمْجي في نطاق الممارسة
يجب أن تعمل إستراتيجيات التعليم الدَمْجي على تمكين الهياكل التعليمية والأنظمة وطرق التدريس من تحقيق احتياجات جميع الأطفال، خاصة هؤلاء الذين يواجهون معوقات كبيرة في الحصول على حقهم في التعليم.
لا يوجد هناك “شكل” أو “نمط” واحد ثابت لما تكون عليه المدرسة الدامجة أوالأسلوب التعليمي . ويُمْكن أن يبدأ التدخل لتحقيق التعليم الدَمْجي بمجموعة معينة من الأطفال المستبعدين (من ذوي الإقليات العِرقية أو المعاقين) أو بمدرسة / بمجموعة من المدارس أو بوزارة التعليم أو بمجموعة من السياسات
و. يجب أن تؤدي أساليب التدخل للتعليم الدَمْجي إلى تطوير في إتاحة الفرص للأطفال المستبعدين من المدرسة وزيادة خبرات الأطفال الموجودين داخل المدرسة.كما يجب أن يستفيد جميع الأطفال من تعليم دمجي مُخَطط له جيدا.ً وبما أن الحكومات هى أول من يتولى المسئولية لجعل التعليم متاحاً ومفيداً للجميع، فإن السياسات والأنظمة التعليمية على المستوى القومي هى المستهدف الرئيسي من أجل الإصلاح.

الأسس التي يعتمد عليها تطوير المدارس الدامجة والهياكل التعليمية :
• الدَمْج هو عملية مستمرة ومتواصلة وليست مجرد حَدَثْ يحدث لفترة معينة ولمرة واحدة وينتهى
• تقييم أسباب وكيفية إستبعاد الأطفال من الأنظمة التعليمية ، سواء من فرص الحصول على مكان في المدرسة أو من المشاركة لمن هم داخل المدرسة . تلعب إتجاهات التفكير عند الكبار دوراً فاعلاً في هذا.
• تقييم لأدوار ومسئوليات من يتولوا المسئولية في حصول الأطفال على حقهم في التعليم من خلال إسلوب دمجي
• دعم واستمرارية مشاركة الأطفال والمعلمين وأولياء الأمور وأعضاء المجتمع المحلي في العمل في المدارس.
• التعرف على معوقات التعلم لجميع الأطفال والتقليل منها (بدلا من مجرد تطوير خدمات مستقلة لمجموعة واحدة من الأطفال.
• توفير مناهج متاحة للجميع، وتدريب مناسب للمعلمين، وإتاحة كاملة للمعلومات وتوفير البيئة المناسبة وتوفير الدعم للمعلمين وللطلاب أيضا

وفي الختام، يعتبر دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة استثمارًا في المستقبل. يخدم هذا الدمج مصلحة الأطفال والأسر والمجتمع بأسره من خلال تعزيز التنمية الشاملة وتشجيع التفاهم والاحترام وتحقيق مبدأ التكافؤ. إن توجيه الجهود نحو تعزيز دمج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في برامج الطفولة المبكرة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على مستقبل هؤلاء الأطفال ومجتمعنا بأسره.
كما يمكن أن يكون دمج الأطفال من ذوي الاعاقة في برامج الطفولة المبكرة نموذجًا ناجحًا للتعليم المتساوي والشمولي، حيث يمكن للأطفال جميعهم أن يتطوروا وينموا بصورة صحية وإيجابية مع تقديم الدعم والفرص المناسبة لهم.

المراجع
منظومة التعليم الامارتية 2015 – 2017
دمج الطفل العربي ذي الإعاقة في التعليم والمجتمع، دليل استرشادي، المكون الأول: المفاهيم والمواثيق والتجارب، المجلس العربي للطفولة والتنمية , 2016.
دمج الطفل العربي ذي الإعاقة في التعليم والمجتمع، دليل استرشادي، المكون الثاني: تصور مقترح للتعليم الدمجي والمعايير والأدوار، المجلس العربي للطفولة والتنمية , 2016
دمج الطفل العربي ذي الإعاقة في التعليم والمجتمع، دليل استرشادي، المكون الثالث: التعليم الدمجي للأطفال ذوي الإعاقة، المجلس العربي للطفولة والتنمية , 2016.
نظام القياس و التقييم و البرمجة للأطفال دون عمر السادسة (AEPS)، ديان بريكر , ترجمة أحمد التميمي , الشارقة , مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية, 2015 .
الإطار العام لسياسة التعليم الدامج في دولة الإمارات العربية المتحدة 2013.
Inclusive education policy statement Queensland Government
A guide for ensuring inclusion and equity in education, UNESCO 2017
http://www.schoolsparks.com/kindergarten-readiness-test

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى